مصر: هل تتحقق أحلام النوبة فى الدستور؟
٢٨ سبتمبر ٢٠١٣بضم الناشط والمفكر النوبي حجاج أدول إلى لجنة الخمسين لتعديل الدستور التي شكلها الرئيس المؤقت عدلي منصور، عقد النوبيون آمالا كبيرة بأن يقوم الدستور القادم بعد الانتهاء من صيغته المعدّلة، على احترام التعددية الثقافية لمصر وأن يستعيد أهل النوبة جزء من حقوقهم "المسلوبة".
وتزامنا مع تشكيل اللجنة الأولى لإعداد الدستور عام 2012، انطلقت حملة "الدستور يا نوبيين" الهادفة إلى التوعية بأهمية تمثيل أهل النوبة في لجنة كتابة الدستور. ويقول مازن علاء منسق الحملة في حواره مع DWعربية، إن جميع "محاولات أعضاء الحملة مع كافة اللجان التأسيسية التي شكلت منذ يناير/ كانون ثاني 2011، باءت بالفشل"؛ كما أوضح أن "أهل النوبة أكثر من يعاني من التمييز بسبب لون بشرتهم، كما أنهم أكثر فئة تتعرض للسخرية. والتمييز ضد أهل النوبة لا يتم تجريمه، ولهذا لابد من إقرار نصوص لتجريمه". وطالب مازن علاء أيضا بمراعاة التعددية الثقافية لمصر في التعديلات المطروحة على دستور 2012؛ "وإذا كانت اللغة العربية اللغة الرسمية للبلاد، فلا بد أن تحترم اللغات المحلية الأخرى التي يتكلم بها المصريون كالأمازيغية والنوبية. لهذا نطالب بأن يتم تعديل مواد الدستور لتشمل منح الحق لناطقي اللغات غير العربية في تعلم لغتهم في أقاليمهم وفي الأماكن التي يتواجدون فيها بنسب كبيرة". ويبدو المطلب الأخير للحملة بدراسة النوبية، وهى واحدة من اللغات الكوشية الأفريقية، منطقيا لكونها واحدة من أقدم اللغات الإنسانية.
حق العودة
وخلال حديثه تطرق مازن علاء إلى ما وصفه "إنكارا متعمدا" من جانب الحكومات المصرية المتعاقبة للقضية النوبية، "بداية من قرار تقسيم مصر والسودان خلال فترة الاحتلال البريطاني (1882-1954)، والذي أدى إلى تقسيم النوبة بين الدولتين، ووضع خط حدودي قسّم آنذاك قرية مثل "أدندان" بين وطنين".
وخلال فترة حكم جمال عبد الناصر، يسترسل الناشط "سحبت أرضنا النوبية بسبب مشروع قومي هو السد العالي، وقد قال وقتها الرئيس المصري عبد الناصر إن تهجير أهل النوبة مؤقت حتى يستقر منسوب بحيرة ناصر المُلحقة بالسد، والآن بعد استقرار منسوب المياه بهذه البحيرة، يجب أن يعاد توطيننا على ضفافها". لكن عملية التوطين "خصصت للشباب بشكل عام، وليس لأهل النوبة رغم أن العملية جاءت بدعم من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، وفقاً لاتفاقية إعادة توطين سكان النوبة الأصليين!".
ويرى منسق حملة "الدستور يا نوبيين"، أن تحقيق مطالب هذه الفئة مرتبط أيضاً بالتزام الحكومة المصرية بالاتفاقيات الموقع عليها بشأن حماية الحقوق الجغرافية والثقافية للشعوب الأصلية. و"إذا كانت الدولة المصرية قد اهتمت بحماية الآثار في منطقة النوبة التي أغرقتها المياه وخصصت لذلك صندوقا ومتحفاً، فعليها أيضا الاهتمام بالوطن الغارق وأهله. والدستور سيكون الخطوة الأولى لتصحيح الوضع".
النوبية لغة ثانية
من جانبه أشار حجاج أدول، ممثل النوبة في لجنة تعديل الدستور المصري لـDWعربية ، إلى أن الدستور المصري بعد الانتهاء من تعديله، "سيؤكد حتما على التعددية الثقافية للوطن الواحد، وليس العرقية، لأن الأساس هو الثقافة ومنها يتفرع التنوع العرقي والديني والأيديولوجي. ولأن هذا الدستور هو دستور الثورة، فيجب أن يعمل على حلِّ كافة القضايا الأساسية من جذورها". واعتبر المفكر النوبي أن تواجده في لجنة الخمسين "لا يمثل إلا خطوة أولى بالنسبة للقضية النوبية وهو ليس نهاية المطاف، لهذا سنحاول انتزاع أكبر حجم من الحقوق والاستمرار حتى نيل كل حقوقنا المشروعة.. وسأضغط لمنع التهجير القسري".
وأكد حجاج أدول أن "مأساة أهل النوبة، تلك الجماعة البشرية التي تعرضت أربع مرات لتهجيرات كبرى وانتزعت من موطنها النهري نحو الصحراء دون أن يهتم لمعاناتها أحد، عليها أن لا تتكرر". وقد أشار أيضا إلى أن التعويض المادي "لا يكفى، وإنما يتوجب على رئيس الجمهورية تقديم اعتذار للنوبيين، فهذا مطلبهم وهو الإجراء الوحيد الكفيل بإرضائهم بعد الاهانة الكبيرة التي تعرضوا لها". وإذا لم يقدمها الرئيس الحالي فـ"سننتظرها من خلفه".
تعددية الوطن الواحد
وردّا على سؤال DWعربية حول مدى قبول مقترحاته داخل لجنة تعديل الدستور، خاصة وأن حالة التعددية داخل الوطن الواحد سيكون أمرا مستحدثا، ردّ الكاتب والأديب النوبي قائلا: "من سمات المجتمع الضعيف الخوف. وهناك رعب من أية خصوصية وأية جماعة بشرية تخرج عن مسيرة "القطيع"، ولهذا يتم ربط اسمها بمؤامرة خارجية. في حين أن مشكلة الأقليات الدينية أو الثقافية موجودة بكل دول العالم، فهي في إيطاليا وجزر الجنوب وفي فرنسا وغيرها. ومن لا يقبل بالتعددية، فهو إما جاهل أو عنصري يتحجج بمصطلح "المؤامرة" ضد حقوق الأقلية". ورغم ذلك، أبدى المفكر تفاءلا كبيرا، فـ"قدرة النوبيين في التعبير عن قضاياهم، جعلت النخبة المصرية وقطاعات وفئات من المجتمع المصري تتيقّن من وجود قضية نوبية؛ كما أن تاريخ النوبة خير دليل على وطنية أهلها، ولم يحدث أن كان هناك نوبي خائن.. ولا يوجد أي دليل على أننا نريد تقسيم مصر".