مصريات يروين عن محنتهن مع الحمل دون زواج
١٨ يوليو ٢٠١٦تروي أسماء السيد البالغة من العمر 24 عامًا، ل DWعربية، قصَّتَها: "تعرفت في البداية على شاب في الجامعة وبدأت قصة الحب بيننا وتطورت العلاقة إلى علاقة جنسية وفوجئت بالحمل". وتابعت "عندما طالبته بالزواج حسب وعوده، تنصل من مسؤوليته المشتركة معي، والمفاجأة الأكبر كانت عندما اكتشفت أن بياناته كانت خاطئة".
فكرت أسماء في الانتحار خوفًا من الفضيحة، لكنها فشلت فحاولت الإجهاض، وتروي بهذا الصدد مساومة الطبيب الذي لجأت إليه لعملية الإجهاض بإقامة علاقة جنسية معها مقابل مساعدتها على التخلص من الجنين بسبب عدم امتلاكها أالمال الكافي للقيام بهذه العملية.
رفضت أسماء العرض، وقررت الاحتفاظ بالجنين، وتابعت "عائلتي أدركت ما حدث ما أدى إلى وفاة والدتي حزنًا للفضيحة التي تعرضت لها، وقامت العائلة بطردي". ومن هنا بحثت عن وظيفة للحصول على المال، وتعرفت على صاحب العمل الذي ساندها في الظروف الصعبة التي مرت بها حتى ولادة الطفل.
مساعدة ثمنها الزواج من كهل!
ومع ذلك، أكدت أنه لم يكن يساعدها من منطلق أبوي، ولكنه كان يرغب في الزواج بها، وعرض عليها الزواج سرًّا. وأشارت: "رغم فرق السن الكبير بيننا اضطررت في نهاية المطاف القبول بعرض الزواج للحصول على مصاريف الطفل". ومن هنا، بدأت المشاكل الخاصة بتسجيل الطفل، بسبب عدم اعتراف والده به، وأوضحت أن أحد أهم المشكلات التي واجهتها هي تطعيم الطفل. وللخروج من هذه المعضلة، تضطر إلى دفع أموال باهظة للممرضات لتطعيم الطفلة.
ورغم التقدم التكنولوجي والعلمي الذي حدث في مسألة إثبات النسب للطفل عبر تحليل DNA، ولكن أسماء لم تكن تعلم هذا الأمر. وحسب قصتها، حاولت البحثَ في الإنترنت عن حلول إلى حين إثبات الطفل، ولجأت إلى منظمة حقوقية تساعد الضحايا دون مقابل مادي، وبهذا السياق تقول: "أتابع الآن مع محامٍ في السر، وهو مهتم بقضيتي دون مقابل مادي، وآمل خيرًا في أن أكسب هذه القضية".
وتمنت أن تسمح الدولة بالإجهاض، وتقول "لولا فشل الإجهاض، لم تكن عائلتي تعلم شيئًا عن الموضع أو حتى وجود طفلتي في حياتي الآن". وأردفت :"الدولة تحمِّل المرأةَ فوق طاقتها، ولا تسمح بالإجهاض حتى للمرأة المتزوجة شرعًا ".
وتوقفت للحظات والدموع في عينيها قائلة: "أفكر في الانتحار بشكل مستمر، ولكن أفكر في مستقبل طفلتي التي لو تركتها لن تجد شخصًا يحميها ويهتم بها، أنا عايشة بسببها". وتتساءل بحزن: "لماذا دمرت حياتي بسبب خطأ ارتكبته أنا من حقي أعيش حياة كريمة مع طفلتي، لماذا يقسو المجتمع والدولة علي"؟!
أوجاع تجربة الإجهاض
يعاقب القانون المصري الطبيب الذي يقوم بعملية الإجهاض، لذلك فإن الطبيب الذي يجري عمليات الإجهاض، يواجه حكمًا بالسجن يراوح بين 3 و 15 عامًا. لذلك، تضطر النساء إلى اللجوء إلى أطباء يعملون في عيادات سرية ويتقاضون مبالغ ضخمة، وبعضهن يلجأن إلى طرق بدائية وغير آمنة للإجهاض.
