مونديال روسيا.. بارقة أمل مغربية وسط مشاركة عربية مخيبة
٢٦ يونيو ٢٠١٨لأول مرة في تاريخ نهائيات كأس العالم تشارك أربعة منتخبات عربية، وكانت الآمال معلقة على تأهل منتخب واحد على الأقل من هذه المنتخبات إلى دور الـ16 من مونديال روسيا 2018. للأسف، خاب ظن الملايين، وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات ساخطة تذكر بالواقع العربي "المرير"، فيما تفاوتت الأحكام على كل منتخب على حدة وفق خصوصية مشواره في روسيا.
في هذا الإطار، يشدد زبير بية الدولي التونسي السابق في حوار مع DW عربية على ضرورة التمييز بين كل تجربة على حدة، حتى وإن كنا نعالج المشاركة ضمن إطارها العربي، لأن لكل منتخب خصوصية.
المنتخب المغربي "الأفضل"
ما يخص الأداء تحديدا، نلحظ إجماعا بين المعلقين بأن المنتخب المغربي كان الأفضل مقارنة بنظرائه المصري والتونسي والسعودي.
وحسب بية، فإن الحظ كان أول من خان "أسود الأطلس"، ليس لأن القرعة أوقعتهم بين كبار الكرة الأوروبية (إسبانيا والبرتغال) فحسب، وإنما ما يتعلق بترتيب المباريات أيضا. إذ لو لم تكن مباراة المغرب الأولى أمام إيران "العصية"، التي خسر فيها بهدف من "نيران صديقة"، قبل مباراتي البرتغال أو إسبانيا، لاستطاع قلب الطاولة على الجميع وانتزاع بطاقة التأهل.
"هدف" اللاعب بوحدوز خطأ في مرمى بلاده يقول بية، أطاح بالحلم المغربي، قبل أن يقضي عليه نجم البرتغال كريستيانو رونالدو بشكل نهائي بهدفه المبكر في الموقعة بين "بحارة البرتغال" و"أسود الأطلس". ومع ذلك أقنع المغرب خاصة في مباراة إسبانيا التي أنهاها بالتعادل (2-2) بأدائه وإصرار لاعبيه على الخروج من البطولة مرفوعي الرأس.
المنتخب السعودي والفوز على "الفراعنة"
بحكم أن المنتخب السعودي فاز على مصر في آخر جولة في دور المجموعات (2-1)، فلا بد أن يحتل المرتبة الثانية خلف المغرب رغم أن إمكانياته الفردية تضعه بلا شك خلف المنتخب المصري. فقد كانت انطلاقة "الأخضر" كارثية (5-0) في المباراة الافتتاحية للبطولة أمام أصحاب الأرض، إذ فوجئ بشراسة وسرعة إيقاع السريع "الدب الروسي".
ويشيد الدولي السابق زبير بية بالدور الذي قام به الاتحاد السعودي لإعادة ترميم صفوف المنتخب قبيل مباراته اللاحقة أمام أرغواي، والتي وإن كان قد انهزم فيها بهدف دون رد، إلا أنه قدم فيها أداء أشاد به المعلقون، وكذلك الأمر بالنسبة لمباراته أمام "الفراعنة". وحسب زبير بية، لم يجد "الأخضر"، شأنه في ذلك شأن مصر وتونس توازنا كان ضروريا، فقد دخل بطموح مفرط في هذه البطولة، لكنه ما لبث أن اصطدم بواقع المنافسة والمنافسين.
بعد هذه التجربة مباشرة، يواجه المنتخب السعودي استحقاقا لا يقل أهمية، فبعد نحو ستة أشهر ستنطلق فعاليات نهائيات كأس آسيا 2019، والتي سينافس عليها "الأخضر" كمراهن. وقد أعلن الاتحاد تمديد عقد المدرب خوان أنطونيو بيتزي حتى نهاية هذه البطولة، واضعا بذلك حدا لجميع التكهنات التي تتحدث عن عكس ذلك.
التجربة المصرية: التركيز على محمد صلاح
من يتابع الكرة المصرية، يدرك تماما أن ما قدمته مصر في المونديال لا ينصف مستوى "الفراعنة" وأداءهم، بل وحتى تاريخهم. الآسى والحزن سيطرا على اللاعبين قبل الجمهور، وهذا ما بدا واضحا بقوة في المباراة الأخيرة أمام السعودية.
