مبادرة السلام السعودية لليمن.. اعتراف بخسارة الحرب؟
٢٦ مارس ٢٠٢١كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يأمل في تحقيق نصر سريع ضد المتمردين الحوثيين من خلال خوضه الحرب في اليمن.على مدار ست سنوات حتى الآن، كانت المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى تدعم قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي في القتال ضد المتمردين الحوثيين، الذين تدعمهم إيران - العدو اللدود للسعودية. لكن ما تعكسه الصورة اليوم بوضوح هو أن الحوثيين كانوا متقدمين منذ بداية الحرب في الـ26مارس/ آذار عام 2015، في حين لم تعد السعودية قادرة على كسب هذه الحرب. وفق بيانات للأمم المتحدة فقد قُتل أكثر من 230 ألف شخص، ويعاني ملايين الأشخاص من الجوع والأمراض. كما تسببت جائحة كورونا في انهيار النظام الصحي للبلاد.
مبادرة سلام أم هروب من الحرب؟
قدمت المملكة العربية السعودية الآن مبادرة لإنهاء الحرب في اليمن. كما أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، أن هذه المبادرة تنص على وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد تحت إشراف الأمم المتحدة. يبدو أن حكام الرياض يريدون تحرير أنفسهم من هذه الحرب من خلال مبادرة السلام هذه، وذلك بعد أن استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء وأجزاء كبيرة من شمال غرب اليمن. كما شنوا مؤخراً هجوماً على مدينة مأرب الغنية بالنفط. في المقابل توجه السعودية والتحالف العسكري الذي تقوده ضربات جوية على صنعاء منذ سنوات، كما تم إغلاق المطارات والموانئ من أجل قطع الإمدادات عن الحوثيين.
قال آل سعود إن السعودية تريد إنهاء دوامة العنف، كما تريد إعادة فتح مطار العاصمة صنعاء من أجل تحسين الإمداد بالبلاد وتخفيف الحصار السعودي على ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون من أجل استيراد الوقود والغذاء. وقد رست أربع سفن محملة بالوقود في الحديدة - ما مجموعه 45 ألف طن من الديزل و 5 آلاف طن من الغاز السائل وأكثر من 22 ألف طن من النفط.
لكن في رد فعل أولي، صرح الحوثيون بأن الاقتراح السعودي لا يتضمن جوانب جديدة وبالتالي أعلنوا عن رفضه. وقال كبير المفاوضين، محمد عبد السلام، إنه مستعد للمزيد من المحادثات مع الحكومات في الرياض وواشنطن ومسقط في عُمان من أجل التوصل إلى اتفاق سلام. كما ذكر بأن فتح الموانئ والمطارات هو حق وجودي للشعب ولا ينبغي إساءة استخدامه كشرط لإبرام الاتفاقيات.
خسارة الحرب
لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة والوسيط الإقليمي سلطنة عُمان ترى فرصة للمفاوضات. بوساطة عُمان، يتفاوض الحوثيون مع الممثل الأمريكي، تيموثي ليندركينغ، منذ أسابيع. رغم ذلك لا أحد يتوقع حالياً أنه سيكون هناك وقف لإطلاق النار وإنهاء للحرب في وقت قريب.
عندما تولى الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه، ازداد الضغط على العائلة المالكة في الرياض. أعلن بايدن أنه لن يدعم القتال في اليمن و قام بسحب مساعدات لوجستية وسرية مهمة من التحالف العسكري السعودي. يقول الخبير بشؤون الشرق الأوسط، غيدو شتاينبرغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن في برلين: "خسرت السعودية الحرب في اليمن - ويرجع ذلك أساسا إلى أن حكومة بايدن أوضحت أنها لم تعد تدعم الإجراءات السعودية هناك"، لذلك يجب على السعوديين ضمان تخفيف حدة التوتر في اليمن. نتيجة لهجوم الحوثيين على مأرب، قد تفقد القوات الموالية للسعودية - وخاصة الحكومة المعترف بها دولياً - واحدة من آخر مناطقها المهمة من الناحية الاستراتيجية. مع تقدمهم ومن خلال قرار بايدن، يرى المتمردون الحوثيون أنفسهم الآن في موقع قوة - ويمكنهم التكهن بأن خصومهم في الحرب سينسحبون منها وهم خاسرون. وستكون إيران سعيدة أيضاً برؤية عدوتها، السعودية، تنهزم.
استمرار الحرب الأهلية
يرى شتاينبرغ أن هذا يعني، في نهاية المطاف، وجود معسكرين كبيرين في اليمن: "الحوثيون في الشمال من ناحية والقوات الانفصالية وحلفائهم في جنوب البلاد. قد يؤدي ذلك إلى انشقاق في اليمن". يقاتل الانفصاليون من أجل دولة مستقلة في جنوب اليمن منذ عقود. مثل هذه الدولة كانت موجودة بالفعل قبل توحيد اليمن عام 1990 وقد أعلن عن الحكم الذاتي العام الماضي. وبالتالي فإن خسارة السعودية في الحرب لا تعني أن الحرب قد انتهت: "لا يزال من الممكن استمرار الحرب الأهلية في اليمن".
يبقى المدنيون هم وحدهم من يتحملون جميع تبعات هذه الحرب. وقبل أسابيع، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من تعرض البلاد لأسوأ مجاعة في العالم منذ عقود. كما أنه في ظل موجة جديدة من الإصابات بفيروس كورونا، اضطرت البلاد مؤخراً إلى إعلان حالة الطوارئ.
ديانا هودالي / إ.م