مبادرة ألمانية من أجل دعم الحوار الفلسطيني الإسرائيلي
عقد اللقاء في بداية شهر أبريل / نيسان من العام الحالي واستمر حتى 13 من نفس الشهر. وبدأت أعماله في مدينة ميونخ حيث التقت المجموعة بممثلين عن معهد الصحافة الدولي وصحفيين من كبريات الصحف الألمانية، ثم انتقلت المجموعة إلى مدينة برلين، وشمل برنامجهم زيارة لبعض المعالم التاريخية الألمانية.
وطلب القائمون على المشروع من المشاركين بهذا اللقاء في أكاديمية الصحافة الألمانية في ميونخ أن يقوموا بإنتاج صحيفة اسمها "الجسر" The Bridge، تتكون من مقالات نقدية باللغة الإنكليزية حول موضوع "وسائل الإعلام والنزاعات".
مقالات استفزازية
تماشى معظم الصحفيين مع خطة الصحيفة. فكتب صحفي تعليقًا ناقدًا عن دور الصحيفة الإسرائيلية الكبرى في زيادة حدة أزمة الشرق الأوسط. كما تناول صحفيون آخرون موضوع الدور الإيجابي للصحافة الثقافية والموسيقى في التغلب على الأزمة والتشجيع على العمل المشترك. لكن بعض الصحفيين الإسرائيليين والفلسطينيين قاموا بكتابة مقالات هجومية بدل المقالات التي تمارس النقد الذاتي ونقد وسائل الإعلام.
تصدرت الأزمة الإسرائيلية-الفلسطينية هذا العمل من خلال عناوين استفزازية مثل "المذبحة في جنين - لم تحصل قط"، وكذلك من خلال مقالات مكتوبة بأسلوب ركيك، تتناول موضوع بناء الجدار الإسرائيلي الفاصل. ولكن بدلاً من أن تؤدي هذه المقالات إلى زيادة عمق الهوة بين الوفود الثلاثة، قام حوار نقدي، وحد لفترة قصيرة صحفيي كل الوفود، ممن لديهم مواقف متشابهة. وحتى الآن لم يتم تحديد موعد إصدار الصحيفة.
برنامج زاخر
بعدما استمرت الإقامة ثلاثة أيام في ميونخ، أجريت خلالها لقاءات ومناقشات مع ممثلين عن معهد الصحافة العالمي وصحيفة زود دويتشة تسايتونغ، انتقلت المجموعة إلى برلين. وعلى جدول الأعمال كان يوجد زيارات لأهم المؤسسات الألمانية التاريخية والسياسة والثقافة. مثلت زيارة بيت مؤتمر فان سي - حسب رأيي - أهم محطة لهذا اللقاء الثلاثي. فلأول مرة أدرك الكثير من المشاركين الفلسطينيين حجم الإرهاب الذي تعرض له اليهود في أوروبا. إذ لم يستطع بعضهم حبس دموعه.
حتى وإن كانت هذه الزيارة تشكل مستوًى جديد للتضامن ما بين المشاركين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإنها أكدت في الوقت عينه على التضافر النوعي للشعبين الألماني واليهودي. حيث أعقبت جرائم النازيين سنوات عديدة من الإصلاح والتكفير عن تلك الجرائم والعلاقات المشتركة على مستويات عديدة.
ألمانيا – إسرائيل
لقد تميزت العلاقات الألمانية الإسرائيلية لأسباب تاريخية بخصوصية من كل النواحي. وبالنظر إلى ذلك كان انزعاج المشاركين الفلسطينيين في بعض المواضع طبيعيًا جدًا. وبكل صراحة قال أحد المشاركين: "نشعر أننا العجلة الخامسة في عربة".
وجه بعض المشاركين الفلسطينيين انتقادهم، إلى أن اهتمامات البرنامج وممثلي المؤسسات الألمانية تركزت أثناء الزيارات على الضلع الألماني-الإسرائيلي في المثلث، وحتى على ما هو ألماني-يهودي في هذا اللقاء الثلاثي، متجاهلةً الطرف الفلسطيني بشكل واضح.
ولفت أحد المشاركين الأنظار إلى أنه لم يتم قط، في كلمة استقبالية القيت أثناء زيارة أحد أهم المؤسسات الحكومية، استخدام المفردات "فلسطين، فلسطينيون، فلسطيني".
الشريك الفلسطيني
لقد دخل المتحدث الألماني في الحديث بأحسن النوايا، بيد أنه أثبت إثباتًا قاطعًا وبشكل غير مباشر من خلال كلمته التي استمرت طيلة عشر دقائق، أن الألمان لا يزالوا عاجزين عن التعامل مع الفلسطينيين كشركاء جديين ومستقلين وذلك بسبب خصوصية تاريخهم.
ومن خلال ذلك بقي السؤال عما إذا كانت ألمانيا ستأخذ في إطار عملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية دور الوسيط المنصف، عالقًا في الفضاء. فكيف ستتخلص ألمانيا من موقفها الحرج ما بين المصلحة القوية والمسؤولية الجسيمة من جهة والتحيز بدافع تاريخها من جهة أخرى؟
المسؤولية الألمانية تجاه إسرائيل
لم يتسنى في اطار هذا المشروع الثلاثي إيجاد جواب على هذا السؤال. لكن لقد تأكد أن ألمانيا لا تستطيع التملص من مسؤولياتها تجاه الشعب اليهودي وإسرائيل والفلسطينيين. قدّم مشاركون فلسطينيون اقتراحات بنّاءة بصدد تعويض عدم التوازن في العلاقات، وشددوا بذلك على دور ألمانيا في هذا السياق.
يتمثل النجاح للقاء الثلاثي الأول في النقاش الذي تناول إنشاء شبكة صحافيين مستقلة (في إسرائيل والمناطق الفلسطينية)، بهدف تبادل الأخبار وكذلك في فكرة مواصلة عقد هذا اللقاء الثلاثي على مستوًى شخصي وعملي.
بقلم نسرين شبيب
ترجمة رائد الباش
حقوق الطبع قنطرة 2005 ©