مصير الأونروا على محك الاتهامات الإسرائيلية والتحقيق الأممي
١٤ فبراير ٢٠٢٤"طالما يمكننا عمل شيء ما، سأستمر"، هكذا أجاب فيليب لازاريني على سؤال DW حول مطالبته بتقديم استقالته. وتابع المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بعد اجتماع مع وزراء التنمية في الاتحاد الأوروبي في بروكسل، أنه يعتقد أنه قادر على الاستمرار في قيادة منظمته بشكل معقول.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، قد دعا فيليب لازاريني إلى الاستقالة خلال عطلة نهاية الأسبوع. وذلك بعدما أعلن جيش بلاده أنه عثر على نفق تابع لحركة حماس الإسلامية المتطرفة تحت المقر الرئيسي للأونروا في قطاع غزة. ودافع فيليب لازاريني عن نفسه بالقول إنه ليس لديه علم بهذه الأنفاق.
ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
ونوه لازاريني من بروكسل إلى أنه منذ بداية العمليات العسكرية الإسرائيليةفي قطاع غزة، تم استخدام ما يقرب من 200 مبنى ومنشأة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة لأغراض عسكرية من قبل كل من حماس والجيش الإسرائيلي. وأردف أن الآلاف قد لقوا حتفهم في قصف قد يكون غير متعمد لمرافق الأونروا، ما يتطلب التحقيق في القضية بعد أن تضع الحرب أوزارها، حسب لازاريني.
اندلعت الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر عقب هجوم إرهابي غير مسبوق شنته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصاً، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة. كذلك، اختطف في الهجوم نحو 250 رهينة واقتيدوا إلى غزة. وردت إسرائيل بحملة قصف مركز أتبعتها بهجوم برّي واسع في القطاع، ما أسفر عن مقتل 28340 شخصاً غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب حصيلة صادرة عن السلطات الصحية التابعة لحركة حماس الاثنين (12 شباط/فبراير 2024).
إسرائيل: الأونروا مخترقة من قبل حماس
ودعا لازاريني إسرائيل إلى تقديم أدلة إلى لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول عمل اثني عشر موظفاً في الأونروا لصالح إرهابيي حماس أو التورط في الهجمات الإرهابية على إسرائيل: "حتى الآن لا يوجد دليل. وتم فصل الموظفين الاثني عشر بسبب خطورة الشبهات وليس بناء على أدلة".
وتتهم إسرائيل الأونروا بالمساهمة في الصراع من خلال دعم الجماعات الفلسطينية المسلحة، وتصاعدت الاتهامات بشكل حاد منذ هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وقال دبلوماسي إسرائيلي لـ DW في بروكسل: إن تورط موظفي الأونروا في جرائم حماس يشير إلى أن وكالة الأمم المتحدة قد تم اختراقها على نطاق واسع من قبل أنصار حماس: "يجب التحقيق في مدى استغلال البنية التحتية للأونروا في قطاع غزة من قبل الإرهابيين، بما يشمل المباني المدرسية. ومن هنا ترحب الحكومة الإسرائيلية بقرار العديد من الدول تعليق مدفوعاتها للأونروا".
ماذا عن المدفوعات القادمة؟
وقد قامت الولايات المتحدة وألمانيا والمفوضية الأوروبية، وهم أكبر ثلاثة مانحين للأونروا، ودول أخرى، بتجميد دعمها المالي الذي يبلغ مجموع قيمته 600 مليون دولار سنوياً. وتستحق الدفعات القادمة الدفع في نهاية الشهر.
وكما كشف منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، فإن الدعم سيعود بشرط الشروع في التحقيق، ولكن دون الحاجة لانتظار نهايته ونتيجته: "من الواضح لنا جميعاً أن مثل هذا التحقيق لا يمكن أن يكتمل في غضون 20 يوماً. سيستمر التحقيق طالما كان ذلك ضرورياً، ولكن في هذه الأثناء يجب أن يستمر الناس في تناول الطعام والذهاب إلى الطبيب".
وشارك وزير الدولة في وزارة التنمية الألمانية، يوخن فلاسبارث، في اجتماع بروكسل الخاص بالأونروا. وأشار إلى أن ألمانيا ستواصل تمويل الوكالة التابعة للأمم المتحدة: "دعم ألمانيا لإسرائيل ليس موضع نقاش، ولكن يجب علينا أيضاً أن نرى أن الأبرياء، الفلسطينيين الذين لا علاقة لهم بحماس، يعانون من ضائقة هائلة في الوقت الحالي". ووفقاً ليوخن فلاسبارث، فإنه لا يمكن التخفيف من معاناة الفلسطينيين إلا عن طريق الأونروا، التي أصبح عمرها 75 عاماً.
"قنوات بديلة" عن الأونروا؟
وتقوم حاليا لجنة مستقلة برئاسة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا بالفحص والتحقيق في عمل الأونروا بتكليف من الأمم المتحدة. ومن المفترض أن تقدم توصياتها بحلول منتصف نيسان/أبريل. وأعلن المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني أنه سينفذ على الفور تلك التوصيات.
ولكن كل ما سبق غير كاف بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، كما أوضح دبلوماسي في بروكسل لـ DW. وتقترح الحكومة الإسرائيلية تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين عبر "قنوات بديلة"، على سبيل المثال من خلال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أو الصليب الأحمر الدولي.
بوريل: الإجلاء من رفح "إلى أين؟ إلى القمر؟"
يقول كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن الحكومة الإسرائيلية تضغط من أجل حل الأونروا منذ فترة طويلة، ولكنه شخصياً يدعو إلى مزيد من الدعم للمنظمة الإغاثية الأممية: "على الرغم من الاختلافات في الرأي بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فإن انطباع الأغلبية هو أنه لا يوجد بديل عما لدينا حالياً فيما يتعلق بمساعدة الفلسطينيين".
ويقول بوريل إن الوفيات العديدة الناجمة عن العملية العسكرية الإسرائيلية لا يمكن تحملها، كما أن تصرفات الجيش الإسرائيلي أصبحت الآن غير متناسبة، وأن الولايات المتحدة ترى الأمر بهذه الطريقة. وتابع بوريل بغضب أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهولا يستمع لأحد. تحدث نتانياهو عن إجلاء الفلسطينيين من رفح. الإجلاء؟ إلى أين؟ إلى القمر؟".
واقترح بوريل على حكومات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، التي تشكو الآن من أن عدد القتلى المدنيين في قطاع غزة لا يطاق، أن توقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل: "نحن بحاجة إلى القيام بأكثر من مجرد التعبير عن قلقنا." ولم تصدر عن مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي دعوة لحركة حماس الإرهابية إلى وقف مقاومتها وأعمالها العدائية وبالتالي إنهاء القتل.
أعده للعربية: خالد سلامة