متاجر سورية في أنقرة تسقط في شغب ما بعد الانقلاب
٢٤ يوليو ٢٠١٦مع استمرار عمليات "التطهير الجماعي" بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، التي تم فيها اعتقال أو احتجاز أو طرد أكثر من 50 ألف شخص في الأيام الأخيرة، لم يعُد الأتراك المنشقّون وحدهم الذين يعانون من نوبات القلق، بل إن بعض أنصار الرئيس رجب طيب أردوغان الأكثر ولاءً له باتوا قلقين أيضاً، ألا وهم: اللاجئون السوريون.
فحين تبين أن حزب أردوغان - حزب العدالة والتنمية - سيحتفظ بالسلطة، نزلت حشود من الناس إلى الحي السوري في أنقرة وحطم بعضهم بعنف النوافذ وخربوا واجهات المحلات ونهبوا معظم المتاجر السورية العاملة على طول طريق التسوق الرئيسي في المنطقة.
"كانوا غاضبين جداً حين وصلوا. لم نستطع قول أي شيء لإيقافهم"، كما يقول فائز عبد الكريم لـDW، وهو سوري تم تكسير جميع نوافذ متجره الذي يبيع فيه الخضار والفواكه. ويضيف: "لقد حاولوا استفزازنا ليجعلونا نخرج إلى الشارع لمواجهتهم، ولكننا بقينا في بيوتنا ودَعَوْنَا الله أن تنتهي هذه الليلة على خير".
كان ذلك بعد منتصف ليل صباح الأحد (17 يوليو/ تموز 2016)، حين وصل حشد صاخب من بعض أنصار حزب العدالة والتنمية إلى حَيّ أوندَر، وهو منطقة اللاجئين السوريين التي تحولت إلى أحياء فقيرة في أنقرة. فبعد أن دعا أردوغان للنزول إلى الشوارع احتجاجاً على الانقلاب، غَمَرَت بعضَ أفرادِ الحشد نشوةُ الانتصار، وانتابت بعضَهم عقليةُ الغوغاء فتحرك منهم نحو 200 شخص على طول شارع سلجوق مستهدفين المتاجر السورية هناك، ما تسبب في أضرار لحقت بما لا يقل عن 30 متجراً، قبل أن تفرقهم الشرطة.
مصير السوريين بعد الانقلاب
تستضيف تركيا نحو 2.5 مليون سوري، معظمهم يشعر بالامتنان تجاه أردوغان الذي منحهم اللجوء منذ اندلاع الحرب الأهلية في بلدهم. لكن أعمال الشغب في منطقة أوندَر جعلت سكّان هذا الحي - وهم حوالي 40 ألف نسمة - قلقين حول مصيرهم في تركيا بعد الانقلاب.
كريم سعيد يقف داخل ما تبقى من منتجات متجره، ويقول إن المتاجر التركية على الشارع نفسه بقيت على حالها ولم يمسّها ضرر، في حين انتقل مثيرو الشغب من متجر سوري إلى الآخر، ونهبوا كل شيء داخلها.
"أنا خائف الآن"، يقول كريم. ويضيف: "قد يقوم بعض الناس بمضايقة الأتراك الذين يؤجرون محلاّت للسوريين. وقد يتوقف أصحاب المحلات التجارية عن التعامل مع أصحاب المحلات السورية، وقد يتم إغلاق محلاتنا. نحن نَمُرّ بأوقات عصيبة وخطيرة للغاية".
الكثير من السوريين لم يبلغوا السلطات التركية بالأضرار التي لحقت بمحلاتهم واختاروا أن يصلحوا متاجرهم بأنفسهم خشية على أمنهم وسلامتهم. كما يعمل الكثيرون في وضع شبه قانوني ويشعرون أن لفت الانتباه إلى أحداث نهاية الأسبوع (الذي حصل فيه الانقلاب الفاشل) ليس من شأنه إلا أن يخلق لهم مشاكل مع جيرانهم الأتراك.
صادق محمد، صاحب محل لبيع الأجهزة المنزلية في شارع سلجوق، يقول إنه قد تم تخريب الغسالات والثلاجات في متجره وإنه خسر ما قيمته حوالي ألفي دولار من البضائع. "لقد جاءوا للسرقة والتخريب والشرطة لم تمنعهم من القيام بذلك"، كما يقول محمد لـDW. "أنا لا أعرف لماذا فعلوا ذلك وسببه. ليست لدي أي فكرة".
ويضيف محمد سعيد أنه لم يتعرّض من قبل إطلاقاً لأي اعتداء من قبل الأتراك الذين يعيشون في المنطقة وأنه صُدِمَ لرؤية رد فعلهم بعد الانقلاب العسكري الفاشل. بعض السوريين الآخرين من أصحاب المحلات التجارية في شارع سلجوق لديهم مشاعر مماثلة، إذ يقولون إنه كان لديهم العديد من الأصدقاء الأتراك الذين رحبوا بهم إلى أن جاءت عطلة نهاية الأسبوع، التي حدثت فيها المحاولة الانقلابية الفاشلة.
لكن لا يتفق الجميع في ذلك. فعماد حداد مثلاً، المنحدر من حلب، يعيش في أنقرة منذ ثلاث سنوات وقال إنه قد تعرض للمضايقات طوال إقامته في تركيا، فقد تم السطو عليه وسرقته "لأنهم يعرفون أننا لسنا من هنا"، على حد تعبيره.
"أولاً ألحق (بشار) الأسد بنا المشاكل في سوريا، ثم جئنا إلى هنا وبعض الأتراك ألحقوا بنا المشاكل"، كما يقول حداد لـDW، ويضيف: "إنهم لا يعاملوننا بشكل جيد. إنهم يريدون إظهار أن هذا هو بلدهم وليس بلدنا".