محلل سياسي: هذه بدائل السعودية لتسهيل حج القطريين
٣١ يوليو ٢٠١٧DW عربية: هناك مخاوف من أن يتم استخدام موسم الحج لهذا العام كإحدى وسائل الضغط السياسي من قبل السعودية في خضم الأزمة مع قطر، وهو ما يتنافى مع المغزى الروحي للحج كشعيرة ينبغى أن تبقى بعيدة عن السياسية. كيف ترون ذلك؟
د.حسن أبو طالب: الموقف الرسمي السعودي واضح ويدعو لعدم استخدام شعيرة الحج كأداة سياسية. ودعوات التدويل والتسييس هذه ليست جديدة وقد سبق لإيران أن طالبت مرارا باستغلال الحج للتعبير عن مواقف سياسية تجاه القضايا الدولية المختلفة، لكن معظم الدول الإسلامية المنضوية تحت منظمة المؤتمر الإسلامي تصر على ضرورة الفصل بين المواقف السياسية وبين أداء الشعيرة. والآن قطر، التي ناصرت السعودية طوال العقود الأربعة الماضية في الفصل بين الدعوة الإيرانية والموقف السعودي تحاول تسييس موضوع الحج وتدويله، وذلك بسبب أزمتها مع السعودية. فالدعوات القطرية هذه جاءت بعد يوم واحد من الاجتماع الرباعي للدول العربية الأربعة المقاطعة لقطرفي المنامة، والذي أكد على استمرارية الموقف الرباعي ضد قطر حتى تستجيب للمطالب التي قُدمت لها من طرف هذه الدول.
كان هناك تصريح واضح لوزير الخارجية القطري يقول فيه إن قطر لم تطلب بتاتا تدويل موضوع الحج، وإنما المطالبة بإنهاء العقبات الموضوعة أمام الحجاج القطريين؟
على حسب ما فهمنا من الموقف السعودي، فإن القطريين مسموح لهم بالسفر للحج عبر أي شركة طيران باستثناء الخطوط القطرية. كما يمكنهم السفر في رحلة مباشرة إلى السعودية. وحصة قطر في الحج لم يطرأ عليها أي تغيير. الوضع فيه نوع من الالتباس، قطر تحاول الضغط على السعودية عبر ورقة الحج حتى تدفعها إلى تقديم بعض التنازلات وتغيير مواقفها من الدوحة. وهو أمر إذا حصل فإنه قد يمتد أيضا للدول الأخرى بالنظر لمكانة السعودية في مجلس دول التعاون الخليجي وفي الجامعة العربية.
لكن ما يمكن أن أؤكد عليه هو أن مسألة التدويل والتسييس للحج بهذه الطريقة لن تمنح الكثير لقطر لأنه لا يوجد داخل الدول العربية والإسلامية من يقبل بهذه الدعوة. ومن يريد تغيير طريقة إدارة الحج التي جرى العمل بها منذ عقود طويلة فعليه العمل على ذلك داخل منظمة المؤتمر الإسلامي ويشكل تيارا كبيرا ومناهضا للطريقة الحالية التي يدار بها الحج. وأستطيع أن أؤكد أن قطر لن تستطيع فعل ذلك.
تحدثم عن وجود تسهيلات سعودية للحجاج القطريين حتى يتمكنوا من تأدية شعيرة الحج في أحسن الظروف، لكن كيف يمكن لذلك أن يتم في ظل غياب تمثيلية ديبلوماسية بين البلدين؟
لا أستطيع أن أتحدث بالنيابة عن السلطات السعودية، لكن ما فهمته من خلال الإعلام السعودي أن هناك نظاما للحج اللكتروني عبر الموقع الإلكتروني لوزارة الحج السعودية. وهناك الكثير من الحجاج الذين يأتون لقضاء مناسك الحج عبر هذه الطريقة، خاصة من الدول التي ليست لديها حصة معينة مثل أوروبا وأمريكا الشمالية. وأنا أتصور وفق ما أعلنته المملكة العربية السعودية في هذا الصدد أنها تدعو الحجاج القطريين إلى استخدام هذه الآلية.
وهناك إمكانية أخرى يمكن من خلالها تنظيم إجراءات الحج للقطريين عبر أي دولة أخرى من دول التعاون الخليجي التي ليست طرفا في الأزمة مثل الكويت أو عمان. وقد تم طرح هذه المسألة من طرف شركات تنظيم الحج الكويتية أو العمانية. ومع وجود أزمة بين السعودية وقطر يبقى الأمر صعبا. فمن وجهة النظر القطرية هناك تضييق على الحجاج القطريين وهذا أمر موجود. ومن وجهة نظر السعودية فإنها تحاول وضع بدائل. ومن يريد أن يحج عليه استخدام هذه البدائل.
السعودية قدمت حصصاً إضافية لمصر تبرع بها الأمير محمد بن سلمان للجيش والشرطة المصرية. كما حصل العراق عقب زيارة وزير داخليته للسعودية أيضا على حصص إضافية. ألا ترون في ذلك تسييسا للحج ؟
أنا متفق معك، لكن ذلك يدخل في خانة المجاملات، فالبنسبة لمصر فهذه الحصة الإضافية فيها نوع من التقدير لأهالي شهداء الجيش والشرطة الذين قضوا في الحرب ضد الإرهاب. ومثل هذه المجاملات تحدث في كل عام وتشمل دول عديدة سواء عربية أو أسيوية. فكثيرا ما يستضيف الأمراء السعوديون على نفاقاتهم الخاصة حجاج من دول تعرضت لمواقف صعبة للغاية مثلما ما حصل مع باكستان عندما تعرضت لزلزال مدمر. ويحدث هذا باستمرار أيضا مع بعض مسلمي الصين وإفريقيا. فهذا الأمر يدخل في باب المجاملات. والسعودية من خلال استضافة الأمراء لهؤلاء الحجاج تعبر عن ترحيبها بهم أياً كانت جنسيتهم.
لكن بالمقابل وخارج إطار المجاملات هناك من ُيمنع من الحج لأسباب سياسية مثل السوريين الذين لا يمكنهم الحج إلا عبر الائتلاف السوري الوطني المعارض الموجود في تركيا. وفي العام الماضي غاب الإيرانيون عن الحج بسبب المشاكل بين إيران والسعودية وغاب العراقيون أيضا في عهد صدام حسين؟
لا يمكن أن نتجاهل أنه بسبب الأزمات الكبرى يمكن لموضوع الحج أن يتأثر بالسياسة كما فعلت ليبيا في فترة من الفترات حينما منعت حجاجها ثلاث سنوات من الذهاب للأراضي المقدسة واشترطت هيئة دولية لإدارة الحج . فالأطراف الأخرى تمزج السياسة بالحج في حالات الأزمات وليست السعودية وحدها. ودعني هنا أذكر إيران التي أوقفت الحج عدة مرات وهي التي اتخذت هذا القرار وليس المملكة العربية السعودية. فهناك من يريد أن يرسل رسالة ليس فقط للسعودية وإنما لباقي العالم الإسلامي مفادها أنه مستاء من إدارة السعودية لملف الحج أوأن المملكة ليست جديرة بالإشراف على هذه الشعيرة التي تحظى بأهمية كبيرة عند المسلمين.
أجرى الحوار: هشام الدريوش
د. حسن أبو طالب: محلل سياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية