مصطفى عبد الجليل ـ الوجه الأبرز في الثورة الليبية
٢٤ أغسطس ٢٠١١لسنوات طويلة بقي مصطفى عبد الجليل وجها غير معروف خارج ليبيا. وبعد إتمامه لدراسته في قسم الشريعة والقانون في كلية اللغة العربية والشريعة الإسلامية، بدأ الرجل حياته المهنية بالعمل في النيابة العامة، ثم كقاض ومستشار في طرابلس، قبل أن يصبح وزيرا للعدل لقرابة أربعة أعوام في حكومة القذافي. وخلال فترة توليه للوزارة بين عامي 2007 و 2011، لم يظهر عبد الجليل كموال للديكتاتور، وإنما كشخصية ذات توجهات سياسية مستقلة. وبعد أن تولى قيادة المجلس الوطني الانتقالي للثورة، أصبحت الآمال معقودة عليه ليكون الشخصية السياسية المركزية في مستقبل ليبيا.
مواقف شجاعة
واشتهر الرجل، (59 سنة) الذي تعلو جبينه "زبيبة" المصلين، وصاحب لحية بيضاء كساها الشيب بمواقفه الشجاعة، فقد أعرب عبد الجليل عندما كان وزيرا للعدل عن تأييده الإفراج عن معتقلي سجن أبو سليم في طرابلس، الذي لم يكن يخضع لوزارته بل لجهاز الاستخبارات الليبي النافذ. وذكرت هبة مرايف الناشطة في هيومن رايتس ووتش أنهم "سألوا عبد الجليل (في 2009) "هل حقا كان 330 معتقلا في سجن أبو سليم موقوفين بدون أي مستند قانوني، فقال: نعم، هذا صحيح". وكانت المنظمة حينئذ تحقق حول ذلك السجن الذي قتل فيه مئات الليبيين. وأضافت "لقد أثار إعجابنا لأنه حقا رجل نزيه، وكان منفتحا أمام الأسئلة التي كنا نطرحها عليه خلال التحقيق حول أبو سليم"، مؤكدة أن النظام لم يقبل أبدا بالتحقيق حول المجزرة التي وقعت هناك سنة 1996.
محاكمة عادلة للقذافي
وأحدث المواقف البارزة التي تسجل لهذا الرجل، هو حرص عبد الجليل، بعد دخول الثوار طرابلس، على المحافظة على النظام العام. كما تعهد بتأمين محاكمة عادلة للقذافي، تحترم فيها المبادئ القانونية، وقال: "نأمل بإلقاء القبض حيا على القذافي، حتى نحاكم هذا الطاغية تحت أنظار العالم." وحذر عبد الجليل أنصاره من ممارسة أي أعمال انتقامية ضد قوات عناصر القذافي. وحتى يعطي لهذا التحذير بعدا هاما، هدد عبد الجليل بالاستقالة، إذا ما لم يلتزم الثوار بهذا التحذير.
والمثال الأخلاقي الأبرز الذي أراد عبد الجليل أن يقدمه هو استعداده للمثول أمام القضاء الليبي للسنوات الأربع التي قضاها وزيرا في حكومة معمر القذافي. لقد كسب رئيس المجلس الوطني الانتقالي، الذي يحلو لأنصاره أن ينادوه بـ"الشيخ"، بهذا السلوك احتراما واسعا، ليس في بلاده فحسب، بل في عموم المنطقة التي لم تعهد مثل هذه التصرفات من قادتها.
(فلاح الياس/ دويتشه فيله/ أ ف ب، د ب أ)
مراجعة: أحمد حسو