معرض القاهرة الدولي للكتاب خط اتصال ثقافي عربي- أوروبي
١٠ فبراير ٢٠١٥70 مليون كتاب و47 دولة مشاركة و850 دار نشر، هذه هي حصيلة الدورة الرابعة والستين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي لا يتجاوز سعر دخوله ما يعادل العشرة سنتات. ولا يعتبر المعرض الذي يقام منذ 46 عاما، الأقدم فحسب في العالم العربي بل إنه ثاني أكبر معرض كتاب في العالم بأكمله، إذ يبلغ عدد زواره نحو المليون.
تبدأ عمليات بيع الكتب في معرض القاهرة الدولي للكتاب منذ افتتاحه وذلك على العكس من نظام عمل معظم معارض الكتب في العالم. فدور النشر تبدأ في نقل كراتين الكتب إلى صالات وخيم المعرض على أمل بيعها خلال أيام المعرض الستة عشر، لاسيما وأن ما يصل إلى 80% من مبيعات بعض دور النشر السنوية تعتمد على معرض الكتاب. ويمثل المعرض في الوقت نفسه مصدر مبيعات مهم لدور النشر من العالم العربي.
يقول خالد المعالي، صاحب دار الجمل للنشر والمشارك بمساحة عرض كبيرة في المعرض: "هنا يلتقي المرء بزبائن وممثلي دور نشر ومترجمين وأدباء". لكن تجاوز الزحام المنتشر بين صالات وخيام المعرض والوصول للشخص المعني بموضوع معين، يمكن أن يمثل تحديا، إن صح التعبير.
خط اتصال عربي-غربي
يرى الناشر المصري شريف بكر أن الكثير من الناشرين (الأجانب) في العالم كله يسعون إلى "غزو" العالم العربي، ويضيف: "لكن الأمر بالنسبة لهم بمثابة صندوق باندورا، فليس بوسعهم فك شفرة هذا العالم وحدهم"، موضحا أن سبب ذلك هو عقبة اللغة من ناحية والثقافة التي لا يفهمونها من ناحية أخرى".
ويضيف بكر البالغ من العمر 39 عاما والذي عمل منذ عام 1997 في شركة عائلية لوالده ثم تولى رئاسة دار العربي للنشر منذ عام 2005: "أعرف الجانبين ويمكنني التوسط بينهما". وقرر بكر الاستفادة من عضويته في اتحاد الناشرين المصريين وصلاحياته الجديدة، لجعل المعرض أكثر جذبا للناشرين الأجانب.
ولذلك أطلق بكر بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب مشروع "كايرو كولينغ" الذي يهدف لتسهيل التواصل بين دور النشر الأجنبية والعربية. وعن البرنامج يقول بكر: "نتولى هنا الجزء الصعب في الأمر".
جولة متخصصة في قلب "أدغال الكتب"
وجّه شريف بكر بطباعة مطويات إعلانية لبرنامج المشروع وقام بالترويج له في معارض الكتاب في فرانكفورت والشارقة، وكان رد الفعل كبيرا كما يوضح: "حظينا باهتمام كبير من مختلف أنحاء العالم". ونجح الترويج للبرنامج في جذب ثلاث ناشرات فرنسيات وممثلين اثنين لمؤسسة الأدب الهولندية بالإضافة إلى توبياس فوس، المدير التنفيذي لقسم الأسواق الدولية بمعرض فرانكفورت الألماني للكتاب.
حصل المشاركون في "كايرو كولينغ" على برنامج تعريفي متخصص لمدة ثلاثة أيام بمعرض القاهرة للكتاب. ويصف توبياس فوس البرنامج بـ"الفكرة الرائعة" موضحا: "من المستحيل تقريبا معرفة دار النشر التي يجب التركيز عليها إن لم يكن المرء يجيد العربية". وتؤكد إيمانويلا كولا من دار غالاد إديسيون الفرنسية للنشر، على كلام فوس وتقول: "من المستحيل أن أجد طريقي هنا وحدي".
