"معركة كسر الظهر بين ثوار ليبيا ورجال النظام القديم"
٣٠ يوليو ٢٠١٤منذ أسابيع وليبيا غارقة في العنف. ففي منتصف شهر يوليو/ تموز 2014 تعرضت أجزاء كبيرة من مطار طرابلس الدولي للدمار، ما دفع الحكومة إلى طلب العون من المجتمع الدولي. وازدادت الأوضاع الأمنية في ليبيا تدهورا بفعل المواجهات المسلحة بين الميليشيات المتناحرة في العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.
وسقطت أهم قاعدة عسكرية في بنغازي شرق ليبيا مساء الثلاثاء (30 يوليو/ تموز 2014) في أيدي مسلحين يقال إنهم إسلاميون متشددون، في وقت تخوض فيه السلطات معارك دامية للسيطرة على عشرات الميليشيات في العاصمة طرابلس المهددة بكارثة جراء حريق هائل شب في خزانات للمحروقات، نتيجة اشتباكات بين الميليشيات المتناحرة. وبقي الحريق مشتعلا الأربعاء لليوم الرابع على التوالي في خزانين للمحروقات النفطية يحتويان على ملايين الليترات من الوقود قرب مطار طرابلس، وأعلنت السلطات أن الحريق "خارج السيطرة" محذرة من "كارثة إنسانية وبيئية" في العاصمة.
أطراف القتال الرئيسية هما مجموعتان مسلحتان. الأولى من قبيلة الزنتان في الجبال، والأخرى من مدينة مصراتة الساحلية. وثمة عداء قديم بينهما منذ عشرات السنين يتمحور حول شرف القبيلة والمال والموارد الطبيعية، والسلطة بطبيعة الحال. رئيس كتائب الزنتان هو اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يُحكى عن صلاته الوثيقة بالمخابرات الأمريكية. وهو كرفيق درب لفترة طويلة للعقيد القذافي، يعوّل على تلقي دعم الكثير من زعماء القبائل. وكان اللواء حفتر أعلن في 16 مايو/ أيار 2014 تكوين وحدات عسكرية لمحاربة المجموعات المسلحة في بنغازي. وفيما اتهمه معارضوه بالقيام بانقلاب ضد نظام الثورة، انضمت إلى قوته العسكرية أو أعلنت دعمها له عدة وحدات من الجيش أبرزها: سلاح الجو الليبي ونخبة الجيش في القوات الخاصة والصاعقة ومشاة البحرية وقوات الدفاع الجوي وعدد من وحدات القوات البرية. بالمقابل يقال إن خصومه من كتائب مصراتة يحصلون على دعم ثوار سابقين وإسلاميين من مدينة مصراتة وجماعة الإخوان المسلمين.
مجموعات دينية وقبلية داخل الحزب الليبرالي
وفي حوار مع DW يصف الباحث في الشؤون الليبية محمد بالخير من طرابلس، مشهد الصراع السياسي في ليبيا بأنه معقد لكنه يرى أن الصراع ليس بين جانب ديني وليبرالي. مضيفا أن "الصراع في ليبيا بين قيادات لها انتماءات سياسية وقبلية ولها مليشيات تابعة لها". ويعتقد أن الصراع في ليبيا هو بين أطراف منها من قادت مرحلة الثورة ومنها مَن يمثل رجالات العهد السابق والمتنفذين ماليا والمنظومة المخابراتية التابعة للنظام السابق، ومنها منظومة قبلية ودينية وجهادية وإخوان. ويرى أنه لا يمكن القول إن هناك اصطفافا ليبراليا، لأنه حتى الطرف الليبرالي يجمع مكونات قبلية ودينية. مشيرا إلى أنه حتى في داخل تحالف القوى الوطنية أو الحزب الليبرالي هناك مجموعات دينية ومجموعات قبلية.
ويرى محمد بالخير أن هذه الحرب هي الحرب الأخيرة في ليبيا ويصفها بحرب "كسر الظهر". ويرى أن الإعلام الغربي لا ينقل الصورة كما هي على أرض الواقع وأنه يصور الحرب كما لو أنها بين مجموعتين ليبرالية ودينية. ويضيف أن "الحقيقة هي أن الطرف الأول في هذه الحرب هي مجموعة ثورة 17 فبراير وهي مجموعة لا تشتمل فقط على تيار ديني وإخوان مسلمين وليست ميليشيات دينية في مصراته فقط بل من مختلف التيارات، معتبرا أن مصراته مدينة متكاملة وفيها مجتمع مدني وفيها دروع تتكون من الثوار الذين قادوا الثورة وواجهوا نظام القذافي وأسقطوه، ومنها مجموعة جهادية إسلامية ومنها مجموعة أخرى ليبرالية ومجموعات مدنية. ويقول إن أغلب الطرف الآخر يتكون من بقايا كتائب القذافي كلواء 33 وكتيبة محمد وغيرهما من الكتائب التي كانت تواجه الثوار.
دور البرلمان في التهدئة
وتدور المعارك منذ 13 يوليو/ تموز 2014 في جنوب العاصمة الليبية وعلى الأخص في محيط المطار بعد هجوم شنه المقاتلون المحسوبون على الإسلاميين والثوار السابقين من مدينة مصراتة (200 كيلومتر شرق العاصمة)، حاولوا فيه طرد كتائب الزنتان من المطار المغلق منذ ذلك الحين. وأسفرت المعارك حتى الآن عن مقتل ما لا يقل عن مئة شخص وجرح 400 آخرين. وكتائب الزنتان (170 كيلومترا غرب العاصمة) التي ينظر اليها باعتبارها الذراع العسكرية للتيار الليبيرالي، تسيطرعلى مطار طرابلس والعديد من المواقع العسكرية والمدنية في جنوب العاصمة الليبية.
وفشلت حتى الآن جميع جهود الوساطة التي قامت بها الحكومة لوقف المعارك وباتت الآمال معلقة على البرلمان الجديد، المنبثق عن انتخابات 25 يونيو/ حزيران 2014، الذي قد يفرض وقف المعارك. لكن الشكوك تحوم حول قدرة النواب على الاجتماع في بنغازي التي تشهد مواجهات شبه يومية.