مع اشتداد حرارة الصيف.. كيف تحافظ على سلامتك؟
٢٤ يونيو ٢٠٢٤يشهد الكثير من الدول في نصف الكرة الشمالي، ومنها المنطقة العربية والهند وباكستان، ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة وصل إلى 50 درجة مئوية، وصولا إلى دول جنوب أوروبا وباتت هذه المعدلات هي الأعلى على الإطلاق.
وفي ظل هذه الأجواء القاسية، لا يجد العمال بديلا سوى التوقف عن العمل خلال ساعات النهار شديدة الحرارة فيما يغادر الأطفال مدارسهم مبكرا وتموت الماشية جراء الإنهاك نتيجة التعرض لدرجات الحرارة العالية.
وفي ذلك، يقول مراسل DW في نيودلهي مورالي كريشنان، وكان يعيش عند إعداد التقرير في ولاية غوجارات التي تعد من المناطق الأشد حرارة، إن هذا الطقس الحار "لا يٌطاق لدرجة أن الشوارع تصبح فارغة من المارة، إنه لأمر صعب للغاية".
شرب الماء بانتظام
يقدم أبهيانت تيواري، الخبير في مجال الطقس من الهند، أولى النصائح وأهمها للحفاظ على السلامة والصحة في الطقس شديد الحرارة، مضيفا أن شرب الماء يعد أمرا بالغ الأهمية. وقال "يتعين شرب الماء بانتظام حتى في غير أوقات العطش، فيما يفضل شرب المشروبات الباردة مثل ماء جوز الهند عن المشروبات الساخنة." في المقابل، يرى خبراء في الصحة مثل كاثرين لينج، الأستاذة في كلية جونز هوبكنز للتمريض، أن كافة المشروبات جيدة طالما لا تحتوي على مادة الكافيين لأنها تتسبب في الجفاف فضلا عن تجنب المشروبات الروحية.
الخروج فقط عند الضرورة
ومن بين النصائح للحفاظ على الصحة خلال درجات الحرارة المرتفعة البقاء داخل المنازل والمباني وعدم الخروج إلى الشوارع والأماكن المفتوحة، كما يمكن الحصول على بعض الراحة خلال ساعات النهار الأشد حرارة، وهو الأمر الذي يفضله الكثير في الهند، وفقا لما ذكره كريشنان.
ويضيف أن ارتفاع درجات الحرارة تدفع القائمين على التعليم في ولاية غوجارات إلى إنهاء اليوم الدراسي في الواحدة ظهرا وليس الرابعة عصرا، إذ "يعمل الناس على البقاء في المنزل للحفاظ على برودة الجسم وكأنهم باتوا محتجزين في منازلهم".
بيد أن خيار البقاء في المنزل ليس متاحا للجميع.
وفي ذلك، قال كريشنان "يوجد فئة كبيرة من الفقراء في الهند، لذا يضطر الكثير منهم خاصة من يعملون في وظائف مثل البناء، إلى العمل وتحمل وطأة موجة الحر لكسب قوت يومهم".
أما في باكستان وتحديدا في منطقة جاكوب آباد، لا تجد بارفين سيكندر مناصا سوى الاستمرار في العمل رغم الطقس شديد الحرارة الذي لا يُطاق بسبب عملها في المزارع.، فهي من ذوي الدخل اليومي فضلا عن ظروفها الأسرية التي تثقل كاهلها. وفي مقابلة مع DW، قالت "ابني البالغ من العمر 14 عاما كان يعمل معي في نقل المحاصيل، لكنه تعرض للإغماء بعد إصابته بضربة الشمس نهاية الأسبوع الماضي".
وقد وصلت درجة الحرارة في جاكوب آباد إلى 51 درجة مئوية فيما تؤكد سيكندر إنها تضطر والعاملات غيرها إلى صب ماء على الملابس بسبب الشعور بالإرهاق جراء الحر الشديد. وقالت "نشعر خلال هذا الصيف وكأننا نعيش في جهنم. لم يكن الطقس شديد الحرارة كما هو الحال في الوقت الراهن".
وينصح تيواري هذه السيدة الباكستانية وغيرها بتغطية الرأس عند العمل في الأماكن المفتوحة.
ماذا عن كبار السن؟
وفيما يتعلق بكبار السن، ينصح خبراء الصحة بضرورة بقاءهم في غرف مكيفة قدر الإمكان للحفاظ على سلامتهم. لكن الكثير من بلدان العالم مثل الهند وباكستان لا يمتلك الكثير من الناس المال لشراء أجهزة تكييف فضلا عن أزمة انقطاع التيار الكهربائي، ففي بعض المدن الهندية ينقطع الكهرباء عدة مرات في اليوم الواحد، وتتوفر الكهرباء لثلاث ساعات في المرة الواحدة.
بدوره، يقول كريشنان إن سعداء الحظ ممن يستطيعون شراء أجهزة تكييف، دائما ما تتعطل الأجهزة بسبب طول فترة الاستخدام في الطقس شديد الحرارة ناهيك عن انقطاع الكهرباء.
طرق تقليدية بديلة
لكن ماذا عن المنازل التي لا يستطيع أصحابها شراء أجهزة تكييف؟
وفي هذا الصدد، يقول تيواري إن السكان في المناطق الريفية في الهند ما زالوا يستخدمون التقنيات التقليدية لجعل المنازل باردة مثل تركيب أسقف فاتحة اللون تكون قادرة على امتصاص حرارة الطقس بمعدل أقل من الأسطح الداكنة.
ولا يتوقف الأمر عند ذلك إذ تقدم راديكا خوسلا، الأستاذة والخبيرة في هندسة التبريد في جامعة أكسفورد، نصائح أخرى مثل وضع أواني من الماء على أسطح المنازل لتسريع عملية تبخر الماء في تغيير درجات الحرارة أو ما يُطلق عليه التبريد التبخيري.
ويمكن أيضا تغطية نوافذ المنازل لمنع دخول أشعة الشمس إلى الغرف واستخدام المراوح أو ارتداء ملابس باردة على معصم اليدين والرأس والرقبة لتبريد الجسم.
تفاقم ظاهرة التغير المناخي
ويحذر خبراء من ارتفاع درجات الحرارة جراء تفاقم ظاهرة التغير المناخي وهو ما يؤكد عليه تيواري. وفي ذلك، قال "رأينا خلال موجة الحر عام 2015 في الهند وباكستان أو في أحمد أباد عام 2010، حيث تم اسعاف كثير من الناس إلى المستشفيات. كان الأمر مقلقا حيث أصبحت المستشفيات مكتظة ومات كثيرون".
لم يصدر حتى الان أي حصيلة رسمية عن الوفيات الناجمة خلال موسم الصيف الحالي، بيد أن الأرقام الحالية تعد أقل من حصيلة الوفيات خلال موجة الحر الشديدة في الهند عام 2015 حيث توفي قرابة 3000 شخص. وموجة الحر عام 2010 أسفرت عن وفاة 1300 شخص.
هذا العام توفي حتى الآن فقط 90 شخصا، يقول تيواري إنه من غير الواضح سبب هذا العدد القليل مقارنة بعامي 2010 و2015، لكنه ينبه إلى أن موجة الحر لم تنته بعد، معتقدا في الوقت نفسه أن حملات التوعية العامة قد بدأت تثمر وأن الناس يتعلمون كيفية حماية أنفسهم.
أعده للعربية: محمد فرحان