نبيل القروي.. "برلسكوني تونس ونصير فقرائها"؟
١٨ سبتمبر ٢٠١٩"بعد تسع سنوات من الثورة يعيش الشعب التونسي حالة من الإحباط من الديمقراطية البرلمانية وفقدت الأحزاب والقوى التقليدية قدرتها على تعبئة الشارع وارتفعت نسبة البطالة وانخفضت القدرة الشرائية للطبقة الوسطى". هكذا وصفت المجلة الإلكترونية، "السياسة الدولية والمجتمع" "(IPG)، الصادرة عن مؤسسة فريدرش إيبرت المقربة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني حال تونس قبل الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. الوصف جاء بقلم مدير مكتب المؤسسة في تونس، هنريك ماير، وتحت عنوان "برلسكوني تونس"، والمقصود هنا المتأهل مع قيس سعيّد إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التونسية، نبيل القروي.
قطب إعلامي وإعلاني
كان نبيل القروي، المولود عام 1963 في بنزرت، من المسيطرين على قطاع الإعلان مع شقيقه غازي حيث أسسا شركة "قروي اند قروي" للإعلانات وانتشرت في بلدان المغرب العربي. بعد ذلك أطلق القروي مع رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق سيلفيو برلسكوني (83 عاماً) وآخرين تلفزيون "نسمة" عام 2007، حسب الموقع الإلكتروني لمجلة "دير شبيغل" الألمانية. ركز التلفزيون جل بثه قبل الثورة على البرامج الترفيهية وتأييد نظام بن علي على غرار أغلب وسائل الإعلام المحلية آنذاك.
ولكن بعد الثورة، استعمل القروي محطته التلفزيونية للتصدي لنفوذ حركة النهضة الإسلامية المتنامي آنذاك وساهم عبر برامج ترويجية وسياسية موجهة في فوز نداء تونس بالانتخابات البرلمانية ووصول الباجي قايد السبسي لكرسي الرئاسة في 2014 على حساب منافسه المنصف المرزوقي.
وبالتوازي مع ذلك أطلق القروي قناة إخبارية تبث على مدار اليوم وتركز على مظاهر البؤس والفقر وتغطي أخبار الاحتجاجات الاجتماعية والفيضانات ومعاناة الأهالي عند انقطاع الماء أو الكهرباء وأصبحت صوتاً قوياً منتقداً لحكومة يوسف الشاهد يحظى بمتابعة واسعة.
وقد اتهمت "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري" الحكومية قناة نسمة "بالتموقع من أجل التأثير على مفاصل الدولة" كما تطالبها بالكشف عن هوية المساهمين في القناة بما فيهم رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني. وأصدرت الهيئة قرارا في تشرين الأول/أكتوبر 2018 يمنع القناة من بث برامجها غير أن الأخيرة لم تنصع لقرارها وواصلت البث.
وذكرت وسائل إعلام ألمانية أن تلفزيون "نسمة" يتلقى دعماً مالياً من مجموعة برلسكوني الإعلامية Mediaset.
"بطل" الفقراء أم شعبوي؟
أسس نبيل القروي "جمعية خليل تونس" على اسم ولده الذي قضى في حادث سير عام 2016. حققت الجمعية بسرعة انتشاراً واسعاً وسريعاً في الأرياف والمناطق النائية وفي كل ربوع البلاد. يقدم القروي نفسه من خلال تلفزيونه وجمعيته كشعبوي قريب من الناس وكرئيس سيقود حرباً ضد الفقر في حال فوزه بالرئاسة، على حد تعبير موقع مجلة "دير شبيغل". أما منتقدوه فيصفونه بأنه طموح شعبوي يسعى للمتاجرة بآلام المهمشين والفقراء للوصول لكرسي الحكم.
وألقت السلطات القبض على القروي قبل أسابيع من الانتخابات بسبب مزاعم تهرب ضريبي وغسل أموال أثارتها ضده هيئة للشفافية قبل ثلاث سنوات. وينفي القروي اتهامات التهرب الضريبي وغسل الأموال الموجهة له ويقول إنه يتعرض لحملة ممنهجة وسياسية يشنها خصمه الرئيسي رئيس الوزراء يوسف الشاهد بهدف إقصائه من السباق الرئاسي. وجاء في رسالة القروي "الشعب التونسي عاقب من حاول سرقة أصوات الناخبين عبر وضعي في السجن دون محاكمة وحرماني من التواصل مع التونسيين". وأضاف في رسالته "الشعب التونسي قال لا للظلم.. لا للتهميش.. لا للفقر.. نعم للأمل".
وذكرت القناة الثانية في التلفزيون الألماني ZDF أن سجنه أدت، حسب استطلاعات للرأي، إلى ارتفاع شعبيته. ويقول هنريك ماير في تحليله في المجلة الإلكترونية، "السياسة الدولية والمجتمع" "(IPG): "حقيقة أن القروي سجن على خلفية غسيل الأموال والتهرب الضريبي لم تؤدَ إلى تراجع شعبيته بين أنصاره. على غرار قدوته الإيطالي برلسكوني فقد كانت كاريزميته الشخصية كافية لكسب جزء مهم من الأصوات. ربما حتى المصوتين له قد لا يشهدون له بالنزاهة، ولكنهم أيضاً لا يشهدون لغيره من المرشحين بها".
قناة القروي حشدت وتواصل الحشد له إعلامياً وسارت زوجته على خطاه وتابعت الجولة الأولى من حملته حملته الانتخابية متجولة في أرجاء البلاد. في حشد بلغ الآلاف في قفصة بجنوب البلاد خاطبت السماوي بلهجتهم المحلية الحاضرين قائلة: "نبيل في السجن، وكل التونسيين في سجن.. معا لإخراج تونس من سجن الفقر، معا من أجل إخراج التونسيين من سجن الإهمال والمعاناة، معا نمزق تذاكر الفقر".
خالد سلامة