تشير هبة أحمد، إلى أن والدها أجبرها على ترك دراستها من أجل تحمل مصاريف دراسة أخيها التوأم. وتعرفت على زميل في العمل، وأقامت علاقة معه، وحملت منه، لكنه تخلى عنه. وبدأت بالبحث عن وسائل الإجهاض الآمنة، ولجأت إلى طبيب، وأقامت علاقة معه لمساعدتها، وبالفعل أجهضت. وحمَّلت والدها وأخيها مسئولية ما تعرضت له في حياتها.
قصص لا تنتهي عن علاقات خارج إطار الزواج نجم عنها الحمل، وربما قصة أميرة حسين19 سنة ليست مختلفة عنها كثيرًا. فقد حاول أوهمها أستاذ جامعة مرموق بحبه لها، وبأنه سيصنع لها مستقبلًا فريدًا، وسيقوم بتعيينها في الجامعة. رغم أنها كانت غير مكترثة لمسألة حملها، ولكنها شعرت بالندم والأسف أنها سلمت نفسها لشخص تخلى عنها. وقالت "أستاذ الجامعة أصبح في منصب رفيع في الدولة ولكنه تنصَّل مني ومن الجنين".
حاجة عاجلة لمراجعة النصوص القانونية
يقول رضا الدنبوقي، المحامي والمدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، في حواره مع DWعربية أن الإجهاض في القانون المصري من الجرائم كثيرة الحدوث في الحياة العملية، ومع ذلك فإنه قليلًا ما تصدر في مواجهتها أحكام بالإدانة في مصر. وفسَّر: "وذلك لاعتماد الجريمة في وقوعها على عنصر الخفاء فلا يبلغ عنها، وإنما تكتشف بمحض الصدفة، خصوصًا إذا ما أدى الإجهاض إلى وفاة الحامل". وتابع "حتى إذا اكتُشِفت فإنه من الصعب إثباتها". واستكمل: "كما أن قلة أحكام الإدانة قد يكون سببها تفهُّم القاضي للظروف الاجتماعية أو الاقتصادية التي قد تدعو بعض الأمهات أو العازبات للإجهاض، الأمر الذي يدفع القاضي إلى محاولة تلمس أسباب البراءة".
ويرى الدنبوقي أن جسد المرأة هو ملك لصاحبته ولا يحق لأحد غيرها أن ينوب عنها في اتخاذ القرار بشأنه، أو أن يتصرف فيه دونما إرادتها أو موافقتها، ويرجع لها القرار بشأن الأمومة ووقت الحمل وعدد الأطفال والفترة الزمنية الفاصلة بين حملٍ وآخر.
وطالب الدولة بمراجعة القوانين التي تجرِّم الإجهاض وحذف المواد التي تفرض عقوبات على المرأة في حالة لجوئها للإجهاض، وتشريعات تسمح للإجهاض الآمن لضحايا الاغتصاب وزنى المحارم، والحصول على الخدمات الصحية والإنجابية لكل النساء دونما تمييز.
وترافع مركز المرأة للإرشاد عن أكثر من 1000 قضية، بين إثبات نسب، واثبات علاقة زوجية، وهناك 100 قضية انتهت بإثبات النسب بالصلح والتراضي، وتأخذ القضية عادة بين سنة ونصف إلى ثلاث سنوات".
"ظاهرة مشابهة لأطفال الشوارع"
ويرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس الدكتور سمير عبد الفتاح، في حديثه لـ DW عربية أن ظاهرة الزواج غير الشرعي الذي ينتج عنه حمل هي ظاهرة آخذة في الارتفاع في مصر. وشبَّهها بظاهرة أطفال الشوارع، أي القنبلة الموقوتة التي قد تنفجر في المجتمع وتصيبه بتداعيات خطيرة. وفسَّر ذلك بعدة عوامل، قائلًا: "رغم تقدم الوضع التعليمي والاجتماعي للمرأة إلا أنها لا تملك خبرة كافية في التعامل مع الشباب، وعدم اهتمام الأمهات بالنقاش والحوار مع بناتهن، وكذلك تمتعهن بالحريات المطلقة". وأوضح: "هناك علاقات غير شرعية عديدة ينجم عنها الحمل في المناطق الشعبية". وحمَّل الدولة والأسرة مسئولية تخفيف المخاطر المجتمعية لهذه الظاهرة.