معارضون سوريون يتباحثون في برلين حول مرحلة ما بعد الأسد
٢٨ أغسطس ٢٠١٢DW: لمدة تفوق الشهر، كانت مجموعة من المعارضين السوريين تعمل في مرافق مبنى "مؤسسة العلوم والسياسة" على برنامج يهدف إلى وضع خطط للانتقال السلمي للسلطة بعد سقوط حكم الأسد تحت شعار "اليوم التالي: دعم التحول الديمقراطي في سوريا". كيف جاءت فكرة هذا البرنامج؟
مورييل أسبورغ: فكرة هذا البرنامج كان وراءها مجموعة من السوريين الذين يعيشون في المهجر. إنهم يريدون الانكباب على مناقشة التحديات التي ستكون مطروحة بعد تغيير النظام. ويسعون في نفس الوقت من خلال عملهم، إلى إقناع أولئك السوريين الذين يشككون أو يرفضون الثورة بجدواها. كما أنهم يريدون أن يبعثوا بإشارة إلى المجتمع الدولي مفادها أن فصائل المعارضة بإمكانها أن تعمل مع بعضها البعض وأن لديها تصورا واضحا حول كيفية النهوض بالبلاد بعد انتهاء الثورة.
من هم الأفراد المشاركين في مجموعة العمل هذه؟
كانت المجموعة تتكون في البداية من السوريين المقيمين في المهجر، وأغلبهم من السوريين الذين يقيمون في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنهم من يقطن هناك منذ مدة قصيرة وآخرون يعيشون هناك منذ مدة طويلة. هؤلاء انتخبوا أعضاء آخرين وكونوا لجنة للعمل على هذا البرنامج. وقد قمنا نحن وشريكنا الأمريكي "معهد الولايات المتحدة للسلام (USIP)" بدعم هذا البرنامج من خلال توفير أماكن العمل والبنية التحتية والخبرة اللازمة. وقد عرف هذا اللقاء مشاركة حوالي 45 شخص، ولم يتم اختيارهم بصفتهم ممثلين عن أحزاب سياسية أو تحالفات، ولكن تم اختيارهم بناء على شخصياتهم وخبراتهم. ومع ذلك، فهذا لم يمنع من أن تكون أهم الطوائف والمجموعات العرقية والتيارات السياسية ممثلة. وينتمي جزء من المشاركين إلى المعارضة السورية الموجودة في الداخل إضافة إلى جزء من المعارضة التي تنشط خارج سوريا.
ما هو التصور المبدئي لسوريا ما بعد الأسد؟
المشاركون جميعهم متفقين، على سبيل المثال، على أن جميع المواطنين في سوريا ما بعد الأسد سواسية أمام القانون بغض النظر عن انتمائهم الطائفي والعرقي. بالنسبة للتصور الألماني لا يبدو هذا شيئا مذهلا، لكن هذا لا يعتبر من البديهيات بالنسبة لسوريا بعد أربعين عاما من حكم نظام الأسد. يجب على المرء أن يأخذ بعين الاعتبار قوة استناد النظام السياسي القائم على التمييز والتفضيل الطائفي والعرقي.
ما هي الأسئلة التي كانت محور ورشة العمل؟
كانت لدينا ست مجموعات عمل. وكل واحدة منها اشتغلت على ست محاور مختلفة: العدالة الانتقالية وسيادة القانون والعملية الدستورية ومبادئ وضع دستور جديد والنظام الانتخابي، خاصة بالنسبة لانتخابات الجمعية التأسيسية، إضافة إلى الإعمار الاقتصادي والسياسة الاجتماعية ثم إصلاح القطاع الأمني. وتكتسب هذه النقاط أهمية بالغة، حسب المشاركين، بالنسبة لمستقبل سوريا القريب والمتوسط. وتعتبر مسألة الأمن من بين العناصر الأكثر إلحاحا بالنسبة للمستقبل القريب لسوريا، حيث يجب استعادة الأمن ومنع حدوث الأعمال الانتقامية. ويجب في هذا السياق اتخاذ إجراءات تحضيرية بشكل عاجل حتى قبل سقوط نظام الأسد. وفي نفس الوقت يتحتم منذ الوهلة الأولى بناء أسس أجهزة أمنية تخضع للمراقبة بشكل ديمقراطي.
وحتى عملية إعادة الإعمار ستكون مكلفة بالنسبة للسوريين؟
نعم، فترة حكم الأسد الأب والابن التي دامت أربعين عاما خلفت خللا اقتصاديا هائلا، والذي تعمق بشكل أكبر من خلال التحرير الجزئي للاقتصاد في السنوات الأخيرة. ويضاف إلى ذلك، المواجهات المسلحة التي تعرفها البلاد منذ عام ونصف. كل هذه العوامل ستجعل العمل على إعادة البناء والتحديات الإنسانية أكثر جسامة، ناهيك عن إعادة بناء النظام الاقتصادي بالكامل.
كيف يرى المشاركون دور الدول الغربية حتى الآن؟ فهؤلاء كانوا متحفظين للغاية خلال الأزمة السورية القائمة منذ عام ونصف.
في الواقع، يصعب على المعارضة السورية أن ترى كيف تتواصل عمليات القمع في بلادها يوما بعد يوم والغرب لا يقوم بإجراء مؤثر لإنهاء ذلك. ويرون، قبل كل ذلك، تناقض السياسة الغربية. فالغرب يعتبر نفسه حاميا لحقوق الإنسان، لكن عندما يكون مطالبا بالتحرك بشكل جدي يعجز عن ذلك. هذا هو تصور الكثير من السوريين.
كيف ينظر المشاركون للدور الألماني؟
حتى ولو كان المشاركون يطمحون إلى غير ذلك، فهم لديهم قدر من التفهم لتحفظ ألمانيا على التدخل العسكري. وفي نفس الوقت، هناك اعتراف بالدور الألماني في مجال الإغاثة الإنسانية. وهناك تقدير أيضا لاستعداد ألمانيا مع الإمارات العربية المتحدة في إعادة البناء الاقتصادي لسوريا.
الدكتورة موريل أسبورغ عضو في مجموعة البحث في قضايا الشرق الأوسط والأدنى وإفريقيا التابعة لمؤسسة العلوم والسياسة الألمانية (SWP). وقد أشرفت على ورشة عمل "اليوم التالي".