1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مع ترقب الاجتياح.. نافذة الهروب تضيق أمام سكان رفح!

١١ أبريل ٢٠٢٤

مازال النازحون في مدينة رفح يعانون من أوضاع معيشية مزرية، فيما يأتي ذلك مع تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على أن اجتياح المدينة الحدودية مع مصر "سيحدث" من دون أن يعلن عن موعد محدد.

https://p.dw.com/p/4eeaq
الدمار في رفح 22.02.2024
رغم الضغوط والتحذيرات الدولية تصر إسرائيل على اجتياح رفح والقضاء على ما تبقى من كتائب حماس العسكرية هناكصورة من: MOHAMMED ABED/AFP

خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قبل أيام ليعلن أنه جرى تحديد موعد اجتياح مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، لكنه لم يقدم تفاصيل، قائلا: "سيحدث ذلك. فهناك موعد" من دون أن يكشف عنه.

وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي في السابق وفي عدة مناسبات إلى أن رفح قرب الحدود المصرية هي آخر معقل لحركة حماس وأن اجتياحها لا مفر منه "لإعلان النصر " على الحركة تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا ودول أخرى كمنظمة إسلاموية مسلحة إرهابية.

ويأتي ذلك رغم تزايد الانتقادات الدولية، خاصة في ظل الأوضاع المأساوية التي يعاني منها أكثر من مليون نازح يشكلون أكثر من نصف سكان القطاع ممن لجأوا إلى رفح التي تعد أيضا المركز اللوجستي الرئيسي للمساعدات القادمة إلى القطاع من مصر.

تزامن هذا مع إعلان الجيش الإسرائيلي سحب جميع الوحدات التابعة للفرقة 98 بألويتها الثلاثة من منطقة خان يونس تاركا لواء واحد فقط في شمال غزة للسيطرة على الممر الذي تم إنشاؤه حديثا في وسط غزة لفصل الشمال عن الجنوب. وأفاد شهود عيان بعودة بعض النازحين من رفح إلى ديارهم المدمرة في خان يونس.

وقال الباحث الإسرائيلي والمؤرخ العسكري، غاي أفيعاد، إن الجيش الإسرائيلي "أتم سحب الفرقة 98 في منطقة خان يونس"، مضيفا أن الجيش "يتجه إلى المزيد من العمليات التي تستند على المعلومات الاستخباراتية مثل شن غارات دقيقة. باتت المسافة بين إسرائيل وغزة قصيرة جدا تتراوح ما بين كيلومترين وأربعة كيلومترات، ما يعني إمكانية دخولها في أي وقت".

وفي مقابلة مع DW  عبر الهاتف من رفح، قال الغزواي لؤي فريد الذي كُتب عليه النزوح عدة مرات منذ بدء الحرب، إنه كان من المفترض أن "تكون رفح مكانا أمانا، لكنها لم تكن كذلك على الإطلاق." وأضاف أن "التفجيرات تقع بشكل شبه يومي بل وتزداد وتيرتها كل يوم"، مشيرا إلى أنه كان من بين نحو 1,5 مليون غزاوي استجابوا لدعوة الجيش الإسرائيلي الخاصة بضرورة الإجلاء صوب جنوب غزة وتحديدا مدينة رفح عقب هجوم حماس الإرهابي في السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 240 رهينة إسرائيلية.

أطفال في رفح ينتظرون حصولهم على الطعام 19.02.2024
تحذر المنظمات الإنسانية من تدهور الوضع الإنساني أكثر مع اجتياح مدينة رفحصورة من: Abed Zagout/Anadolu/picture alliance

وقد هيمن الحديث عن قرب اجتياح رفح على نقاشات النازحين في المدينة الحدودية. وفي ذلك، قال فريد "أطفالي يشعرون بالخوف من الأخبار التي تتحدث عن اجتياح وشيك يستهدف رفح. أطفالي يسألونني ماذا سنفعل وإلى أين سنذهب؟ لكن للأسف لا أملك أي إجابة على تساؤلاتهم".

وقبل الحرب، كان يقطن رفح نحو 250 ألف شخص، فيما كانت المدينة نقطة عبور رئيسية للسلع والبضائع إلى القطاع بسبب قربها من الحدود المصرية. معبر رفح الحدودي يعد شريان الحياة الرئيسي الذي يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي، لكن عقب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، باتت رفح تشهد ازدحاما كبيرا مع نزوح سكان مناطق غزة الأخرى إليها بحثا عن مأوى. وبات الكثير منهم يعيشون داخل خيام مؤقتة أو سيارات أو على قارعة الطريق.

وقال فريد "لا يمكن وصف قسوة حياتنا في رفح. إنها حياة تشرد يمكن للمرء وصفها بما يريد، لكنها بالتأكيد ليست حياة طبيعية. نعيش بعيدين عن منازلنا وعن أحيائنا وعن جيراننا وأصدقائنا. لا يمكننا أن نستمر في هذا الوضع طويلا".

اجتياح رفح بين الدعم الداخلي والضغوط الدولية!

وعلى الصعيد الإسرائيلي، يبدو أن نتانياهو وحكومته مصران على المضي قدما في خطة اجتياح رفح "للقضاء" على أربع كتائب تابعة لحماس، وسط حديث إسرائيلي عن أن مقاتلي حماس ينتشرون بين النازحين المدنيين وفي الأنفاق. لكن الهجوم المخطط أثار انتقادات دولية حادة خاصة من قبل الولايات المتحدة، أقوى حليف لإسرائيل وأكبر مورد للأسلحة لها.

