مقترحات أوروبية جديدة لإنقاذ مفاوضات الملف النووي الإيراني الحاسمة
انتهت اليوم الأربعاء أعمال اللقاء الوزاري الحاسم بشأن البرنامج النووي الإيراني بين وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا ومسئولين إيرانيين يرأسهم كبير المفاوضين الإيرانيين حسن روحاني دون أن تصل إلى طريق مسدود. وبالرغم من فشل الممثلين الأوروبيين في جولة مفاوضات اليوم، التي عُرفت بمفاوضات "الفرصة الأخيرة"، بإقناع الحكومة الإيرانية بالتخلي عن برنامجها النووي، إلا أنه لم تدويل الملف النووي الإيراني ونقله إلى مجلس الأمن الدولي، وهو ما كان سيعني في هذه الحالة ترجيح فرض عقوبات دولية على إيران وجعل حل هذه الأزمة الدولية على هذا النحو أمراً مستعصياً.
مقترحات أوروبية جديدة
وفي غضون ذلك أعلن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو إثر انتهاء إجتماع اليوم أن الأوروبيين سيقدمون "اقتراحات مفصلة" إلى إيران بحلول نهاية يوليو/تموز من أجل التوصل إلى حل لمشكلة ملفها النووي. وقال سترو في هذا الخصوص:"ستستمر طهران في تعليق تخصيب اليورانيوم". ومن جانبه اعتبر حسن روحاني أنه بمقدور الطرفين التوصل إلى اتفاق معقول خلال وقت قصير، وأضاف أن الوفد الإيراني سيقدم تقريرا إلى حكومته في طهران بخصوص عرض الاتحاد الأوروبي. وتجدر الإشارة في هذا السياق أن هذه المفاوضات تسعى إلى إنقاذ الاتفاق المبرم في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2004 بين إيران والإتحاد الأوروبي الذي ينص على تعليق إيران أنشطة تخصيب اليورانيوم.
عروض أوروبية غير كافية
تصر الحكومة الإيرانية على أن برنامجها النووي يقتصر على توليد الكهرباء، إلا أن الإدارة الأمريكية تتهمها باستخدامه كستار يخفي مساعيها لصنع أسلحة نووية. كما أنها تريد إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي من أجل فرض عقوبات دولية عليها إذا لم توافق على التخلي عنه. وعلى النقيض من ذلك تعتبر روسيا أن إيران قادرة على السيطرة على حلقة إنتاج الوقود النووي، من استخراج اليورانيوم من المناجم إلى تحويله ومن ثم تخصيبه لتشغيل مفاعلاتها. وفي آذار/مارس الماضي عرض الإيرانيون خطة تقترح العودة تدريجا إلى التخصيب مع تصديق البروتوكول الخاص بمعاهدة حظر الانتشار النووي، وهو ما يضع برنامجهم النووي تحت رقابة دولية صارمة إضافة إلى سن تشريع يحرم الأسلحة النووية. كما تطلب الحكومة الإيرانية في مقابل هذه الخطة التزاماً أوروبياً ببناء مفاعلات نووية في إيران، وتسليم الجمهورية الإسلامية وقوداً نووياً، وتوقيع اتفاقات عسكرية معها في إطار مكافحة الإرهاب، وتقديم ضمانات بفتح الأسواق الأوروبية إمام المنتجات الإيرانية.
ومن وجهة نظر الحكومة الإيرانية لم يبذل الأوروبيون جهوداً كبيرة من أجل التوصل إلى حل مقنع لهذه الإشكالية سوى تدخلهم لدى الاميركيين لكي يتوقفوا عن تعطيل انضمام إيران إلى منظمة التجارة العالمية، وتزويد إيران بقطع غيار لأسطولها التجاري الجوي المتقادم. ويذكر أن الإتحاد الأوروبي قدم لإيران عرضاً بتسليمها مفاعلاً نووياً يعمل بالمياه الخفيفة مقابل تخلي الأخيرة عن السعي إلى مفاعل يعمل بالمياه الثقيلة، وهو مفاعل يمكن استخدامه للأغراض المدنية والعسكرية على حد سواء. وكما كان متوقعاً رفضت الحكومة الإيرانية هذا العرض ووصفته بأنه غير كاف.
مصالح ألمانية قوية
ووفقاً لمصادر مقربة من فريق المفاوضين الأوروبيين أعد المسئولون البريطانيون والفرنسيون بالفعل اقتراحاً بإحالة ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن في اجتماع يونيو/حزيران القادم للوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا استأنفت طهران أي عمل يتعلق بتخصيب اليورانيوم. ولكن الحكومة الألمانية لا تحبذ إحالة إيران تلقائيا إلى مجلس الأمن، لأنها ترتبط بعلاقات اقتصادية عريقة معها. كما تعتبر إيران أحد أهم شركائها التجاريين في منطقة الشرق الأوسط. وقد لاقت الصناعة الألمانية خلال الأعوام القليلة الماضية رواجاً كبيراً في السوق الإيرانية. واستنادا إلى معلومات اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية ارتفع عائد الصادرات الألمانية إلى إيران خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي بنسبة 30 بالمئة، أي ما يعادل ثلاثة مليارات يورو. ومن شأن عائدات كهذه جعل انسحاب الشركات الألمانية من السوق الإيرانية أمراً صعباً. وعلاوة على ذلك فإن مثل هذه الانسحاب لن يتم إلا في حالة فرض عقوبات اقتصادية دولية تضطر الحكومة الألمانية إلى الإلتزام بها.