ألمانيا - مبادرة رائدة لتشغيل اللاجئين ودمجهم في سوق العمل
٢ يناير ٢٠١٨
عام 2016، أطلقت عدة شركات ألمانية مبادرة "نحن معا"، حيث حاولت 36 شركة كبيرة ومتوسطة الحجم المساعدة في تحقيق دمج أفضل للاجئين من خلال تدريبهم على العمل. واحدة من هذه الشركات المساهمة كانت شركة الاتصالات الألمانية "دويتشه تيليكوم"، ومقرها بون، ويبلغ عدد العاملين فيها زهاء 218 ألف موظف على مستوى العالم، وهي دامئا بحاجة إلى موظفين جدد.
واتبعت تيليكوم أسلوبا خاصا بها، إذ أنها وفرت للاجئين المتقدمين ستة أشهر تدريب مدفوعة الأجر، وذلك كي تتمكن من اختيار الأصلح من بينهم، والذي يمكن أن تضمه إلى طاقم عملها. الشركة قررت أن تختار من بين المتقدمين بنفسها ودون الاعتماد فقط على الشهادات المدرسية أو الجامعية وغيرها من الأوراق التي يقدمها اللاجئون، إذ أن الشركة تريد اعتماد الانطباع الشخصي عن المرشحين من أجل التوظيف لديها.
جلسات تعارف سريعة
وترى بريجيت كليسبر، نائب رئيس قسم التعاون والمسؤولية الاجتماعية، أن الفعالية التي عقدتها شركة تيليكوم أواخر شهر نوفمبر/ تشرين الثاني في مقرها الرئيسي بمدينة بون هي بالفعل "جلسة تعارف سريعة". فمقدم الطلب قابل عدة مدراء ضمن هذه الجلسة، وذلك "من أجل إعطاء انطباع أولي عنه وعن مواهبه ومهاراته واحتمالية توافقه مع الوظيفة." وفي حال نجاح المرشح بهذا الاختبار فإنه يحصل على تدريب لمدة ستة أشهر. التجارب الأولى مع الموظفين الجدد أدت في بعض الأحيان إلى القيام بذلك، بحيث يرى رئيس القسم أن هذا المتدرب أو ذاك "مناسب للعمل في قسم آخر على سبيل المثال". بحسب بيرجيت .
وفي ردهة مبنى الاتصالات، تلتقى كاتيا فيرز، المتحدثة باسم الشركة، بعدد من الصحفيين وتقودهم عبر المبنى إلى مكان التجمع. حيث قدمت المفاجأة الأولى هناك، إذ أنه في هذا المكان سوف يتم جمع المرشحين وسيوضح لهم موظف مختص مبادئ الشركة.
هذا الموظف هو بدر من العراق. وقد أكمل بدر بنجاح مثل هذا التطبيق، والآن أصبح متدربا لدى تيليكوم. وأوضح بدر للمرشحين مبادئ الشركة باللغة الألمانية، وليس من الواضح ما هو مدى فهم اللاجئين الشباب - وكما سيظهر بعد ذلك - أن جميعهم لا يتكلمون الألمانية - ولكن الجميع مهتمون.
درس بدر الفيزياء في العراق ويعمل الآن في قسم الاتصالات. عندما سألته إن كان لديه أي مانع من أن يذكر في هذا التقرير، وافق وهو مبتسم ولكنه اشترط علي عدم ذكر اسم عائلته، فكل لاجئ تقريبا له عائلة في بلده الأصلي، ويريد أن يجنبها أي مخاطر، لذلك فإن كل اللاجئين في هذا التقرير سيتم ذكرهم بأسمائهم فقط دون كنيتهم (نسبتهم).
مقابلات متعددة
ما بين المقابلات المختلفة بين المرشحين ومدراء الأقسام ، استرخى بعض اللاجئين وهم يتناولون القهوة والحلويات الشرقية، وكان بدر يشرح لأحد الشباب المهتمين عن الفرص المقدمة، الشاب هو محام، ولم يستطع تعديل شهادته، وبعد محاورات مع بدر نصحه الأخير في تعلم إدارة الأعمال.