وفي أول أيام البرنامج انطلقت المجموعة الصغيرة مع شريف بكر في الصباح من الصالة رقم 19، حيث تقدم دور النشر الأجنبية أعمالها. وتنقل بكر مع المجموعة من خيمة إلى خيمة على أرضية المعرض المترامية الأطراف وسط الزحام، مستهدفا أماكن دور النشر التي يعرف عنها تركيزها على أعمال الترجمة، لاسيما أن هذا هو أكثر ما يركز عليه المشاركون في البرنامج والذين يسعون من ناحية إلى التواصل مع دور نشر مهتمة بترجمة أعمالها للعربية، ومن ناحية أخرى إلى اكتشاف مؤلّفين يمكن ضمهم لبرامج دور النشر الأوروبية الخاصة بهم.
وبحلول الظهيرة، كانت المجموعة قد زارت أكثر من 15 من العارضين، وتحدثوا مع ناشرين واتفقوا على مواعيد. أما اليومان التاليان فخصصا لعقد لقاءات مكثفة تتركز على لقاءات بين الناشرين المشاركين في البرنامج بصحبة مترجم، مع زملاءهم العرب لتقييم فرص التعاون وإنجاز صفقات بين الجانبين.
وساطة ناجحة
تقيم إيمانويلا كولا مشاركتها في البرنامج قائلة في آخر مساء للبرنامج: "أخذنا وقتنا في مناقشة الموضوعات المختلفة، كانت الأيام الثلاثة بناءة للغاية ومثيرة للاهتمام. وتشعر كولا بالسعادة بشكل شخصي بسبب إبداء أربعة دور نشر اهتماما بأحد كتب دار النشر الخاصة بها، باللغة الفرنسية.
وبالرغم من أن إيمانويلا كولا، تعرف المنطقة بشكل جيد ولديها بعض الاتصالات المسبقة فيها، إلا أن برنامج "كايرو كولينغ" قدم لها مساعدة كبيرة كما تقول:" شهدت مصر خلال الخمس سنوات الأخيرة الكثير من الأمور، ثمة الكثير من دور النشر والمؤلفون الجدد. كانت هناك الكثير من المفاجآت بالنسبة لي خلال الأيام الثلاثة".
ولم يقتصر اهتمام إيمانويلا كولا على دور النشر العربية فحسب، بل إن التعامل مع ناشرين من هولندا وألمانيا كان مفيدا بالنسبة، لها كما توضح: "لم نعرف بعضنا قبل ذلك ولكننا قمنا بالمناقشات بشكل مشترك وهو أمر مثير للاهتمام". وقررت إيمانويلا كولا أنها ستحضر المعرض العام المقبل لتقوم بالخطوة التالية وهي البقاء على تواصل مع الأطراف التي تعرفت عليها ومواصلة التعاون.
يدرك شريف بكر أهمية العثور على الطرف المناسب للتعاون ويقول: "نقدم للمشاركين خبرتنا في سوق الكتب العربية، ما يسهل عملية التعارف على الشركاء المناسبين لعقد الصفقات".
ولا يهدف برنامج "كايرو كولينغ" إلى مجرد تسهيل التواصل بين الأطراف المناسبة فحسب، بل إنه "يحاول أن يعطي المشاركين نظرة على القاهرة الحقيقية"، ولهذا ذهب المشاركون تناول العشاء في مطعم تديره مصرية اسمها سمية، وهو أحد المطاعم في وسط القاهرة والذي يحظى بشهرة خاصة بين أبناء العاصمة، كما حضروا حفلة رقص شرقي. ولم تغب زيارة الأهرامات بالطبع عن برنامج المشاركين الذين تجولوا أيضا في القاهرة القديمة. وتعرفوا عن كثب على المكان الذي نشأ فيه الأديب العالمي نجيب محفوظ، الحاصل على جائزة نوبل في الأدب، والأماكن التي ألهمته وظهرت في أعماله الروائية.
أميرة الأهل
ترجمة: ابتسام فوزي
حقوق النشر: موقع قنطرة 2015