مراكز العناية بمظهر الرجل في لبنان: ضرورة عصرية أم مبالغة؟
٢٩ أغسطس ٢٠١٢أصبحت تنتشر في لبنان على نحو غير مسبوق الصالونات والمنتجعات التي تعنى بالمظهر الخارجي للرجال. وقد تعرض هذه الصالونات والمراكز الكثير من الخدمات المتخصصة من الرأس إلى أخمص القدمين. هذه العروض لا تطرح في السوق عن عبث، بل لأن هنالك إقبالاً حقيقياً ومتزايداً من قبل الرجال في لبنان على الاهتمام بمظهرهم الخارجي إلى أدق التفاصيل. فهل هذا من قبيل المناداة بالمساواة في كل مناحي الحياة؟
يقول زياد سمعان، الذي يعمل مسؤولاً في أحد المصارف، إنه يرتاد مركز عناية متخصص من أشهر الأماكن المعروفة في هذا المجال، موضحاً أن زيارة مركزه المفضل أصبحت عادة لأنها بنظره ضرورة في وقتنا الراهن، الذي يشكل فيه المظهر الحسن عنصراً أساسياً في كل مكان.
ويتابع: "أصبح ضيق الوقت يتطلب مني الاعتماد على المركز وما يقدمه من خدمات متطورة لتوفير العناية الشخصية. ورغم أن الخدمات المتخصصة التي أتلقاها في المركز ليست رخيصة، إلا أنها تقدم حلاً ممتازاً على المدى الطويل، وهي بحد ذاتها أنظف وأنجع من الوسائل التقليدية المستخدمة."
اللجوء إلى المراكز لضيق الوقت
كما يعتبر سمعان أن المظهر أصبح عاملاً مهماً بالنسبة للرجال، وأن مفاهيم الاعتناء بالشكل الخارجي للرجل قد تغيرت. فالمتطلبات العصرية أصبحت تحثّ الرجل على التركيز على مظهره بشكل أكبر، إذ يقول: "إن كنت تريد لفت نظر فتاة أو ترغب في أن تنال رضى رئيسك في العمل، لا بد أن تراعي القواعد الجديدة المتبعة وهذه أصبحت من الأساسيات. أرى الكثير من أساتذة الجامعات وغيرهم من الشرائح التي تعتبر رصينة يرتادون المركز الذي أزوره ويقبلون على علاجات لم تكن مطلوبة منذ سنوات قليلة ولم تكن تلقى قبولاً. أما الآن فألاحظ إقبالاً متزايداً من جميع أطياف المجتمع، حتى بين طلاب الجامعات".
ويركز زياد على المعاملة التي يلقاها في المركز، فهو يرى أن الخدمة المتميزة والمتابعة التي يقدمها القائمون على المركز تجعله يعود مرة أخرى، لأن للعناية بالمظهر خصوصية معينة يمكن أن توطد العلاقة بين الزبائن والعاملين، وهذا أساسي في هذا القطاع، الذي يبحث فيه الرجل عن راحته ويضع ثقته في المركز الذي يقدم له هذه الخدمات الاستثنائية.
لكن جورج كلاس ينظر إلى ما يحصل في لبنان من موجة امتداد لمراكز وصالونات العناية بمظهر الرجل على أنه تقليد لما يحصل في الدول الغربية ليس إلا، ويقول: "لا أدري إن كانت بعض هذه العلاجات التي ينالها الرجال في المراكز تناسب المظهر الذكوري للرجل الشرقي. فأنا أرى أن بعض هذه الخدمات أو الترتيبات تختص أكثر بالنساء، مع أنه لا بد من الاعتناء بالمظهر العام." ويلاحظ كلاس أن الإقبال على هذه المراكز مصدره شريحة معينة من الناس، ولا يعمم على كل الشباب والرجال اللبنانيين.
إقبال متزايد
من جانبها، تلفت أمل، المديرة في شركة "سيلكور"، التي تدير مراكز للعناية بالمظهر الخارجي للرجال في أرجاء لبنان والمنطقة، إلى أن الرجال باتوا يركزون بشكل أكبر على المظهر الخارجي، خاصة في ظل انتشار مفهوم الـmetrosexuality، وهو مفهوم يصف الرجل الذي يعيش في ثقافة حضارية ما بعد الرأسمالية والصناعية، وينفق الكثير من المال والوقت على مظهره.
وتتابع أمل أن هذه المسألة لم يعد بالإمكان تجاهلها في الوقت الحاضر، وهي تنمو بشكل مطرد. وباتباع أسلوب عصري، لا يستطيع الرجل سوى الظهور بأفضل مظهر وبقصة شعر مميزة، وقد يغذي ذلك الإعلانات وصور الفنانين المشهورين على أغلفة المجلات وشاشات التلفزيون. وبهذه الطريقة أصبحت هذه المظاهر مقبولة بشكل متزايد في المجتمع اللبناني والعربي.
لكن المديرة في شركة "سيلكور" لا تعتبر ما يحصل في هذا الخصوص تحقيقاً للمساواة بين الرجل والمرأة، بل إن فكرة تدليل الذات – كما تسميها – أصبحت تلقى قبولاً أكبر بشكل متساوٍ لدى الجنسين. وعن زبائن مراكز "سيلكور"، تقول أمل إنهم رجال من كافة الأطياف والمذاهب في لبنان والدول العربية، ولا يمكن تحديدهم بدين أو شريحة اجتماعية معينة.
لكنها تلفت النظر إلى أن قسماً كبيراً منهم يعملون في وظائف أو مهن تعتمد في جزء كبير منها على مظهرهم، فضلاً عن رجال الأعمال الذين يريدون توفير وقت العناية الشخصية من خلال استخدام خدمات إزالة الشعر بالليزر في المركز. وتبرز أمل أن عدداً كبيراً من زبائن المركز الذي تعمل فيه يتوجهون نحو خدمات شد الوجه وتنظيفه وحقن البوتوكس وإعادة الشباب للبشرة وتبييض الأسنان وتخسيس الوزن وغيرها.