محكمة ألمانية تنظر في "جرائم حرب" في سوريا
١ مايو ٢٠١٦ستنطلق يوم الثلاثاء القادم (03 مايو أيار 2016) في ألمانيا أولى جلساتقضية متعلقة بارتكاب جرائم حرب في سوريا والعراق.وهي أول محاكمة من هذا النوع ينظر فيها القضاء الألماني.
وسيمثل الألماني اريا ال. (21 عاما) أمام المحكمة العليا في فرانكفورت (غرب) بتهمة "ارتكاب جريمة حرب" في سوريا بسبب صورة التقطت له وهو يقف إلى جانب رأسين مقطوعتين معلقتين على عمودين هناك ووضعه الصور على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي.
وقالت متحدثة باسم النيابة الاتحادية إن "عشرة تحقيقات مرتبطة بسوريا والعراق" تجري حاليا، إلى جانب أكثر من ثلاثين قضية ضد جهاديين سابقين بتهمة "الانتماء إلى مجموعة إرهابية".
ومن كبار المشبوهين في "جرائم حرب" السوري إبراهيم ف. (41 عاما) الذي يعتقد بأنه كان زعيم ميليشيا قامت بخطف وتعذيب مدنيين في حلب، و سليمان أ. س. (24 عاما) الذي يتشبه بأنه أقدم على خطف أحد جنود الأمم المتحدة في 2013.
وكان الادعاء العام الألماني في كارلسروه قد حرك الدعوى ضد المتهم في شباط/ فبراير الماضي. وظهر المتهم في صور التقطت مع متهم آخر في آذار/ مارس ونيسان/ أبريل عام 2014 مع رأسين بشريين مقطوعين ومثبتين على قضبان معدنية بغرض التمثيل بجثتيهما. وذكرت المحكمة أن هذين الرأسين كانا لمدنيين أو جنود تابعين للحكومة السورية.
وفي مؤشر على الأهمية المتزايدة لهذه الملفات، يتلقى المحققون بين 25 وثلاثين معلومة كل يوم عن طريق إجراءات اللجوء التي باتت تشمل منذ نهاية 2013 استمارة تتضمن أسئلة عن جرائم الحرب، مخصصة للمواطنين السوريين.
وقالت جيرالدين ماتيولي مكلفة القضاء الدولي في منظمة هيومن رايتس ووتش، لوكالة فرانس برس إن "تدفق اللاجئين يقدم فرصا جديدة لجمع المعلومات الدقيقة".
مهمة صعبة تواجه القضاء الألماني
وتدرك ألمانيا التي استقبلت 1.1 مليون طالب لجوء في عام 2015، نصفهم من سوريا والعراق، مدى صعوبة محاكمة الجرائم التي ترتكب في الخارج. ففي 1993 وبسبب موجة من اللاجئين القادمين من البلقان، أنشأت ألمانيا وحدة متخصصة في الشرطة خصصت أولا للجرائم التي وقعت في يوغوسلافيا السابقة، مثل عدد كبير من الدول الأوروبية الأخرى وعلى رأسها هولندا التي تضم واحدة من الوحدات الأكثر فاعلية.
وهذا الجهد الكبير الذي سمح بفتح 127 قضية والاستماع لـ4500 شاهد، لم يؤد إلا إلى أربع محاكمات أفضت إلى أول حكم بعدم إدانة "بالإبادة" في ألمانيا. لكنه سمح للقضاء بتحسين أدائه في هذا المجال.
وبعد ذلك، نظر القضاء الألماني في المجازر التي وقعت في منطقة البحيرات العظمى في إفريقيا وأرسل محققيه إلى المكان، وذلك في تطور حاسم لجمع الأدلة بالإضافة إلى جهود كبيرة لحماية الشهود.
وأفضل مثال على هذه المهمة الهائلة محاكمة اثنين من قادة تمرد الهوتو الروانديين، إذ صدرت أحكام عليهما في الخريف الماضي بعد جلسات مكلفة وطويلة وتمّ فيها إسقاط جزء من التهم.
وقال المحامي يورغن شور في تقرير لمنظمة "ريدريس" إن "الجرائم الجماعية تعني وجود عدد كبير من المشتبه بهم والضحايا المصدومين والمهمشين في معظم الأحيان وشهودا ثقافتهم ولغتهم أجنبيتان".
وبالنسبة لسوريا لا يمكن للمحققين العمل ميدانيا لكنهم يملكون صورا دعائية وضعت على شبكات التواصل الاجتماعي، وهي مزدهرة حاليا لكن هناك صعوبة في التحقق من صحتها. وتقوم ألمانيا أيضا "بتحقيقات هيكلية". فبدون انتظار وقائع محددة، يهدف هذا العمل إلى تجميع وثائق دقيقة لكل بلد.
وقالت جيرالدين ماتيولي إن الملاحقة القضائية أيا تكن درجة الحماس فيها يمكن أن تطال "أشخاصا ليسوا من الصفوف العليا بالضرورة ومن المعارضة" بدون أن تعكس "خطورة الجرائم التي ارتكبها النظام".
وقد أوقف جندي سابق في الجيش السوري في نهاية شباط/ فبراير في السويد، لكن العسكريين السوريين يبقون نادرين بين اللاجئين. فموجة فرار العسكريين إلى تركيا خصوصا التي بلغت أوجها في 2012 و2013، تتراجع مع دعم الروس للنظام.
وقالت ماتيولي إن "هذا الخلل يطرح مشكلة لكن يجب ان نبدأ من مكان ما"، مشيرة إلى أن الملاحقات التي تقوم بها دول لديها "أهلية عالمية" مثل ألمانيا وهولندا وفرنسا والسويد وفنلندا، هي "الوسيلة الوحيدة" لمعالجة مشكلة الإفلات من العقاب في سوريا.
م.س/و.ب ( أ ف ب)