معرض السياحة الدولي في برلين بين السياسة وحبة السفر
٦ مارس ٢٠١٩بحر من الأعلام التي ترفرف أمام المدخل الرئيسي لرواق معرض السياحة الدولي في برلين الذي يفتح أبوابه حتى العاشر من مارس/ آذار الجاري، وهو أكبر معرض للسياحة في العالم. وحوالي 10.000 شركة من 181 بلدا تعرض منتجاتها داخل أروقة المعرض الذي تُباع فيه الأحلام والتطلعات لقضاء أجمل الأسابيع في السنة. وعلى ملصقات كبيرة تظهر الشمس والبحر وشواطئ بيضاء وأناس فرحون من ثقافات مختلفة.
وتبقى السياحة على مستوى العالم قطاعا منتعشا يحقق المليارات، ففي كل سنة يسافر عدد متزايد من الناس لقضاء العطلة في بلدان أخرى. في عام 2018 تجاوز عددهم 1.4 مليار مسافر، ما يعادل زيادة بنسبة سبعة في المائة بالمقارنة مع السنة السابقة. والألمان لهم نسبة لا يُستهان بها في هذه الزيادة. ومن ناحية إحصائية كان كل ألماني في 2018 على سفر لمدة عشرين يوما ـ وهذا رقم قياسي جديد. وإذا ما تمعنا في النفقات ببلد العطلة، فإن الألمان صرفوا 95.6 مليار يورو، وهي زيادة بخمسة في المائة.
جوانب انتعاش حركة السفر
لكن عدد السياح المتزايد لا يبقى بدون عواقب، أكان ذلك في البندقية أو أمستردام أو دوبروفنيك. وقد بات الازدحام في بعض الأماكن ثقيل التحمل. ولذلك يحاول هذا القطاع إيجاد حلول لتفادي ازدحام التجمعات البشرية. السؤال المطروح هو إلى أين يتجه المسار، هذا ما تعكسه حالة مدينة البندقية حيث سيتم في المستقبل فرض قيود وبطاقات على دخولها. وحتى بالنظر إلى تحول المناخ، فإن أعداد المسافرين المتزايدة تشكل مشكلة. ومع انطلاق فعاليات معرض السياحة الدولي في برلين حث وزير التنمية الألماني، غيرد مولر قطاع السياحة على مزيد من الاستدامة. وفي نهاية 2018 أطلق مولر "التحالف من أجل التنمية والمناخ". والشركات التي تشارك في ذلك تلتزم بتقليص انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. والانبعاثات المتبقية تعوضها باعتماد مشاريع في البلدان النامية مثلا من خلال دعم الطاقة المتجددة أو حماية الغابة الاستوائية.
السياسة قلما تجلب الاهتمام
وموضوع الاستدامة وحماية البيئة يجلب اهتمام الكثير من السياح، وهذا يظهر من خلال استطلاعات الرأي لقطاع السفريات. ويبقى الوضع السياسي في بلد العطلة في المقابل ثانويا في اتخاذ القرار لقضاء العطلة. فبالنسبة إلى السياح يكون من المهم أن يسود الهدوء والأمن في الفندق وعلى الشواطئ.
على هذا النحو يمكن تفسير الحجوزات للسنة الجارية، فإلى جانب إسبانيا واليونان تأتي تركيا في مقدمة الوجهات المفضلة لدى الألمان. وفي الأخيرة ارتفعت الحجوزات بـ 58 في المائة. وقبل الاعتداءات والمحاولة الانقلابية الفاشلة قضى 5.6 مليون ألماني عطلتهم في تركيا. وفي 2016 كان عددهم فقط 2.5 مليون سائح.
اليهود ومثليو الجنس في ماليزيا
ويتجدد الطلب على مصر إلى جانب تونس وبلغاريا وكرواتيا. ويؤكد رئيس اتحاد الأسفار الألماني، نوبرت فيبيش أن رغبة السفر لدى الألمان ستبقى قائمة في 2019. ويواجه قطاع السياحة صعوبات عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان وحرية التعبير في بلدان الاستجمام مثلا ماليزيا التي أعلنها معرض السياحة الدولي في برلين شريكا، وهو قرار مثير للجدل. ففي الخريف الماضي أصدرت محكمة ماليزية حكم الجلد على سيدتين سحاقيتين. ويتعرض مثليو الجنس للتهديد بعقوبات سجن حتى عشرين عاما. كما أن رئيس وزراء ماليزيا محمد مهاتير يتحدث بازدراء عن اليهود ويتهمهم "بشعور غريزي نحو المال".
الزبون ملك
وفيما إذا كان بإمكان اليهود ومثليي الجنس أن يشعروا بالأمان أثناء قضاء عطلتهم في ماليزيا، سؤال وجهه أحد الصحفيين لدى افتتاح المعرض إلى وزير السياحة الماليزي الذي أوضح أنه لم يحضر إلى برلين للإجابة على هذا النوع من الأسئلة. وعندما كرر الصحفي سؤاله رد عليه الوزير بأن ماليزيا لا توجد فيها مثلية للجنس، وبالتالي لا يمكن له تقديم جواب على السؤال. السؤال هنا، كيف يتعامل معرض السياحة الدولي في برلين مع هذا النوع من التصريحات؟ كريستيان غوكه، رئيس إدارة المعرض الذي جلس بالقرب من الوزير عند افتتاح المعرض تهرب من الإجابة، وقال بأن "المضيف يستمع ويأخذ الأمر بعين الاعتبار". لكن المعرض بالتحديد يشكل أيضا منصة لتناول موضوعات مثيرة للجدل.
زبينه كينكارتس/ م.أ.م