معرض "الوطن الأم والمنفى" يسلط الضوء على معاناة اليهود الفارين من جحيم النازية
٣ يونيو ٢٠٠٧سلط المعرض المتنقل بعنوان: "الوطن الأم والمنفى: اليهود الألمان المهاجرون بعد عام 1933"، الذي أقيم في العاصمة الألمانية برلين خلال الفترة من أيلول/سبتمبر 2006 حتى نيسان/أبريل 2007، حيث يعرض حاليا في مدينة بون، الضوء على معاناة اليهود الذين هاجروا إبان الحقبة النازية تاركين ألمانيا قسراً. كما يتناول المعرض أكثر القضايا السياسية الشائكة في ذلك الوقت، ولكن في جانبه الكبير ركز على أولئك الأشخاص الذين أجبروا على مغادرة وطنهم الأم وحرموا حتى من الشعور العاطفي بالانتماء والهوية، إضافةً إلى استعراض محطات من حياتهم أثناء وجودهم في أكثر من مائة دولة هاجروا إليها.
البحث عن إجابات لأسئلة مُرة
وتطرق المعرض إلى عدة موضوعات والبحث عن إجابات لعدد من التساؤلات مثل لماذا ترك اليهود وطنهم ألمانيا؟ وأين وجدوا ملجأ لهم وما الظروف التي عاشوا تحتها؟ وكيف استطاعوا بناء حياة جديدة؟ ثم ما شعورهم اتجاه وطنهم الأم والبديل؟ وأوضحت مديرة البرامج في المتحف اليهودي في برلين، سيلي كوجيلمان، أن معظم ما تم عرضه في هذا المتحف هو من المجموعات الدائمة المتواجدة في المتحف اليهودي، إضافةً إلى استخدام معروضات من مجموعات تاريخية أخرى، وهناك قسم من أقسام المعرض زود بأجهزة سمعية توفر للزائرين إمكانية الاستماع إلى تجارب شخصية لأشخاص من اليهود يشرحون فيها معاناتهم الناجمة عن الهجرة القسرية وتجارب نجاحهم في المهجر. وفي هذا السياق أكدت سيلي كوجيلمان أن أحد أسباب إقامة هذا المعرض هو نجاح هؤلاء الأشخاص في حياتهم على الرغم من مما عانوه من صعوبات.
اليهود المهاجرون: نجاحات في خضم المعاناة
وأوضح القائمون على المعرض أن بعض البلدان كانت مفضلة من قبل اليهود المهاجرين، وكانت أغلب الدول تحتاج إلى تأشيرة دخول مثل الولايات المتحدة الأمريكية. واللافت للانتباه أن قلة قليلة من اليهود فضل الهجرة إلى شانغهاى كآخر فرصة للهرب من جحيم النازية، حيث يقدر عدد هؤلاء بحوالي 20 ألف يهودي، وسمحت شانغهاي بدخول المهاجرين اليهود إلى أراضيها دون الحاجة إلى تأشيرة حتى عام 1941.
وتعتقد كوجيلمان بأنه على الألمان الآن وبعد مرور حوالي نصف قرن أن يعيدوا قراءة تاريخ الهولوكوست من زاوية أخرى بحيث تتضمن معاناة اليهود الهاربين من جحيم النازية. فخلال الستين سنة الماضية ركز الألمان ـ حسب تعبير كوجيلمان ـ على قصص القتل الجماعي لليهود، لكنهم تجاهلوا معاناة اليهود الذين نجوا من المحرقة والذين شكلوا ثلثي اليهود الألمان، حسب تعبير المسؤولة الألمانية.
أما مدير المعارض في متحف التاريخ المعاصر، يورغن رايشه، فقال في هذا السياق بأنه يأمل من المعرض أن يحث الشباب على أن ينظروا بصورة جديدة إلى ألمانيا في الماضي والحاضر، وأضاف قائلا بأننا في معظم الأحيان ننسى أن تاريخ اليهود الألمان هو تاريخ الألمان ذاته.
"الوطن" ـ مفردة ليس لها جمعا!
ولكن المتخصص في التاريخ في الجامعة العبرية، موشي تسيرمان، أحد المشرفين على المعرض، حذر من التركيز فقط على قصص نجاح اليهود المهاجرين ونسيان الصورة المحزنة المتمثلة في أن الهجرة كانت أيضاً سبباً في أن يموت الكثير من اليهود، حسب تعبير تسيرمان، ويشير المؤرخ اليهودي الى أن مصطلح "وطن" الذي يتضمنه عنوان المعرض والذي ليس له في اللغة الألمانية جمعاً، (Heimat) يشير بوضوح إلى أن هؤلاء اليهود هم قبل كل شيء ألمان وأن الوطن واحد ولا يمكن أن يتعدد أو يكون للمرء أكثر من وطن.