مهرجان المدينة - الرمضاني التونسي بين الأصالة والمعاصرة
١ سبتمبر ٢٠١٠تعيش مدينة تونس من 15 أغسطس/آب وحتى 7 سبتمبر/أيلول 2010 على وقع الدورة 28 من "مهرجان المدينة" التي أهديت إلى روح الرسام والنحات التونسي الشهير زبير التركي (1924/2009) ،خريج أكاديمية الفنون الجميلة بستوكهولم ومؤسس الاتحاد التونسي للفنون التشكيلية والاتحاد المغاربي للفنون التشكيلية وأحد أبرز الفنانين التشكيليين في المغرب العربي.
ثاني أهم مهرجان موسيقي بعد قرطاج
يصنّف مهتمون بالشأن الثقافي في تونس مهرجان المدينة كثاني أهم تظاهرة موسيقية وغنائية في البلاد بعد مهرجان قرطاج الذي ينتظم منذ سنة 1964 ويعدّ أعرق مهرجان غنائي في تونس والعالم العربي.
يتميز مهرجان المدينة، الذي ينطلق مباشرة بعد انتهاء مهرجان قرطاج، بطابعه غير التجاري، وقد ساهم منذ انطلاقه في التعريف بعدة مغنّين وموسيقيين تونسيين مغمورين تحوّلوا في وقت لاحق إلى نجوم في تونس والعالم العربي وأشهرهم لطفي بوشناق وصابر الرباعي وعازف العود أنور ابراهم.
عروض داخل معالم تاريخية
أغلب عروض المهرجان تقام داخل معالم تاريخية (خانات وقصور ودور قديمة وزوايا) بمدينة تونس العتيقة التي يطلق عليها التونسيون اسم "المدينة العربي" ممّا يضفي على العروض طابعا تراثيا.
وتمتاز هذه المعالم بصغر مساحتها وبضيق الأزقة المؤدية إليها، ما يجعلها غير قادرة على استيعاب جمهور كبير، وهو الأمر الذي يفسّر برمجة تنظيم العروض التي تستقطب جماهير غفيرة في فضاءات أوسع بالعاصمة تونس، أشهرها المسرح البلدي.
تحظى الموسيقى الرّوحية والصوفية بنصيب الأسد في مهرجان المدينة الذي يحرص القائمون عليه على أن تتماشى عروضه مع النكهة الدينية لشهر رمضان. في سهرة 17 آب /أغسطس سافر الجمهور في رحلة إلى عالم الموسيقى الصوفية الإيرانية مع المنشد الصوفي عباس بختياري وفرقة "بويا" الصوفية الإيرانية.
المطربة التونسية سونيا مبارك قدمت يوم 23 أغسطس عرضا بعنوان "وجد 2" وهو عمل إنشادي صوفي من المدونة الصوفية التونسية والشرقية يمثّل امتدادا لتجربة أولى بدأتها الفنانة سنة 2004. وشارك في العرض عدد كبير من المنشدين وناقري الدف وعازفي الناي والقانون.
وكان الجمهور على موعد يوم 26 آب /أغسطس مع الفرقة الجزائرية للتراث والمدائح الدينية ويوم الثلاثين مع فرقة "المدينة" الروسية للموسيقى الروحية الإسلامية.
العروض الصوفية ستبلغ ذروتها بعرض تونسي ضخم يحمل عنوان "الحضرة 2010" للمخرج التونسي فاضل الجزيري. هذا العرض الذي سيختتم به مهرجان المدينة هو نسخة جديدة من عمل أوّل تم تقديمه سنة 1991 ومثل آنذاك حدثا ثقافيا بارزا في تونس ولاقى نجاحا جماهيريا كبيرا.
انفتاح على تعبيرات فنية أخرى
ورغم الحضور اللافت للموسيقى الروحية والصوفية في مهرجان المدينة فإن التظاهرة تخصص نافذة لأنماط موسيقية مغايرة مثل المالوف (شعر وموشّحات ومقامات موسيقية ورثتها بلدان شمال أفريقيا عن الأندلس وطوّرتها) والهيب هوب والبلوز وتعبيرات ثقافية أخرى كالرقص والباليه والعزف على البيانو وآلة الترومبيت والسينما.
فرقة "العازفات" التي تقودها الفنانة التونسية أمينة الصرارفي (ابنة الموسيقار التونسي الشهير قدور الصرارفي)، قدمت في اليوم الثاني من المهرجان عرضا استعادت فيه أشهر ألحان موسيقى "الفالس" التي أستلهم منها خلال خمسينات القرن الماضي ملحنون عرب منفتحون على الغرب نغمات أغاني أدتها أصوات كبيرة مثل ليلى مراد وشادية وأسمهان وفريد الأطرش.
وفي اليوم الخامس من المهرجان تابعت جماهير غفيرة بفضاء المسرح البلدي في العاصمة تونس فرقة سلاطين الطرب القادمة من مدينة حلب السورية. الفرقة أصبحت تحظى بشعبية كبيرة في تونس بفضل مشاركتها بانتظام خلال السنوات الأخيرة في مهرجان المدينة.
الدورة الحالية لمهرجان المدينة التي تضمنت نحو أربعين عرضا شهدت إقبالا لافتا للشباب، بعد قرار الحكومة تمكين من لم يتعد سنه 30 عاما من تخفيض بنسبة 50 بالمائة على تذاكر الدخول إلى عروض المهرجان، وذلك بمناسبة مصادقة الأمم المتحدة على مقترح تونسي بجعل سنة 2010 سنة دولية للشباب.
منير السويسي – تونس
مراجعة: عبد الرحمن عثمان