"ماراثون بغداد".. رسالة حب وسلام من عاصمة الرشيد
٧ مارس ٢٠١٣منذ أشهر طويلة يقضي الشاب احمد السلطان جل وقته في حضور المؤتمرات والتنسيق المكثف في البحث عن أكبر عدد من منظمات المجتمع المدني الداعمة لمشروعه من داخل العراق وخارجه، إذ يطمح الشاب العراقي، وبالتعاون مع بعض هذه الجهات، إلى تنظيم "ماراثون بغداد من أجل السلام" لعام 2013، بإشراك رياضيين ومواطنين من مختلف الجنسيات والأديان والمذاهب والقوميات في العراق. ويقول سلطان، منسق ماراثون بغداد للسلام لعام 2013: "الماراثون يهدف إلى نشر السلام ونبذ العنف الذي شهده بلدي بعد عام 2003". ويضيف أنه يحاول من خلال هذه الفعالية "محو مخلفات تلك المرحلة الدامية من ذاكرة العراقيين (...). الماراثون يخلق فرصة للتعارف والحوار بين المتسابقين".
وعن سبب اختيار الماراثون للتأكيد على أهمية التعايش السلمي لبلده يقول سلطان (26 عاماً)، في حديث لـ DW عربية: "نؤمن بأن الرياضة تعني الصداقة والوفاء وهي تجمع أكبر قدر ممكن من الناس على اختلاف أعمارهم وأجناسهم وانتماءاتهم الدينية والمذهبية والقومية".
وعن أهداف الماراثون الأخرى يضيف المنسق الذي بدا منشغلاً بعض الشيء بالتنسيق مع ممثل إحدى منظمات المجتمع المدني في بغداد عبر حاسوبه المحمول: "اعمل جاهداً على إنجاح هذا الحدث الهام من أجل نقل صورة سلام واضحة للعالم مفادها أن العراق دولة مدنية حرة تنبذ جميع أشكال العنف وتطمح إلى دخول السلم والعلم بعيداً عن عسكرة المجتمع".
وكان سلطان قد نجح في إقامة سباق الإعلان عن "ماراثون بغداد السلام 2013" مطلع شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وهو عبارة عن ماراثون تحضيري في جامعة بغداد والذي شارك فيه نحو 400 متسابق من مختلف الأعمار من العاصمة بغداد والمدن العراقية الأخرى.
تعزيز دور السلام
من جانبه يقول علي صاحب، ممثل مركز المعلومة للبحث والتطوير، وهي إحدى منظمات المجتمع المدني في بغداد والداعمة لماراثون بغداد، إن "إيماننا كبير جداً بأهمية هذا الحدث الرياضي في تعزيز دور السلام في العراق. لذلك ندعم الماراثون إعلانياً".
ويضيف صاحب (25 عاماً) بالقول: "مهمتنا تتركز في الحفاظ على مسار الماراثون في تحقيق هدفه نحو السلام، وكذلك البحث عن جهات داعمة للماراثون مادياً وإعلامياً". ومن أجل هذا الغرض ستأخذ المنظمة على عاتقها تقديم كافة المتعلقات اللوجستية للمتسابقين، كتوفير الحماية لهم والطبابة وغيرها.
ويذكر صاحب كيف وحدت رياضة كرة القدم جميع العراقيين أيام فوز المنتخب الوطني العراقي بكأس أمم آسيا عام 2007، منوهاً إلى أن: "أهدافنا تتركز على زرع روح السلام في العراق كما فعل منتخبنا الكروي". وشهد العراق احتفالات كبيرة إبان فوز المنتخب الأول بكاس أمم أسيا، إلى حد أن مختصين أقروا بأن الرياضة فعلت ما لم تفعله السياسية في رص صفوف الشعب في دولة كانت تعاني من مشاكل أمنية وإدارية كبيرة.
أما شذى ناجي رئيسة منظمة "نساء من أجل السلام" وهي إحدى منظمات المجتمع المدني والجهة المسؤولة عن إقامة ماراثون بغداد 2013، فذكرت بأن "الماراثون سيجعل بغداد داراً للسلام من حيث مشاركة مختلف مكونات وأطياف الشعب العراقي في هذا الحدث الرياضي".
دعوة لكسر حصار المقاطعة
وعن هدف منظمتها من دخول اللجنة التحضيرية للماراثون تضيف ناجي في حديثها مع DW عربية: "نحاول أن ندعو المنظمات والشركات الإقليمية والأجنبية إلى زيارة العراق بعد عقود من المقاطعة". وتأمل شذى أن يكون الماراثون "نقطة البداية لتحول البلاد نحو التقدم والانفتاح".
وشهد العراق عزلة دولية خلال العقدين الماضيين، إذ عانى البلد من حصار اقتصادي فرض عليه من تسعينات من القرن الماضي، ثم ما لبث أن قادت الولايات المتحدة تحالف دولي لتحرير العراق في عام 2003 أدى إلى إسقاط النظام العراقي، وما تبعها من ظروف أمنية غير مستقرة، جعلت العراق بعيداً عن محيطه الخارجي.
ويبين نيكولا فسكونتي، رئيس رياضة اللاعنف الايطالية والداعمة أيضاً لماراثون بغداد أن "الرياضة من أهم الوسائل التي تجمع الناس مع بعضهم البعض وتبني مجتمع مدني سلمي يحترم القوانين. نريد أن نعكس صورة بغداد بأنها مدينة للسلام وليست كما هي معروفة عالمياً بأنها مدينة يسودها العنف والإرهاب. وهذه هي الرسالة التي يجب على ماراثون بغداد أن يحملها إلى العالم أجمع".
ويوضح فسكونتي في حديث مع DW عربية أن الإعلام ينقل دائماً صورة داكنة عما يجري في العراق، و"يتغاضى عن مختلف الأمور الإيجابية التي يعيشها البلد من حيث ممارسة الناس لحياتهم بشكل طبيعي، وهو ما لمسته على أرض الواقع عند قدومي إلى العراق".
يشار إلى أن الماراثون سينطلق مطلع العام المقبل في بغداد بمشاركة متسابقين ومتسابقات توزعوا على العراق وعدد من الدول العربية والأوربية. وسيتسمر الماراثون لمدة يوم واحد، وسيقطع المتسابقون مسافة 42 كيلومتراً.