مجد من سوريا قابلتها بعد أن أنهت المقابلات الأولى، وعندما سألتها كيف كانت النتيجة قالت بأن لديها إحساس جيد، إلا أن الوقت ما يزال مبكرا لتوقع النتائج. مجد عملت أمينة مكتبة في وطنها وتأمل أن تحصل على التدريب في تيليكوم، وهي تتحدث الإنجليزية بشكل جيد، كما أنها بدأت في تعلم الألمانية منذ فترة. انطباعي هو أن مجد سوف تجيد عملها، حسبما أخبرتني كاتيا فيرز لاحقا؛ لأنه من سياسة الشركة التحدث باللغة الإنجليزية كلما كان الموظف لا يستطيع متابعة المحادثة باللغة الألمانية..
وخلال المقابلات التي تجري قدمت لي باربرا كوستانزو، مديرة مشروع "Telekom hilft" ثلاثة شبان أنهوا فترة تدريبهم في تيليكوم، هؤلاء الشبان هم نموذج يحتذى بالنسبة للآخرين الذين لم يبدأو فترة التدريب. أحد هؤلاء كان لاجئا من سوريا درس السياحة في بلده، وتدرب بعدها في قسم العلاقات والاتصال.
ووفقا لباربرا فإن نموذج هذا اللاجئ الشاب يوضح المشكلة في الطريقة التقليدية الخاصة بالتوظيف، فعادة ما تحاول وكالات التوظيف استيعاب شخص من ذات المهنة التي تحتاجها الشركةـ إلا أنه ضمن هذا النموذج الحديث فإن التركيز يكون أكثر على قدرات ومهارات المرشحين. وتوضح أن هذا الشاب مثلا درس السياحة، بمعنى أنه قادر وبكل سهوله على التواصل مع الآخرين، لذلك تمت الاستفادة منه في هذا المجال. وهو مدى قلة البيروقراطية المتبعة في التوظيف بحسب كوستانزو.
ويقول المتقدمون أنهم ليسوا هنا بناء على توصية من "مكتب العمل". وقد علم البعض من الأصدقاء أن ھناك موعدا خاصا لتقديم طلبات الترشيح، بينما علم البعض الآخر عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي. وتقول مجد هي أيضا علمت عن هذا الموعد عن طريق الفيسبوك. وبالنسبة لمجد ينطبق عليها ما ينطبق على آخرين أيضا، فهي ليست خجولة إلا أنها هادئة وسلوكها ينطوي على بعض التحفظ، ومع ذلك فإن المحادثات التي تجرى خلف الأبواب المغلقة هي المهمة.
جدوى المشروع
وربما لا يمثل هؤلاء المتقدمون جميع اللاجئين، إلا أن وجودهم هنا يتناسب مع المبادرة التي أخذت نهجا مفتوحا في التعامل، ويبدو أن هذا هو ما تبحث عنه شركة الاتصالات الألمانية "دويتشه تيليكوم".
وفيما إذا كان هذا المشروع ذو جدوى، فإن من المبكر الإجابة على ذلك الآن. فالمشروع بدأ منذ عام واحد فقط، لذلك لا تملك السيدة كوستانزو الإجابة على السؤال حول مصير المترشحين وعما إذا كان هناك من يمكن أن يتم توظيفه بشكل كامل في الشركة.
وتتذكر بيرجيت كليسبير أنه في بداية المشروع كان عدد المتقدمين يساوي عدد أماكن التدريب المتاحة، ثم بدأت الأمور تتغير، مع ازدياد عداد المتقدمين، وتضيف السيدة كوستانزو "كان لدينا هذا العام 340 متقدما من اللاجئين و115 مكان تدريب فقط". وذلك في واحدة من أكبر الشركات في ألمانيا، وقد يكون الأمر مساعدا لو شاركت أعداد أكبر من الشركات في هذه المبادرة من أجل توظيف اللاجئين. ولكن يخشى مع هذه الأأعداد القليلة من أماكن التدريب وأعداد اللاجئين الكبيرة الراغبة في التوظيف، أن تكون هذه المبادرة مجرد قطرة في بحر الأعداد الكبيرة من اللاجئين.
ديريك كاوفمان/ ترجمعة علاء جمعة
المصدر: مهاجر نيوز 2017