معرض هافانا للكتاب بمشاركة ألمانية
١٣ فبراير ٢٠١٢افتتحت في العاصمة الكوبية هافانا النسخة الحادية والعشرون لمعرض كوبا الدولي للكتاب. وتبقى فعاليات المعرض في هافانا من التاسع من شباط/ فبراير حتى التاسع عشر منه، ثم تنتقل أجزاء من المعرض لتجوب كل مقاطعات الدولة الكاريبية. وتخصص دورة هذا العام من المعرض لثقافة شعوب منطقة الكاريبي من جنوب الولايات المتحدة وحتى شمال شرق البرازيل.
سيتوجه إلى كوبا مائتا كاتب وناشر من قرابة ثلاثين دولة. ويبرز من بين هؤلاء الكتاب المكسيكي سيرجيو بيتول، حامل جائزة سارفانتس لعام 2005، والسير هيلاري بيكليس من بيربادوس، وكذلك الهايتية سوزي كاستور والجامايكي نورمان غيرفان. ومن خارج منطقة الكاريبي ُينتظر وصول شخصيات بارزة مثل عالمة الاقتصاد النمساوية كاري بولاني ليفيت والمؤلفة الروسية مارينا موسكفينا والمؤرخ الأمريكي بيتر فيليبس وعالم الاجتماع البلجيكي فرانسوا هوتارت.
"منتوج ثقافي وليس تجاريا"
على غرار جميع مجالات الحياة الثقافية فإن معرض الكتاب الدولي يعتمد على المساعدات الحكومية، كما يقول المدير العام للمعرض إيدواردو فيرنانديز. فالفعالية ليست معرضا يتم فيه البيع والشراء مثل معرض فرانكفورت للكتاب في ألمانيا، وإنما "معرض جماهيري" كمعرض لايبتسيغ، يقول ديتمر كوشميدر، المتحدث باسم مكتب برلين في معرض هافانا للكتاب.
ولكن رغم ذلك يتم إبرام بعض العقود في المعرض، كما حصل مع مجموعة النشر البرلينية أويلنشبيغل، حيث حصلت قبل بضع سنوات على حقوق النشر باللغة الألمانية للسيرة الذاتية لفيديل كاسترو التي حملت عنوان "حياتي". وكذلك تعقد دور النشر المتخصصة بالقواميس ومواد تعليم اللغة الألمانية بعض الصفقات في المعرض.
ويرى ديتمر كوشميدر بأن المعرض واحد من أهم الأحداث الثقافية على الإطلاق في كوبا، ويضيف قائلا: "أمر مثير للإعجاب رؤية الاهتمام الكبير في المجتمع الكوبي بالكتب، حتى من أولئك الناس غير الأغنياء الذين لا يستطيعون شراء الكتب متى وأين ما أرادوا".
أما مدير المعرض فيرنانديز فيؤكد بأن المعرض "بالنسبة لنا ليس منتوجا تجاريا، وإنما هو منتوج ثقافي". وحتى لو كان المعرض ليس ذلك الموقع الهام لإبرام الصفقات بالنسبة لدور النشر، إلا أنه يبقى جذابا جدا بالنسبة للجمهور. وفي الدورة الأخيرة زار المعرض أكثر من مليوني زائر. وعلى الأقل من الناحية الإحصائية، اشترى كل واحد منهم كتابا هناك، بحسب تقديرات معهد الكتاب الكوبي. خاصة وأن هذه الأرقام في بلد لا يزيد عدد سكانه على 11 ميلون نسمة.
ومن بين الأربعمائة عنوان التي تقدمها دور النشر الكوبية في هذا العام هناك خمسون عنوانا من كتاب من منطقة الكاريبي أو تتعلق بقضايا المنطقة. إلى جانب المواضيع الكلاسيكية والأعمال العالمية المعاصرة مثل " البحث عن الزمن المفقود" للروائي الفرنسي مارسيل بروست، و"القلب المتجمد" للإسبانية ألمودينا غرانديس، و "السيدة في المرآة" لفيرجينيا فولف، و"اللورد جيم" لجوزيف كونراد.
ألمانيا من بين المشاركين
ويشارك في المعرض 130 جهة، نصفها تقريبا أجنبية، مثل "أورانو" من المكسيك، و"إل موندو دي لوس مينيليبروس" من البيرو، و"ليبريفير" و"إيديتوريال" من إسبانيا. وتشارك أيضا دور نشر "يسارية" مثل "باثفيندر برس" من بريطانيا، و"العلوم والثقافة والسياسة" من بلجيكا، وكذلك "أوسيان برس" من أستراليا.
أما المشاركة الألمانية فجاءت بحوالي 600 عنوان تقدمها 210 دور نشر في مواضيع متنوعة: من الكتب المتخصصة إلى الأدب الألماني الحديث وأدب الأطفال واليافعين، إضافة إلى الترجمات من الإسبانية والإنجليزية وكتب تعلم اللغة. إذن فهي مجموعة منتقاة من قبل قيادات معرض فرانكفورت للكتاب.
وباستثناء دار نشر روزا لوكسمبورغ وبعض دور النشر العلمية القليلة أو تلك التي تصدر كتب تعلم اللغات، يمكن القول بأن "دور النشر لم تكن في هافانا من قبل، لأن السوق صغيرة جدا"، يقول ديتر شميت من معرض فرانكفورت للكتاب، ثم يضيف: "الاستيراد عبر مكتبات بيع الكتب ضعيف جدا، ببساطة لأن كوبا دولة فقيرة" ... "ألمانيا تعرض هنا مشروعا ثقافيا فقط"، لأن المعرض بمثابة "عيد للكوبيين". وهنا يمكنهم الحصول على كتب لا يمكنهم شراؤها في مكان آخر. بالإضافة إلى أن رقابة السلطات على الكتب المعروضة تكون أخف من المعتاد في كوبا.
حضور ألماني "بديل"
ولكن هذا الأمر لم يكن دائما على هذا النحو؛ فقبل ثماني سنوات رفضت ألمانيا دعوة كوبية لتكون ضيف المعرض الرئيسي. وبررت الخارجية الألمانية يومها الرفض بسبب سوء حالة حقوق الإنسان في كوبا وإعادة تنفيذ أحكام الإعدام.
وبعدها امتنعت ألمانيا عن المشاركة حتى 2007، رسميا على الأقل. ولكن دور النشر "اليسارية" رفضت المقاطعة، وكذلك مكتب برلين لمعرض هافانا للكتاب، وهو مشروع من بعض النقابات المساندة لكوبا. وهكذا نظم هذا المكتب مع دور النشر اليسارية مشاركة ألمانية "بديلة" في المعرض.
"لم يشارك مثل هذا العدد الكبير من دور النشر الألمانية، كذلك الذي رأيناه خلال سنوات المقاطعة"، يوضح ديتمر كوشميدر، المتحدث باسم مكتب برلين. وبحسب بياناته فإن الأقلية فقط من الدور المشاركة أثناء المقاطعة كانت "يسارية". وعندها قالت دور عريقة، مثل روفولت وزوركامب ولانغنشايت وراندوم، بأنها "ترفض أن تتلقى تعليمات من الخارجية الألمانية، أين تشارك وأين تمتنع".
ومنذ نهاية المقاطعة 2008 عادت معظم دور النشر الألمانية لتشارك في الجناح "الرسمي" الألماني في المعرض، بتنظيم من إدارة معرض فرانكفورت، كما هو الحال هذا العام.
روزا مونيوز ليما/ فيوليتا كامبوس/ فلاح آل ياس
مراجعة: محمد المزياني