مصر الفرعونية مصدر إلهام لكثير من الأفلام العالمية
١١ يناير ٢٠١١صدر مؤخرا كتاب جديد للمؤلف المصري أحمد رأفت بهجت بعنوان " مصر وسينما العالم" يتناول فيه مجمل الإنتاج السينمائي العالمي حول تاريخ مصر القديمة. ويرى الكاتب المصري "أن هناك شغفا عالميا بمصر القديمة، عبر عنه مخرجون من الشرق والغرب في أفلام روائية وتسجيلية منذ بداية ظهور السينما في نهاية القرن التاسع عشر، لأهداف بعضها "غير برئ مثل تهويد التاريخ الفرعوني" حسب ما جاء في الكتاب. و يقدم المؤلف عرضا دقيقا لعدد الأفلام المنتجة بهذا الصدد، ويحصرها بأكثر من 500 فيلم. و يقول الكاتب في صفحات كتابه " إنه عدد لا يستهان به ولا أعتقد أنه توفر تقديمه عن أي شعب لا ينتمي للبلدان التي أنتجت تلك الأفلام".
و يشير الكاتب على سبيل المثال إلى أن الملكة كليوباترا حظيت بأكبر عدد من الأفلام السينمائية التي أنتجت عن ملوك التاريخ القديم والحديث، إذ زاد عدد الأفلام التي تناولت حياتها عن 50 فيلما. ويعتقد الكاتب أن حياة الكثيرين من ملوك مصر القديمة تعرضت إلى حملات تشويه، وأن الأفلام قللت من شأن الانجازات التاريخية التي حققها ملوك الفراعنة، حسب ما يروي المؤلف في كتابه.
رأي ناقد أدبي مصري
وفي الوقت الذي يشدد فيه الكاتب أحمد رأفت بهجت على أن" بعض هذه الأفلام لم تكن معنية بالتاريخ المصري بحد ذاته قدر اهتمامها بالتعبير عن أفكار سياسية، ومنها الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، يعتبر الناقد الأدبي المصري عصام زكريا هذه النظرة بأنها "ضيقة" ولا " تنم عن تعامل حيادي مع الموضوع"، حسب قوله في حديث مع دويتشه فيله. و يثمن الناقد عصام زكريا جهود الكاتب أحمد رأفت في جمع المعلومات ورصدها لكتابه، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن" الأمر لا يتعلق بجمع المعلومات الدقيقة عن الموضوع فحسب، وإنما بالتعامل مع هذه المعلومات وتقييميها بشكل حيادي وموضوعي".
فعندما يقول الكاتب أحمد رأفت في كتابه " إن البعض يربط على سبيل المثال الصراع بين النبي موسى ورمسيس الثاني في فيلم " الوصايا العشر" الذي أنتج في عام 1956، بالصراع بين أمريكا،" نصيرة" الضعفاء والأقليات ورمسيس الحاكم المستبد الذي لا يؤمن بالله الواحد، كانعكاس رمزي للحكام الشيوعيين". وبعبارة أخرى يهدر الفيلم المذكور "عظمة" رمسيس الثاني، ويضعه في مصاف طغاة الحاضر، كالزعيم النازي أدولف هتلر، وموسوليني، وستالين، كما يقول الكاتب في كتابه.
ويشير الناقد المصري عصام زكريا إلى وجود صور نمطية عن حياة الشعوب الثقافية والاجتماعية سائدة لدى منتجي الأفلام، وربما بين شعوب الدول المنتجة " لكن المنتجين لا يجلسون على طاولة واحدة لكي يتفقوا على إنتاج فيلم يهدف إلى تشويه صورة شعب ما أو يسيء إلى حضارة ما."
شعوب أخرى تتعرض إلى الإساءة في أفلام كثيرة
و يشير عصام زكريا إلى أن شعوبا أخرى تتعرض للإساءة في أفلام هوليوود، مستندة في ذلك إلى "الصور النمطية السائدة لدى المنتجين عن تلك الشعوب". ويذكر زكريا " أن شعوبا عظيمة كاليابانيين والمكسيكيين والروس والألمان والهنود الحمر في أمريكا تعرضت للإساءة بشكل كبير نتيجة لظروف تاريخية محددة". فالأمر لا يتعلق بإنتاج أفلام تتعرض للشعوب العربية أو الإسلامية بشكل أو بآخر". وينبه الناقد زكريا إلى أن أفلاما كثيرة أنتجت في الولايات المتحدة في مرحلة ما بعد أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر 2001 قد تعرضت للشعوب العربية والإسلامية بهذا الشكل أو ذاك.
ولكن من جانب آخر ظهرت أفلام أخرى سعت إلى التعامل مع الموضوع بشكل نقدي وإيجابي، فالكثير من المنتجين طرحوا السؤال التالي في أفلامهم " لماذا هذه الكراهية للغرب لدى شعوب الشرق، أو لماذا هذه الصور النمطية لدى الغرب عن شعوب الشرق؟" ويشير عصام زكريا إلى دور الأفلام الجيدة في تغيير الصور النمطية في الغرب عن الشعوب الإسلامية والعربية. وأخيرا يعتبر زكريا غزارة الإنتاج السينمائي في العالم عن التاريخ المصري الفرعوني "تعبيرا عن حب عميق لمصر وتاريخها وحضارتها."
حسن ع. حسين
مراجعة: منى صالح