نتانياهو يزيد عزلة إسرائيل دوليا بعد كلمته أمام الكونغرس
٢٥ مايو ٢٠١١كانت لحظة دراماتيكية في تاريخ عملية السلام في الشرق الأوسط، حين وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي على المنصة تحت قبة الكابيتول لإلقاء كلمته. ولم ينتظر المرء أن تمتلئ مقاعد الكونغرس، وإنما انتظر العالم بتشوق أن يتحرك أخيرا نتانياهو باتجاه الهدف الذي حدده الرئيس الأمريكي باراك أوباما، باتجاه أن تعلن إسرائيل أخيرا استعدادها للتفاوض مع الفلسطينيين على أساس حدود 1967، وبالتالي بدون المناطق المحتلة.
بنيامين نتانياهو، هذا المتحدث الفذ؛ قام بما كان المرء يتوقعه منه، إذ قام بهجوم ساحر ولعب بتصلب وعناد بالموضوع. فحكومته متمسكة بالمبادئ التقليدية المعروفة، وهي أن القدس تبقى العاصمة الموحدة، والجنود الإسرائيليون سيقومون بتأمين الدولة الفلسطينية على حدودها الشرقية، ولن يكون هناك أي استقبال للاجئين الفلسطينيين في إسرائيل. وهذا لم يكن صفعة لأوباما فقط، وإنما رفضا لحل الدولتين العادل ولدولة فلسطينية قابلة للحياة. وبذلك يبقى الحل السلمي في الشرق الأوسط بعيد المنال.
والآن يمكن أن تسيطر الخيبة على البيت الأبيض والعواصم الأوربية وطبعاً العربية أيضاً. ولكن الأجواء في الكونغرس غير ذلك، فالنواب صفقوا لنتانياهو طويلا خلال وبعد إلقائه لكلمته.
أمريكا كانت وتبقى وطناً لليهود الذين هربوا من الحكم النازي في أوروبا، وللأجيال اللاحقة من اليهود أيضاً. وعلى كل رئيس أمريكي أن يراعي هذا الوضع المعقد المتشابك، وقبل كل شيء إذا كان، مثل أوباما، يريد إعادة انتخابه رئيساً. باراك أوباما ذهب بعيداً في كلمته حول الوضع في الشرق الأوسط، ولكن ذلك لم يجد نفعاً، فالجبهات تبدو أنها متصلبة أكثر من أي وقت مضى.
ماذا يعني هذا الآن بالنسبة للسلام في الشرق الأوسط؟ جبهة حماس في الجانب الفلسطيني تشعر بأن توقعاتها صائبة. ومع حكومة نتانياهو لا تفضي المفاوضات في الوضع السائد إلى دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة. والناس في الدول العربية التي تسودها التحولات فقدوا ثقتهم بحل دبلوماسي للنزاع. وفتيل إشعال النزاع على الحدود في المنطقة، سواء في مرتفعات الجولان أو في قطاع غزة تزداد قوة انفجاره. وخلال اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة في الخريف القادم يمكن أن تحاول بعض الدول من خلال اعترافها بدولة فلسطينية مستقلة، أن تخلق وقائع جديدة، وهكذا سيزداد الضغط على إسرائيل.
بنيامين نتانياهو خبير ممتاز بالشأن الأمريكي، لقد غامر وقدر بشكل دقيق أجواء الكونغرس، ولكنه بتصلبه فوت فرصة تاريخية أخرى، وزاد عزلة بلده خارج الولايات المتحدة.
دانيال شيشكيفيتس
مراجعة: منى صالح