مخيمات غزة الصيفية بين الترفيه والعسكرة
٩ يوليو ٢٠١٣احمد وخالد وعامر أطفال في الثالثة عشر من العمر، التحقوا بالمخيمات الصيفية التابعة لحركة حماس. أعربوا لـDWعربية عن سعادتهم في هذا المخيمات. حيث هناك محاضرات وفقرات ترفيهية وعلمية وتثقيفية مختلفة في العلوم والتاريخ والجغرافيا والدين. طلبة آخرون في المرحلة الثانوية يقولون إنهم يتلقون تدريبات عسكرية. هؤلاء الطلبة نحو مائة ألف طالب مابين المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية، انضموا إلى المخيمات الصيفية المنتشرة في قطاع غزة تحت اسم " جيل العودة".
في المقابل حركة الجهاد الإسلامي أطلقت على مخيماتها الصيفية "جيل النصر" التي اهتمت هي وخيمات لجان المقاومة الشعبية بالتدريبات العسكرية. وعلى الرغم من أهمية هذه المخيمات الصيفية التي تنطلق فعالياتها مع انتهاء العام الدراسي، إلا أن بعض أهالي الطلبة ومحللون سياسيون ونفسيون يرون أن مخيمات الفصائل الفلسطينية خرجت عن طابعها الترفيهي واتخذت منحي "العسكرة". بينما مخيمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) حافظت على طابعها حيث "النشاطات المرحة والألعاب التقليدية والتثقيف وتشجيع حس الإبداع لدي الأطفال وتوفير الإغاثة النفسية لهم".
"الإبداع والترفية وحق العودة"
ما إن تصل إلى أيٍ من مخيمات حماس المنتشرة في قطاع غزة سترى صورا منتشرة لأراضي عام 1948 تُذكرك بالمشهد قبل أن يغادرها الفلسطينيون بعد الحرب والنزوح، فضلا على مفاتيح العودة وخيام وأدوات تراثية وخرائط وأسماء البلدات الفلسطينية. إلى ذلك رصدت DW عربية أنشطه ترفيهية وسياسية ومسابقات دينية وعلمية ورياضية. ويتشح الطلبة بزى موحد يرمز لحركة حماس. ويؤكد من التقت بهم DW عربية في تلك المخيمات "أنهم تلقوا دورات في تعليم الكمبيوتر والأنشطة الثقافية والأعمال اليدوية وزاروا المنتجعات السياحية وأسر الشهداء". وزير الشباب والرياضة في حكومة حماس قال إن "هدفنا من هذه المخيمات بناء جيل قوى متمسك بعقيدته يعمل عل بث روح الجهاد والقوة، يعمل على تحرير الأرض ". ويضيف قائمون آخرون التقت بهم DW عربية في مخيمات مختلفة أن "الهدفُ من تلك المخيمات الصيفية هو التأكيد على أن المساس بحق العودة خط احمر، ولربط الجيل الفلسطيني بالقدس وفلسطين ومنهج الإسلام". محمد سالم شاب يافع أكد لـDW عربية بأنه انضم "إلى مخيمات حماس للألعاب الترفيهية والتثقيفية وكشف الإبداعات" ويضيف بأنه يخشى "التدريبات العسكرية علشان خطرة وما بحبها".
الجهاد ترد علي القلق الإسرائيلي
يصطف كثير من الصغار تحت الشمس والطقس الحار في مخيمات حماس والجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية، مشهد ربما يُدهش البعض من تمارين وتدريبات عسكرية شاقة لا تخلو من العنف والمخاطر ومن حمل أسلحة خشبية وحقيقية. تمارين تُحاكي التدريب على المواجهات العسكرية وخطف جنود. وتُسمَع صيحات تهتف مُرددة شعارات لكل طيف سياسي. وفي معرض رده على تصريحات إسرائيلية من خشيتها من تلك المخيمات، يقول المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي في غزة داود شهاب إن" الحركة تحرص على تنشئة جيل المواجهة للدفاع عن الشعب والمقدسات والأرض وغرس ثقافة الانتماء للإسلام ". ويتابع "إن أنشطه وبرامج المخيمات الصيفية شملت أيضا التدريب على الإسعافات الأولية والعمل التطوعي والسلامة الشخصية والعامة وقت الأزمات والحروب والفتوة والكشافة".
أسابيع المرح" في مدارس الأونروا"
في المقابل مشهد مختلف يبتعد عن الأبعاد السياسية والحزبية للمخيمات الصيفية التي تقيمها الاونروا في مدارسها في قطاع غزة. فنشاطاتها تهدف في الأساس للمرح والترفيه والفنون الشعبية وارياضات التقليدية مثل كرة القدم وتحليق الطائرات الورقية، وأنشطة مختلفة صُممت بعناية لتشجيع حس الإبداع لدي الأطفال، ولتوفير الإغاثة الاجتماعية من الضغوطات النفسية والمجتمعية، ومنح الأطفال الدعم لحياة أفضل. جاء ذلك في حوار أجرته DWعربية مع عدنان أبو حسنه المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا). وعزا أبو حسنة توقف فعاليات مخيمات الاونروا الصيفية للأطفال العام الماضي إلى "نقص الدعم المادي للاونروا". نافيا لـDW عربية الأخبار التي ترددت عن منع حماس إقامة مخيمات صيفية للاونروا العام الماضي بسبب شروطها الخاصة، قائلا. "لا يُملي علينا أحد أى شرط ،الاونروا تنفذ أنشطتها حسب برامجها، ولا نستمع لأحد غير الاونروا، أقمنا منذ أيام مخيماتنا لتوفر دعم مالي بمليوني دولار أمريكي". وفى هذا الإطار وصلت كاثرين آشتون الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي إلى مدينة غزة نهاية شهر يونيو / حزيران الماضي، وقامت بجولة في أحد مدارس الأونروا لتفقّد المخيمات الصيفية للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة بمرافقة رئاسة وطواقم الأونروا في غزة.
"مخيمات صيفية تكون فرصة ايجابية بعد عناء وشقاء عام دراسي، واكتشاف مواهب الأطفال "وفق تعبير المحلل النفسي والمختص الاجتماعي محمد وادي الذي شدد لـDWعربية على خطر هذه المخيمات "يَكمن في تسييسها وتدريبات عسكرية لا تناسب الأطفال جسديا أو معنويا وقد تُشكل خطورة فيما بعد عند الأطفال فيما بينهم". وتفاجأ المواطنون في الشوارع حيث شاهدوا أطفالاً صغاراً من تلك المخيمات تحت أشعة الشمس الحارقة يرددون شعارات حركة حماس ويهتفون لها وكأنهم في عرض عسكري. ما أثار حفيظة أبو ماهر سلامه، الذي لم يسمح لابنه بالمشاركة في أحد هذه المخيمات لأنها "اصبحت مخيمات حزبية وليست ترفيهية". ويعتبر المحللون السياسيون أن خطوة الفصائل الفلسطينية لتسييس المخيمات الصيفية هي "احتضان جيل تُرسخ فيه الأفكار والقيم الثقافية بمنظور وأيدلوجيات حزبية".