ومؤخرا، حذر مسؤولون أمريكيون من أن أي هجوم يستهدف رفح سيكون "خطأ" إذا لم يتم وضع خطة موثوقة لنقل النازحين المدنيين وحمايتهم. فيما أعربت مصر من مخاوفها من أن الخطط الإسرائيلية قد تتضمن دفع المدنيين صوب الحدود المصرية وسيطرة الجيش الإسرائيلي على ممر فيلادلفيا، الشريط الضيق العازل بين مصر وغزة.

غارات اسرائيلية على رفح تثير مخاوف من اجتياح بري قريب

ورغم تزايد حدتها، إلا أن الانتقادات الدولية يبدو أنها لم تؤثر على قرارات نتانياهو أو على الرأي العام الإسرائيلي. إذ يشير استطلاع أجراه مؤخراً "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" المستقل ومقره القدس، إلى أن نحو ثلاثة أرباع سكان إسرائيل من اليهود يؤيدون توسيع العمليات العسكرية لتشمل رفح. وأشار الاستطلاع إلى أن ثلثي سكان إسرائيل من العرب يعارضون الخطة.

وفي مقابلة مع  DW قال أفي ميلاميد، المتخصص في الشؤون العربية والمسؤول الاستخباراتي الإسرائيلي السابق، إن "الرأي العام الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول مازال مجتمعا حول أمرين، هما عودة جميع الرهائن وإنهاء حكم حماس لقطاع غزة".

وفي السياق ذاته، قال مسؤولون أمريكيون إنهم يرغبون في رؤية خطة بديلة عن اجتياح رفح تشتمل على توجيه ضربات دقيقة ضد أهداف تابعة لحماس. وقد حاولت الولايات المتحدة، إلى جانب مصر وقطر، التفاوض على إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس من شأنه أن يمنع الاحتياج ويؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، بيد أن مباحثات الهدنة لم تسفر عن إحراز تقدم ملموس.

ورغم المواقف الامريكية الأخيرة، إلا أن وسائل إعلام أمريكية تحدثت عن صفقة أسلحة محتملة لتزويد إسرائيل بأسلحة جديدة تشمل طائرات من طراز " إف- 35".

وفي تعليقه، قال ميلاميد "لا أتوقع أن تقدم إسرائيل على شن عملية رفح، دون تعاون وتنسيق وثيقين للغاية مع الولايات المتحدة خاصة في سياق التعامل مع قضية المدنيين في رفح".

عودة سكان غزة إلى خان يونس المدمرة

نافذة الهروب تضيق

وأشار مسؤولون عسكريون إسرائيليون في تصريحات صحافية إلى أنه سيتم نقل النازحين المدنيين إلى "مناطق تتمتع بالحماية". لكن كيف سيتم إجلاء هذا العدد الكبير من المدنيين المنهكين بعد ستة أشهر من الحرب وأين ستكون وجهتهم؟ هذا ما لم يتم توضيحه حتى الآن!

وفي مقابلة مع DW قال المؤرخ والباحث العسكري الإسرائيلي، غي أفيعاد، "لا أعرف الخطط العملياتية للجيش الإسرائيلي. لكن في حالة النظر إلى الخريطة الحالية، فإنه لا توجد طريقة أخرى سوى إجلاء النازحين صوب الشمال على طول الطريق الساحلي وصوب وسط قطاع غزة". وأضاف "لكن هذه المناطق مدمرة ولا توجد فيها بنية تحتية. ما يعني ضرورة تزويد عدد كبير من السكان بالمياه والخيام والغذاء. وهذه مشكلة كبيرة للغاية".

وقد حذر عدد من مسؤولي الإغاثة التابعين للأمم المتحدة - تحدثوا إلى DW  شريطة عدم الإفصاح عن هويتهم - من أن ما بين 800 ألف ومليون شخص سيضطرون للانتقال إلى أماكن أخرى، ويُرجح أن يتم نقلهم إلى منطقة وسط غزة قرب شاطئ البحر والتي تقع جنوب الطريق العسكري الجديد الذي أقامه الجيش الإسرائيلي ويفصل الجزء الشمالي في غزة عن الجزء الجنوبي.

ورغم تزايد الضغوط الدولية، إلا أن حال سكان غزة البالغ عددهم 2,3 مليون نسمة لم يطرأ عليه أي تحسن. وقد أفادت السلطات الصحية التابعة لحماس في غزة بمقتل أكثر من 33 ألف شخص في غزة فيما حذرت منظمات إغاثة دولية من أن قرابة نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر المجاعة خاصة في شمال القطاع.

وقال النازح الغزواي فريد إنه اتخذ القرار الصعب والذي تمثل في مغادرة غزة في مساعيه لنقل عائلته إلى بر الأمان، مضيفا أنه سجل اسمه في قوائم السفر إلى مصر عبر معبر رفح بعد أن اقترض أموالا لدفع رسوم التسجيل الباهظة.

وأضاف "كل يوم، يسألني أطفالي متى موعد السفر؟ نحن نتوق للهروب من هذا الجحيم، ولو حتى مؤقتا. معظمنا قد فقد الثقة في حدوث وقف لإطلاق النار ونخشى جميعا من حدوث الاجتياح بعد رمضان. الحديث السياسي الراهن يشير إلى أن الاجتياح ليس سوى مسألة وقت فقط، لذا يجب علينا أن نغادر".

لكن مراقبين يقولون إن خيار المغادرة ليس ممكنا لجميع سكان غزة.

ساهم في إعداد التقرير حازم بعلوشة  من عمان

أعده للعربية: محمد فرحان