الملفت أن قوة "الفراعنة" الضاربة، محمد صلاح، تحول في هذه البطولة إلى نقطة ضعف أثرت على مشواره وزادت من نكسته.
وبدأت القصة بالضجة الإعلامية "العاطفية" أثيرت حول هداف الدوري الإنجليزي، قبيل انطلاق منافسات المونديال، وحول مدى جهوزيته للمشاركة في البطولة بعد الإصابة الخطيرة التي تعرض لها مع فريقه في نهائي دور الأبطال.
أدى ذلك إلى أن تحولت مشاركة اللاعب كمطلب "سياسي وشعبي" مهما كان وضعه الصحي، في حين أنه وإلى الأسبوع الأخير قبل المونديال ألمح ليفربول في مناسبات عدة أن اللاعب لم يتعاف بعد. ما أعلنه ليفربول عن صلاح تأكد في مباراة "الفراعنة" أمام روسيا. ولكن، وقبل هذه المباراة، كان منتخب مصر قد تحول فعليا إلى منتخب "النجم الواحد" كما عهدنا ذلك من البرتغال مع كريستاينو رونالدو.
منتخب النجم الواحد
على المستوى الكروي أجمع المعلقون على أن "الفراعنة" وفي مباراتهم الأولى دون صلاح ساد ارتباك شديد بين اللاعبين إذ اعتمدوا على الدفاع وتشتيت الكرات، إلى "حين" عودة صلاح. وبهذا الصدد يحلل اللاعب السابق بية وضع "الفراعنة" في مباراتهم الأولى، "بأنهم انهزموا في المباراة حتى قبل أن تدخل شباكهم الكرات". كل هذا يضاف إلى الفكر الدفاعي للمدرب هيكتور كوبر الذي اعتمد على صلاح دون مهاجم صريح.
توظيف صلاح
الأجواء التي رافقت المنتخب المصري لم تكن أحسن حالا، إذ لا بد من الإشارة إلى أن المنتخب المصري قطع أكثر من غيره من باقي المنتخبات الـ31 المشاركة في البطولة مسافات خيالية بين مكان إقامته ومكان إجراء المباريات. وذلك بحكم أن معسكره كان بغروزني في أقصى جنوب روسيا، الأمر الذي تسبب في مزيد من الإرهاق بالنسبة للاعبين.
هذه النقطة بالذات، تدخل في إطار الجزئيات الجوهرية التي تتحكم في عالم كرة القدم اليوم، ويجب أخذها بعين الاعتبار، وفق المعلق والإعلامي بقناة الجزيرة حفيظ دراجي في حوار مع DWعربية. يضاف إلى ذلك، ما شهده هذا المعسكر في غروزني من حضور للرئيس الشياشاني رمضان قديروف الذي منح صلاح المواطنة الفخرية وأخذ معه صورا تذكارية، اعتبر العديدون أن الهدف الأول منها هو تلميع صورة الرئيس المتهم بحكم بلاده بالحديد والنار.
وما زاد الطينة بلة أيضا الزيارة التي قام بها فنانون مصريون قبل المباراة المصيرية أمام أوروغواي، التي أجمع حفيظ دراجي وزبير بية على أنها لم تخدم الكرة، بقدر ما شتت تركيز اللاعبين، في خطوة يتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى الاتحاد المصري الذي أساء التنظيم.
زيارة الفنانين هذه ألهبت مواقع التواصل الاجتماعي وتحولت إلى منبر للتعبير عن غضب وسخط بحق المسؤولين، ما لبث أن انتقل إلى رموز الحكم في تغريدات تزامنت مع وصول المنتخب إلى مطار القاهرة.
"نسور قرطاج" وغياب التوازن
في الحالة التونسية، لا يجادل اثنان أن "نسور قرطاج" كانوا مثل "أسود الأطلس" ضحية القرعة، إذ وقعوا في مجموعة تضم بلجيكا وإنجلترا وبنما. ومع ذلك وكما يقر زبير بية، بالغ لاعبو المنتخب التونسي في الطموح بشكل لا يتوافق مع إمكانياتهم وواقع المجموعة التي سقطوا فيها.
الملفت في أداء تونس أنها أخفقت في إيجاد التوافق بين أداء دفاعي اعتمدت عليه في مباراة إنجلترا، وبين اللعب المفتوح الذي أديرت به مباراة بلجيكا وذلك على حساب الدفاع. وكانت النتيجة المنطقية هزيمة ثقيلة بخمسة أهداف مقابل هدفين.