ما بين البقاء في ألمانيا والعودة إلى سوريا
١٢ يناير ٢٠٢٥منهم من كان يرفض الحديث والبعض يقول أنه جاء فقط بغرض الزيارة وليعيش الفرحة مع أهله، ورؤية احتمالية العودة إلى سوريا بشكل نهائي. والبعض الآخر جاء من أجل القيام بمبادرات تساعد سوريا على المدى القريب والبعيد. هذه كانت آراء بعض السوريين الذي التقى بهم موقع مهاجر نيوز.
أحدهم هو المهندس المدني السوري محمد الذي غادر سوريا عام 2015 عندما اشتد قصف نظام الأسد والطيران الروسي على مدينته حلب.
يقول محمد: "عندما غادرت سوريا عام 2015 شعرت أنني مسلوب العائلة والمدينة والجامعة والأحباب والأصدقاء ولكن هذه خطوة كان لابد منها، لأن أي سوري في داخل سوريا كان معرضاً أن يكون سجيناً في أحد سجون النظام كسجن صيدنايا. حينها خرجت إلى سجن الاغتراب، وقضيت أياما في الغربة أنام كأي مغترب تبلل دموعه المخدة التي يضع راسه عليها."
عندما حررت مدن سوريا من نظام الأسد وسيطرت فصائل الثوار على أرض سوريا مجددا عاد الكثير من السوريين لزيارة مدنهم وكان المهندس محمد واحد من هؤلاء. ففي الثالث والعشرين من ديسمبر/كانون الأول دخل محمد مدينته التي ولد وترعرع فيها حلب.
يقول محمد: "شعوري عندما دخلت سوريا كان كحال طفلاً يتيماً فقد أبويه وفجأة عادوا إلى الحياة ووجد نفسه بينهم. دخلت مدينتي حلب بشعور العزة والتفاؤل فرغم كل الدمار الذي رأيته إلا إنني كنت متفائلا لأن وطني أصبح محررا من نظام دمره واستباح كل ما فيه وسلب خيراته". ربما لا يفكر محمد بالعودة إلى وطنه بشكل نهائي في الوقت الحالي لكن ذلك لا يمنعه من التفكير بأبناء وطنه الذين تشردوا بسبب الحرب كما يقول "اليوم ليس لدي أي مانع أنا وزملائي المهندسين السوريين أو الألمان ان نبني حَجرة حَجرة حتى تتمكن عائلة ما زالت مشردة تعيش في الخيام العيش في منزل متواضع يُجنبها برد الشتاء وحرارة الصيف."
محاولات لخلق صداقة بين براونشفايغ الألمانية وحلب السورية
الشاب السوري ذو السابعة والعشرين من العمر والذي يقيم في مدينة براونشفايغ الألمانية واحد من السوريين في الخارج الذين يقدمون مساعدات لوطنهم عبر مبادرات فردية "لقد تكلمت مع أحد الدكاترة في جامعتي التي درست فيها و ننوي مساعدة طلاب كلية الهندسة المدنية بالمعدات التي تساعدهم في الدراسة وسبل البحث الإلكتروني الذي يسهل لهم عملية التعليم". لا تقتصر المساعدات على المعدات فحسب، بل يريد محمد نقل خبراته التي حصل عليها في ألمانيا لأبناء بلده "أيمكننا تقديم محاضرات بشكل إلكتروني عن بعد. كما أننا ننوي إقامة صداقات بين جامعة براونشفايغ وجامعة حلب وخصوصا فرع الهندسة المدنية".
من منصة مهاجر نيوز يوجه محمد رسالته للسوريين في الخارج عموما وفي ألمانيا خصوصا: "لا تستهينوا بأنفسكم فجميعنا قادر على المساهمة حتى لو بشكل فردي فأحيانا تكون المساعدات الفردية فعالة أكثر وتتم بشكل أسرع من أن تأخذ المسار الرسمي الذي تعتمده الدول. فعلى كل من يستطيع المساعدة حتى لو بكلمة يجب عليه المساعدة اليوم من أجل إعادة إعمار سوريا على كافة الأصعدة."
كل السوريين في الخارج مطلوب منه اليوم مساعدة وطنهم الأم – كلّ في مجاله. يقول الشاب السوري: "كمهندس مدني ممكن أن أقدم مخطط لجعل السير في مدينة حلب أفضل و لإنهاء الازدحامات فيها وتقديم مخطط لتنظيم المدينة. كما سأتحدث مع شركتي لكي نفتح فرعنا الأول لشركتنا داخل سوريا. ويمكن لجميع السوريين في الخارج النظر إلى احتياجات أهلنا في الداخل كل حسب مقدرته. فمثلا في المجال الطبي يمكن إرسال معدات طبية تسهل العلاج داخل الأراضي السورية بشكل أفضل."
ماذا عن قرار العودة نهائيا؟
لا ينصح المهندس المدني السوريين في الخارج بالعودة إلى سوريا وخصوصا الذين لديهم أعمال وناجحين بها خارج سوريا: "لست من أنصار فكرة عودة السوريين إلى وطنهم خصوصا العاملين الناجحين. فوجودنا في سوريا لن يفيدها وذلك لأنه ليس لدينا أي إمكانيات ونحن بالداخل، إنما وجودنا في ألمانيا سيساهم في مساعدة البلدين ألمانيا التي استقبلتنا واحتضنتنا، وكذلك بلدنا الأم سوريا التي تحتاج مساعدتنا."
أما الشابين السوريين عبدالله ويامن اللذين ينحدران من شرق سوريا والتقاهم موقع مهاجر نيوز في المسجد الأموي الكبير بدمشق أكدوا أنهم قد يعودون بشكل كلي إلى وطنهم الأم سوريا، ولكن هذه العودة مشروطة بأن يكون شرق سورياً تحت إدارة الحكومة السورية فقط وأنهم الآن جاؤوا فقط لغرض الزيارة ويتوجب عليهم العودة إلى عملهم في ألمانيا. فيامن يعمل في مجال البناء أما عبدالله فيعمل في مجال الخدمات اللوجستية. يقول الشابين السوريين: "لا نفكر حاليا بالعودة إلى سوريا، فسوريا تحتاج إلى مواردها بالكامل حتى يتمكن السكان من العودة الآمنة والطوعية إلى ديارهم. وعندها سنعود حتماً إلى وطننا الأم."
مصير سوريا المستقبلي للمهندس المدني واضح جداً. يقول محمد وهو واحد من آلاف السوريين الذين يتفائلون بالمستقبل القادم: "أنا متفائل جدا وهذا مالمسته أيضا في الشارع السوري عندما تجولت في مدينتي حلب." ويَختتمُ الشاب السوري حديثه بجملة واحدة: "سوف نبنى بلدنا ونرتقي بها – فسوريا ستكون منارة للعالم من جديد!"
محمد ربيع