مساعدات دولية لإنقاذ غابات القوقاز
١٨ مايو ٢٠١٠تبلغ مساحة المناطق المحمية في منطقة القوقاز بأكملها خمسة ونصف مليون هكتار موزعة على250 منطقة في الوقت الحالي. وجاء هذا ثمرة مبادرات بيئية عديدة نفذت بتمويل دولي. وقد شاركت الحكومة الألمانية في تمويل عدة مشاريع لإعادة غرس الأشجار في الغابات الموجودة في المنطقة.
وبالرغم من أن عمليات إعادة غرس الأشجار كانت تتم منذ عهد الاتحاد السوفيتي سابقا، إلا أنها كانت تقتصر آنذاك على إعادة غرس أشجار الصنوبر فقط في الغابات، اعتمادا على نظام الزراعة الأحادي. لكن من الناحية البيئية، يرى خبراء البيئة من صندوق حماية الطبيعة العالمي أن البديل الأفضل هو إعادة تشجير غابات مختلطة من شجر "جار الماء" وشجر الدردار وشجر الزيزفون وأنواع أخرى، حتى يتسنى لأكبر عدد من أنواعها المختلفة مواصلة النمو حتى في حالة تغير المناخ تدريجيا.
ومن هنا ظهرت الحاجة الملحة لإعادة النظر في هذا الخصوص. وقد شارك خبير الغابات فرانك مورشل من صندوق حماية الطبيعة العالمي في عدة مشاريع، وهو يقول إنهم يسعون إلى إدخال أفكار جديدة، وتوفير ثقافات جديدة وتمليك الناس أجهزة جديدة. وهو يقيم كل ما يتم في هذا الإطار بأنه يدخل ضمن تبادل التجارب والخبرات.
آفاق جديدة للسكان
ولكن ليس من السهل دائما إشراك السكان المحليين في عملية حماية الغابات، خصوصا أنه في بعض الأنحاء من جورجيا يعيش ما يقرب من 30 في المائة من السكان تحت خط الفقر. ومن هنا فإن توفير الخشب للوقود والبحث عن أراض صالحة للرعي، هو أمر يعتبر أكثر أهمية بالنسبة للسكان في حياتهم اليومية مقارنة بموضوع حماية البيئة. وكما يقول نوغزار زازاناشفيلي، رئيس قسم المحافظة على الطبيعة في فرع منطقة القوقاز لبرنامج صندوق حماية الطبيعة العالمي: "التواصل مع السكان المحليين صعب للغاية، فنحن عندما نتحدث إليهم بقولنا مصلحتكم ومصلحة بلدكم، فهم لا يدركون أن الأمر لا يقتصر عليهم فقط، وأننا جميعا معنيون بذلك." إلا أنه يوضح انطلاقا من تجربته أن سكان المناطق المتضررة باتوا مع مرور الوقت يدركون مدى أهمية تغير المناخ بالنسبة لمستقبلهم.
إن مشاريع حماية المناخ تساعد السكان أيضا بشكل مباشر، حيث وجد بعضهم وظائف في إطار المشروع وهم يكسبون المال عن طريق زراعة الأشجار أو حراسة أسوار المزارع وإبعاد الماشية عنها. لكن هناك أيضا فوائد على المدى الطويل للسكان المحليين، إذ يسعى المشروع لمساعدتهم في تسويق المنتجات الإقليمية، مثل الجبن واللحوم والعسل، بشرط أن يتم إنتاجها بوسائل رفيقة بالبيئة، أي أن ترعى الماشية فقط في مناطق يتم تحديدها مسبقا لهذا الغرض، على أن يحتفظ السكان بحقهم في الحصول على حطب الوقود بطريقة مستدامة من الغابات، وهذا ضروري في فصل الشتاء فدرجة الحرارة لا تزيد حتى خلال ساعات النهار في بعض الأحيان عن 20 درجة تحت الصفر.
التوترات السياسية هي التحدي الأكبر
وبعد أن أكتمل أول مشروع لإعادة التشجير، يركز الآن الصندوق العالمي للطبيعة على تنفيذ المزيد من المشاريع التي تتخطى الحدود. إذ تمتد منطقة القوقاز وتغطي مساحة 500 ألف كيلومتر مربع بين ستة دول هي: جورجيا وأذربيجان وأرمينيا وأجزاء من روسيا وتركيا وإيران. والتحدي الأكبر بحسب رأي خبراء الغابات يرجع إلى الاضطرابات المتكررة في المنطقة. لأن هناك أكثر من 40 قبيلة في منطقة القوقاز. ولكن نوغزار زازاناشفيلي يقول بأنه واثق من هذه المنطقة ذات الطبيعة الجبلية التي تقع فيها دائما توترات وحروب، إلا أن هناك دائما نوع من الانتماء للهوية القوقازية التي تساهم في حل النزاع. وهذا يعني من وجهة نظره، أنه حتى لو لم تجد شعوب المنطقة حلا سياسيا، إلا أن الجهود ما تزال قائمة من أجل التوصل إلى تفاهم من أجل حماية الطبيعة والبيئة، على حد قوله.
إن الهدف الرئيسي من التعاون الدولي بالنسبة لصندوق حماية الطبيعة العالمي، هو خلق روابط بواسطة ما يسمى الممرات الخضراء بين جميع مناطق المحميات الطبيعية، وبالتالي تكوين شبكات ايكولوجية من أجل التنمية البيئية والاجتماعية في المنطقة، وتوفير بيئة حياة طبيعية لأنواع الحيوانات المهددة بالانقراض مثل النمور.
الكاتبة: ألكسا ماير/ نهلة طاهر
مراجعة: مراجعة طارق أنكاي