مصر: الدرب الأحمر لفنون السيرك تكتشف مهارات الأطفال
٩ أغسطس ٢٠١٥
في قلب القاهرة القديمة يقع حي الدرب الأحمر المكتظ بالورش والأعمال الحرفية. بدأت فكرة المدرسة حينما تعاونت مؤسستا "المورد الثقافي" و"أغاخان" في إنشاء مدرسة لتعليم الفنون للأطفال واحترافها.
كان الهدف هو الاستمتاع والتعلم ثم الاحتراف، كبديل عن المهن الصعبة التي تقتل طفولتهم. " في البداية كان صعبا إقناع الأهل بتعليم أولادهم لفنون مثل الإيقاع والأكروبات لكن بعد فترة أصبحت الأمور أسهل"، هكذا تقول خولة أبو سعدة مديرة المدرسة.
بدأت المدرسة في عام 2011 وقد التحق بها 15 طفلا، وتقبل الأطفال من سن 6 إلى 16عاما. تحتوى المدرسة على فصول دراسية هي: السيرك، الإيقاع ،وآلات النفخ النحاسية. ويتعلم الأطفال الفنون بشكل عملي ومهني على أيدي مدربين متخصصين وفنانين فاعلين بالمجال.
يقضي الطفل في المدرسة عامين كاملين بدوام جزئي بعد مدرسته العادية ليتخرج بعدها متقنا لأحد الفنون. مدرسة الدرب الأحمر لا تسعى فقط لتعليم الأطفال فنون السيرك . تقول خولة أبو سعدة في لقاءها مع DW:" إلى جانب فنون السيرك و العزف و الإيقاع يتعلم الأطفال اللغة الإنجليزية و علوم الحاسب الآلي".
نجاحات و أحلام
#gallery#ندى يحيي، 16 عاما، تطل على جمهور الحاضرين لتغني لفيروز الصغيرة وتلعب " الهولا هوب " وتقذف القبعات وتتلقفها بحضور مبهر وإبتسامة مشرقة . ندى التحقت بالمدرسة وعمرها 11 عاما:"كنت ألعب حينها في الشارع وقالت لى إحدى صديقاتي عن المدرسة فذهبت". جذب ندى شكل آلة الساكسفون في البداية إلا أنها بعد ذلك دخلت إختبارات السيرك ونجحت فيها.
كلمة مدرسة بالنسبة لندى تعني " مدرسة الدرب الأحمر للفنون ".وعن دراستها بالمدرسة الإعتيادية تقول:" بعد إنهاء دراستي الثانوية سألتحق بمعهد الفنون المسرحية فأنا أحلم بأن أكون فنانة شاملة أغني وأرقص وأمثل وألعب الأكروبات".
بعد خمس سنوات من تعلم ندى للشجاعة في مواجهة الجمهور وتعلم الفنون أصبحت تشارك كمحترفة في عروض السيرك. تتذكر ندى أن أهلها في البداية كانوا خائفين من تفويتها للدراسة الإعيتيادية بسبب إرتيادها مدرسة الفنون. لكن ندى وزميلتين آخرتين بمدرسة الفنون تصادف وجودهما بنفس المدرسة الإعتيادية كونوا فريقا داخل المدرسة وتم تكريمهم و منحهم درجات تفوق لموهبتهم.
ندى ترى في المدرسة احلامها تتحقق فقد سافرت لعرض في لندن وأصبحت صورها تنتشر في جنبات الحي وعن هذا تقول:" صممت المدرسة بوسترات بصورنا. وأشعر بفرحة لما أقدمه ، كنت فتاة عادية والآن أشعر أنني مميزة".
