منظمة دولية تدق ناقوس الخطر بسبب تراجع حرية الإعلام المصري
١٤ أغسطس ٢٠١٣أصدرت لجنة حماية الصحفيين، وهي منظمة دولية تهتم بوضع الصحفيين حول العالم، تقريراً يصف تراجع حرية الصحافة في مصر منذ فترة حكم الرئيس المصري المعزول محمد مرسي إلى غاية عزله وتولي الجيش "المرحلة الانتقالية". التقرير الذي حمل اسم "حرية الصحافة في خطر بمصر" قام بمقارنة وضع الصحافة في عهد الرئيس مرسي وما شاب المرحلة من انتهاكات في حق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، بمرحلة ما بعد مرسي حيث يتصدر الجيش الصورة في الساحة السياسية المصرية.
وجاء في التقرير: "بعد اندلاع ثورة 25 يناير كانت التطلعات كبيرة على صحافة حرة ومن دون رقابة الدولة"، لكن هذه التطلعات لم تعرف طريقها للتحقيق، "فما أن وصل محمد مرسي إلى سدة الحكم في مصر حتى انطلق مسلسل جديد من الانتهاكات والتراجعات على مستوى حرية الرأي والتعبير".
إخفاقات مرسي
التقرير رصد العديد من الانتهاكات والتجاوزات في حق الصحفيين على يد نظام مرسي أو المؤيدين له، وشكلت قضية متابعة الإعلامي الساخر باسم يوسف واتهامه بـ"سب الرئيس وسب الإسلام" ذروة المواجهة بين الإعلام ونظام مرسي، حيث اعتبر التقرير أن هذه المحاكمة أكدت على أن "نظام مرسي لم يكن يؤمن بتعدد الأفكار أو يقبل النقد".
من إخفاقات مرسي التي ذكرها التقرير أن النظام لم يف بوعده بإلغاء وزارة الإعلام وتعويضها بهيئة مستقلة للإعلام، لكن عوض ذلك فقد عين الإخواني صلاح عبد المقصود كوزير للإعلام، الأمر الذي زاد من حدة التوتر بين الإعلاميين والإخوان المسلمين في مصر.
من الأحداث التي خلقت أزمة في مصر كانت محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي من قبل أنصار مرسي وعدم السماح للعديد من الإعلاميين بالدخول إلى قنواتهم، حيث يصف التقرير هذا الحدث بأنه "تضييق خطير على حرية الصحافة وانتهاك لحقوق الصحفيين"، وهو ما جعل الكثير من الإعلاميين يعارضون الرئيس الإسلامي محمد مرسي كما صرحت بذلك الإعلامية ريم ماجد "في هذه الظرفية لا يمكن الفصل بين الرأي الشخصي والواجب المهني".
التقرير تحدث عن العديد من الاعتداءات الجسدية والمعنوية التي تعرض لها الصحفيين في عهد مرسي وكان أخطرها مقتل الصحفي بجريدة الفجر حسني أبو ضيف خلال أحداث العنف أمام قصر الاتحادية ولم يعرف القاتل لحد الآن.
وقد سجل التقرير أن هناك أكثر من 78 حالة اعتداء جسدي على الصحفيين في أقل من 9 أشهر، ناهيك عن الاتهامات التي كان يوجهها مناصرو الرئيس محمد مرسي للعديد من الصحفيين على أنهم "خونة ويتقاضون تمويلاً خارجياً للإخلال بالأمن المصري".
كل هذه الأحداث أدت على ما وصفه التقرير بأنه "موجة من التعصب"، جعلت النظام يرى في جميع الصحفيين أعداء له وأدى إلى قطيعة بين نظام مرسي والصحفيين العاملين في القنوات الخاصة التي "يمولها رجال أعمال". حتى وصل الأمر إلى أن حجم البلاغات التي رفعت ضد الصحفيين في أقل من سنة، وصل إلى قرابة 600 بلاغ.
العسكر والرقابة على الصحافة
بعد انقلاب 30 يونيو/ حزيران أول خرق قام الجيش لحرية الصحافة، حسب التقرير، هو غلق القنوات الإسلامية وحجز جميع معداتها واعتقال العاملين فيها للتحقيق معهم، كما تم اعتقال 22 صحفياً بتهمة "التآمر" مع نظام مرسي. التقرير يقول أيضاً إن الجيش لم يبعث رسائل مطمئنة للصحفيين، خاصة أن كل "الصحفيين الذين يعتبرون ما حصل انقلاباً وليس ثورة يتم منعهم من الظهور في وسائل الإعلام"، هذا الحصار الذي يفرضه الجيش على المعارضين اعتبرته منظمة حماية الصحفيين يعيد نفس ما كان يحدث في عهد مرسي.
من بين التجاوزات التي قام بها الجيش في حق حرية الصحافة هو منع طبع الجرائد الموالية لمرسي أو للإخوان، كما اقتحم الجيش مقار العديد من القنوات منها قناة الجزيرة مباشر. وسجل التقرير أن السلطات المصرية الجديدة تمنع مراسلي الجزيرة ووكالة الأنباء التركية "الأناضول" من دخول الندوات الرسمية وذلك "لتعاطفهم مع الإخوان".
التقرير تحدث أيضاً عن مجزرة الحرس الجمهوري وانتقد دور وسائل الإعلام المحلية التي تجنبت الحديث في الموضوع، الأمر الذي يدل حسب التقرير على أن "الإعلام انخرط في موجة الاستقطاب السياسي التي تشهدها مصر".
التقرير يخرج بخلاصة أن وضع الإعلام في مصر لم تتغير كثيراً وأن الممارسات ذاتها مازالت تُمارس ضد الصحفيين المعارضين للنظام سواء كان الإخوان أو الجيش. وفي النهاية أوصى التقرير بأن يبتعد الإعلام من الاستقطاب السياسي وأن يكون جسراً للحوار بين الأطراف السياسية المتنازعة في مصر.
أ.ر/ ع.غ (DW)