مُعاق نيوز: تغيير نظرة المجتمعات العربية الدونية لذوي الاحتياجات الخاصة
١٨ أبريل ٢٠١١نادراً ما حظيت قصة بمثل هذا الاهتمام الاجتماعي في سوريا مثلما حظيت قصة احمد رامي قصي عنتابي التي نشرت على موقع "مُعاق نيوز www.mo3aq-news.com" المتخصص بالمعاقين أو بذوي الاحتياجات الخاصة. القصة التي نشرها الموقع، الذي يعد الأول من نوعه في سوريا والعالم العربي، تروي معاناة الشاب أحمد الذي يعاني من صعوبة في النطق في رحلة البحث عن عمل دون جدوى. فمجتمع الأعمال السوري عموماً لا يتقبل المعاقين ككفاءات لا تقل من ناحية المستوى عن مثيلاتها لدى الذين لا يعانون من إعاقات. "عملت في السعودية بشركة متخصصة في مجال التكييف والتبريد قبل أن أعود إلى سوريا حيث لم أترك باباً إلا وطرقته بحثاً عن عمل"، يقول أحمد مشيراً إلى أنه طلبه قوبل دائماً بالرفض رغم سنوات الخبرة الطويلة لديه في تقنية الكومبيوتر أو الحاسوب.
موقع يهدف إلى تجاوز نظرة المجتمع الدونية للمعاقين
قصة أحمد ليست الوحيدة التي تتطرق إلى قضايا المعاقين ومشاكلهم والصعوبات التي يعانون منها عبر موقع "مُعاق نيوز"، فالموقع يعرض أيضاً وباستمرار قصصاً مشابهة من هذه الشريحة التي تعاني عموماً عدم إنصاف المجتمعات العربية لها بسبب نظرتها الدونية لها وتعاملها معها على أساس الشفقة والرحمة. هذه النظرة كانت وراء مبادرة محمد مستو وزملاء له لإطلاق "مُعاق نيوز" الإلكتروني من أجل إيصال أصوات المعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة ومعاناتهم للرأي العام ومنظمات المجتمع المدني والمسؤولين كي يفتحوا أعينهم على مشاكلهم ويدعمونهم في إيجاد حلول لها على حد قول محمد في حديث لدويتشه فيله.
ويزيد من حماس محمد الذي يعاني إعاقة جسدية منذ الصغر للموقع أنه حلم به منذ سنوات. وفي هذا السياق يقول بأنه درس الإعلام "بقصد الدفاع عن قضايا المعاقين والمساهمة في حل مشاكلهم إعلامياً كون المجتمع لا ينصفهم". وحسب مستو فإن الموقع ساهم حتى الآن بدور كبير في تعارف المعاقين على بعضهم وفي تعريف المجتمع بهم عبر طرح قضاياهم بشكل يومي وموسع.
أهداف تتجاوز التعريف بقضايا المعاقين
وإضافة إلى التعريف بقضايا المعاقين ومشاكلهم فإن الموقع يقدم خدمات عديدة لهم مثل المساهمة في البحث عن فرص عمل لهم من خلال نشر ترشيحات تتضمن السيرة الذاتية وشهادات الخبرة ومعلومات عن كفاءات المرشح. كما يقوم الموقع بالتواصل المباشر مع المؤسسات المعنية التي تبدي رغبتها بتشغيل المرشحين على حد قول مستو. ويقول مستوى بأن دور الموقع لا يقف عند هذا الحد، بل يعمل أيضاً على إتاحة الفرصة للمعاقين للتدرب على العمل الصحفي من خلال إقامة دورات تدريبية لهم في مقر الموقع وفسح مجال النشر لهم من خلاله. وهناك الكثير من الحالات التي ساعد الموقع فيها بإجراء عمليات جراحية لمعاقين بعد نشر قصصهم على الرأي العام وتبنى أحد فاعلي الخير تمويلها، كما يقول مستو.
مبادرة تجمع خبرات معاقين وغير معاقين
وقد مضى على تأسيس الموقع ستة أشهر أما فريق عمله فيتنوع بين صحافيين من ذوي الاحتياجات الخاصة وآخرين لا يعانون منها. "العمل الصحفي يحتاج أيضاً إلى عمل ميداني، وهذا يصعب على المعاقين عموما القيام به، لاسيما إذا كانت الإعاقة شديدة"، كما يقول مستو ويضيف: "هذا الأمر يجعل انضمام بعض الصحافيين الذي لا يعانون من إعاقات إلى موقعنا في غاية الأهمية، كما أننا نسعى إلى دمج المعاقين للعمل مع غير معاقين في المجال الصحفي".
ويحظى الموقع باهتمام عدد كبير من المعاقين في الدول العربية الأخرى كما يقول مدير التحرير مازن غانم. ويروي مازن أن نواة فريق العمل تشكلت انطلاقاً من جامعة دمشق حيث قام المبادرون بزيارات متكررة للجامعة من أجل التعرف على شبان وشابات من ذوي الاحتياجات الخاصة ولديهم رغبة في العمل الصحفي. أما الآن فإن فريق العمل يتسع بشكل تدريجي من خلال زملاء جدد ومتطوعين من مناطق سوريا الأخرى ومن بلدان عربية عديدة.
بوادر نجاح
وعلى الرغم عدم مرور وقت طويل على تأسيسه فإن الموقع أضحى معروفاً بشكل واسع لدى مرتادي الإنترنت في سوريا. ويرى شهاب كوجان أحد زوار الموقع بشكل متكرر أنه نجح في خلال فترة قصيرة في تحقيق ما عجزت المؤسسات الأهلية والحكومية تحقيقه. "أصبحت أكثر وعياً بمشاكل المعاقين على ضوء ما ينشره الموقع، كما أنني بدلت نظرة الشفقة بنظرة الاحترام لهم"، يقول كوجان الذي ذكر أيضاً بأن هناك تفاعل كبير مع الموقع الذي زاره حتى الآن أكثر من 105 آلاف زائر. في هذا السياق يقول مستو بأن عدد الرسائل التي تصل الموقع كثيرة جداً، وهذه الرسائل تأتي من سوريا والدول العربية والأجنبية. ومن بينها حسب مستو رسائل كثيرة يعبر أصحابها عن رغبتهم بالعمل كمراسلين أو بنشر قصص تهم ذوي الاحتياجات الخاصة.
ورغم النجاح اللافت للموقع فإنه بحاجة لمزيد من الدعم المالي لتطويره، ويمكن لهذا الدعم حسب مستو أن يأتي عبر شراء المساحات الإعلانية المتوفرة على الموقع من قبل الشركات والمؤسسات، وهو أمر سيساعد على تغطية أجور فريق العمل والتكاليف الضرورية كما يقول مستو. الذي يضيف: "نحن بحاجة لدعم من أجل تقديم عمل إعلامي متخصص ومتميز بشؤون المعاقين، ونفضل أن يكون الدعم من خلال نشر إعلانات الشركات، أي دعم مقابل خدمة للأخيرة".
عفراء محمد – دمشق
مراجعة: عماد م. غانم