"العمل في الفن هو ما أسعى إليه"
الحسيني محمد أحد طلاب المدرسة، ألتحق بها منذ عامه الـ12 حينما إجتذبته صورة للاعبي السيرك عرضها عليه أحد المشرفين على المدرسة.الحسيني طالب فنون مجتهد فقد أنهى في أربع سنوات دراسة الإيقاع والسيرك و يتابع الآن تعلم آلة الساكسفون في فصل الآت النفخ النحاسية. " العمل بالشهادة الجامعية ليس مهما بالنسبة لي ولكن العمل في الفن هو ما أسعى إليه ".
الحسيني الذي بدأ الآن العمل كمحترف ببعض العروض خارج المدرسة ، يحلم في المستقبل بتكوين فرقة تعتمد على الإستقلالية في الأفكار كما تعلم بالمدرسة. يقول الحسيني:" أتناقش مع أصدقائي لإقناعهم بأن السيرك فن وليس شيئا تافها كما يتصوره البعض " ويكمل:" أذهب إلى المدرسة كل يوم لأصنع لنفسي مستقبلا وأرى انني محظوظ أنني من الدرب الأحمر".
من أصغر طلاب المدرسة لكنه أيضا من أمهرهم، محمود حسين 7 سنوات ينظر إلى الجمهور من أعلى السلم الذي يتسلقه على خشبة المسرح ببراعة مبهرة. ويقول محمود " علمتني المدرسة الثقة بالنفس وأفرح في كل عرض كأنه العرض الأول لي".
محمود الذي لا يحب السيرك الذي يعتمد على الحيوانات، يحلم أن يصبح مهندسا للطائرات ويقول " سأبني و أصلح الطائرات صباحا وأقدم عروض الأكروبات على المسرح مساءً، هذا هو ما أريده "
مساحات للإبداع
خلف الستار ، كل يعرف دوره فهي ليست المرة الأولى التي يقوم فيها أطفال المدرسة بعروض على المسرح. العام الماضي قدموا مسرحية "تاهت ولقيناها " والتي خرجت نتاج ورشة شارك فيها الأطفال بقصصهم ولاقت نجاحا مبهرا. هذا العام يخرج الأطفال بعرض "بلالايكا " وهو مزيج من أفكار الأطفال والتي يساعدهم في تطويرها مدربيهم، كما أن هناك بعض الفقرات هي نتاج ورشة مع فريق " تومب " البريطاني الذي أنتج مع الأطفال فقرات مستوحاة من البيئة منها العزف الإيقاعي على الكراسي و البراميل وزجاجات المياه الفارغة.
وتقول أبو سعدة " مساحة الإرتجال و التعبير عن الذات و البيئة المحيطة هي المحرك الأساسي في أفكار العروض فدور المدرسة توجيهي أكثر منه فرض أفكار".
العرض متواصل في شهري أغسطس وسبتمبر وهو مجموعة من اللوحات الفنية التي تختلف ما بين عزف على الآلات النحاسية وغناء وعزف على الإيقاع و بالطبع وجبة لطيفة من الأكروبات وألعاب السيرك البهلوانية.
عازف الآلات النحاسية و المدرب محمد يوسف يقف و سط العازفين خلف الكواليس لإعطاء الملاحظات الأخيرة قبل رفع الستار. وفي لقاءه مع DW يقول " المدرسة تهتم بجوانب شخصية الطفل كسلوكه وأداءه ، بعض الأحيان نواجه صعوبات، لكن حب الأطفال لما يفعلونه وإطمئنانهم لمدربيهم يجعل الأمر ممتعا وأسهل بعد فترة "
بين الجمهور تعلو أصوات الأطفال منهم بالضحكات أو تعليقات الإنبهار. حمزة مهران 6 سنوات أحد الأطفال الذين حضروا العرض يقول " أحببت فقرة القبعات و أتمنى لو أستطيع التشقلب مثل العارضين".أما والدته التي اصطحبت إبنيها إلى عروض المدرسة لأول مرة تقول:"سعدت بموهبة الأطفال وقدرتهم على إتقان تلك الألعاب في مثل هذا العمر الصغير".