مواجهة عدم المساواة اقتصادياً.. أي دور للتقنيات الحديثة؟
١٣ يونيو ٢٠١٨"المشكلة قديمة، فقط التكنولوجيات حديثة"، يقول المصور جوني ميلر، مشيراً إلى صور إقامات فخمة بجوار أحياء صفيح صورها بطائرة بدون طيار. مكسيكو العاصمة وكيب تاون في إفريقيا الجنوبية ومومباي في الهند، نظرات من أعلى على عالم غير متساو على الأرض. "مشاهد غير متساوية" هو اسم المشروع الذي يريد به مؤسس الشبكة ذات النفع العام AfricanDrone توعية الناس منذ سنتين بالتفاوتات العالمية.
واللحظة التي عرض فيها ميلر صوره على الحكومة المحلية في كيب تاون لن ينساها المصور بسهولة، يقول عن ذلك: "أحد العاميلن انهمرت دموعه، وعبر عن شكره بحرارة لكوني أوصلت صوت مجموعته".
وفي هذه اللحظة اتضح لميلر أن هذا المشروع يتجاوز عملية تصوير شخصية. "المشروع هو تعبير عن التجريد من الحقوق. هو يكشف كيف يشعر الكثير من الناس عالمياً منذ عقود باللامساواة ليس فقط في إفريقيا الجنوبية".
بعض الحكومات تخشى الطائرات بدون طيار كوسيلة سلطة
لكن هناك حكومات تشعر بأنها باتت عرضة لهجوم مشروع ميلر، فقد عرفت إمكانيات الطائرات بدون طيار وتخشى أن "تعطي هذه الأخيرة كثيراً من السلطة للناس". وبقوانين مشددة يحاولون منع الصحفيين من استخدام الطائرات بدون طيار. وبالتالي فإنه من الصعب والمكلف في كثير من بلدان إفريقيا الحصول على تصريح لتوظيف طائرة بدون طيار. وعلى هذا النحو يقر ميلر بأنه "في حال بقاء احتكار الطائرات بدون طيار من قبل الأغنياء، فإن التفاوت القائم سيتجذر".
ولا يرى جوني ميلر نهاية قريبة لمشروع صوره. وأوضح أن التصوير وسيلة بديلة لنشر المعلومات وإظهار الظروف السيئة. "أبين الغنى والفقر في صورة واحدة، والتفاوت الاجتماعي يظهر بوضوح".
وكان ميلر في المكسيك وفي الهند ومن المتوقع أن يزور بلداناً أخرى. فما العمل إذا كانت القوانين تمنع استخدام الطائرات بدون طيار؟ يجيب ميلر قائلاً: "إذن يجب استعمال المروحيات والطائرات وصور الأقمار الصناعية".
ثورة الحركة في ذروتها
إذا تم استخدام التقنيات الحديثة من أشخاص يعيشون في هامش المجتمع بفاعلية، فبإمكانها إحداث المعجزات والكشف عن التفاوتات. الصحفي يوسف عمر الحاصل على عدة جوائز هو من مؤسسي hashtagourstories.com، وهي مبادرة تمكن الناس في جميع أنحاء العالم من عرض قصصهم بالفيديو المتحرك.
وزار عمر في الشهور الأخيرة 40 بلداً وقام بتدريب أشخاص على رواية قصصهم باستخدام الهاتف النقال، مثل مجموعة من العاملين الهنود في جمع القمامة الذين علًمهم استخدام موقع استغرام: "جامعو القمامة أطلقوا هاشتاك GSTwaste# وحكوا عن حياتهم اليومية هناك. وكيف أن الضريبة المضافة التي فرضتها الحكومة الهندية على المقتنيات والخدمات غيرت حياتهم بقوة".
وبسبب هذه الضريبة انخفضت معالجة الخردة القابلة لإعادة التصنيع، كما انخفضت أسعار البلاستيك القابل لإعادة التصنيع، والكثير من مليوني هندي يعملون في صناعة إعادة تصنيع المواد البلاستيكية، أصبحوا فجأة يكسبون أقل أو فقدوا مواطن عملهم.
ثم جاء الحكي المتحرك عن الروايات، كما يقول المراسل السابق لمحطة سي إن إن الأمريكية عمر الذي قال: "وسائل الإعلام الهندية تهافتت على القصة والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية مارست الضغط. وبعدها لجأت الحكومة إلى التخفيض من الضريبة على المواد البلاستيكية القابلة لإعادة التصنيع".
الصحافة البناءة عوض الأخبار القبيحة
التقنيات الجديدة تمنح الناس صوتاً بعد عدم السماع إليهم. ويفيد الصحفي عمر أن الشيء الجميل في مواقع التواصل الاجتماعي هو أنها تمنح ظروف منافسة متكافئة على مستوى العالم: إذا كانت لك قصة قوية تريد عرضها، فلا شيء بمقدوره منعك عن حكيها عبر التواصل الاجتماعي".
وعلى هذا النحو تكون أمام صحفي دويتشه فيله فرصة لأن يصغي إليه الآخرون مثل امرأة في الشارع. "فالثورة المتحركة للحكواتي التي تقوي الناس في هامش المجتمع حاصلة منذ مدة، أكان ذلك يروق لنا نحن الصحفيين أو الساسة أم لا؟".
وليس فقط نوع الحكي يتغير، بل حتى المضمون. "جيل اليوتيوب لم يعد يرغب في الحصول على الأخبار القبيحة، فالصحافة البناءة مطلوبة، والحلول المحلية لمشاكلة عالمية".
وغالبية الفيديوهات المشاهدة في السنة الماضية كانت تدور حول أمثلة إيجابية في مكافحة اللامساواة والعنصرية أو تغير المناخ. ويوسف عمر مقتنع عندما يقول: "وسائل الإعلام التقليدية تتحدث مثلاً دوماً عن القصص السلبية المعتادة حول النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، فتلك الروايات مستهلكة. المستخدمون يريدون نظرة من زاوية إيجابية أخرى".
أوليفر بيبر/ م.أ.م