نظام جديد تتبعه دور الدعارة يثير نقمة بعض الساسة في ألمانيا
٢٩ يوليو ٢٠٠٩منذ ديسمبر / كانون الأول عام 2001، صدر في ألمانيا قانون لتشريع ممارسة الدعارة داخل البلاد، لتصبح بذلك ممارسة قانونية مسجلة لدى دوائر الدولة الرسمية. وبموجب هذا القانون، أصبح العاملون في الأنشطة الجنسية يتمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها العاملون في القطاعات الأخرى، كما أن عليهم نفس الواجبات الضريبية. وعلى سبيل المثال، دفع نحو سبعين من دور الدعارة المسجلة في العاصمة برلين، حوالي 700 ألف يورو لخزينة الولاية كضريبة للدخل في عام 2008. إلا أن بعض دور الدعارة في ألمانيا تواجه حالياً ضغوطاً هائلة نظرا لنهجها الجديد والمتمثل في خلق ما بات يعرف بـ"الممارسة المفتوحة للجنس بسعر ثابت" أو الـ"فلات ريت" Flatrate.
"المدة مفتوحة حسب الرغبة!"
مصطلح "فلات ريت" (Flatrate) اشتهر بشكل أساسي عبر شركات الاتصالات، التي بدأت تعرض على زبائنها عقودا للاشتراك في شبكة الانترنت بسعر ثابت لا يعتمد على فترة الاتصال ولا يعتمد على كم المعلومات التي يتم تحميلها. وسرعان ما تبنت المطاعم الأوروبية للوجبات السريعة نظام الـ"فلات ريت"، لتعرض هي الأخرى على زبائنها ما لذ وطاب من أصناف الطعام والشراب ولكن بتسعيرة واحدة، تحت شعار "كل ما يمكنك أن تأكله". ثم استلهمت هذه الطريقة قريحة المشرفين على دور الدعارة في ألمانيا، كرد على نتائج الأزمة المالية العالمية التي عصفت بهذا القطاع كغيرها من القطاعات الأخرى. ومن ثم تحولت بعض دور الدعارة إلى دور تقدم خدمة " فلات ريت"- أو كما كتب على بعض الملصقات الدعائية: "المدة مفتوحة حسب رغبتك!". وظهرت أولى دور الدعارة التي تعتمد هذه الخدمة في العاصمة برلين، فيما بلغت التسعيرة بين سبعين ومائة يورو للخدمات الجنسية المفتوحة أمام الزبائن، شاملة أيضاً الطعام والشراب.
أصوات معارضة
وأثارت دور الدعارة، التي تعمل وفقا لنظام السعر الثابت (فلات ريت) جدلا واسعا داخل ألمانيا، وسيطر الجانب الأخلاقي على هذا النقاش، إذ اعتبر منتقدو الخدمات الجنسية المفتوحة أنها تخالف روح الدستور الألماني المدافع عن الكرامة الإنسانية. ومن جانبها، أكدت جمعية كورنيليا النسائية ومقرها شتوتغارت على ضرورة إيقاف ما أسمته "إذلالاً جامحاً للنساء"، واعتبرته يخدم أصحاب هذه الدور والزبائن فقط، مطالبة بتعديل القانون المنظم للدعارة في ألمانيا.
كذلك طالب أولريش غول وزير العدل في ولاية بادن فورتمبرغ جنوب ألمانيا بإغلاق هذه الدور كونها تمثل "ممارسات فجة وسافرة وموجهة من قبل الجريمة المنظمة"، مضيفا "أنه من السذاجة اعتبار أن الدعارة وظيفة عادية". وفي هذا الإطار، طالب شتيفان ماير العضو بالبرلمان الألماني عن الحزب المسيحي الاجتماعي في ولاية بافاريا حكومة برلين بزيادة ضغوطها على أصحاب دور الدعارة حيث اشتكى كلاوس باير رئيس القسم الجنائي بشرطة أوجسبورغ من أن المسئولين في هذا الوسط وعدوا من سنين بتحسين سمعته من أجل الخروج من حيز الشبهات الجنائية.
الدعارة لها ما للمهن الأخرى من حقوق
ومن جانبها، قامت الشرطة الألمانية بإغلاق عدد من المحلات في ولايتي بادن فورتنبرغ وبرلين يوم الأحد 26 يوليو/تموز بدعوى تهربها من الضرائب. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن كريستوف بالم، عمدة مدينة فيلباخ القريبة من شتوتغارت قوله إن هناك ما يبرر إغلاق محلين في بادن فورتنبرغ وهو ما ثبت لدى الشرطة من قصور فيما يتعلق بالنظافة والتعقيم على حد قوله وأضاف أن رجال الشرطة وجدوا تلوثاً واسعاً في الأرائك التي تستخدم للتدليك وفي غيرها من قطع الأثاث التي يستلقي عليها رواد المحلين. كما أغلق محلين آخرين من السلسلة نفسها بدعوى مخالفتهم
إلا أن شتيفاني كلي المتحدثة عن الرابطة الاتحادية للخدمات الجنسية، أكدت في حوار لموقع تاغسشبيغل الالكتروني "أن لهذه الحملة دوافع سياسية" وأن عملية الإغلاق جاءت استجابة لهذه الحملة التي يقودها منذ أشهر عدد من الساسة والجمعيات المدنية معربة عن خشيتها من أن "تعود إلى سمعتها السيئة السابقة".
في المقابل، يرى دانيال فولكيه المحامي المختص في برلين، في حوار أدلى به إلى ذات الموقع، أن نظام الخدمات الجنسية المفتوحة لا يخالف قانون الدعارة المعمول به في ألمانيا، وأضاف في هذا السياق: "إذا كانت الدعارة مشرعة من قبل القانون، فإن لدور الدعارة الحق في اعتماد نظام التسعيرة المفتوحة، شريطة أن لا تجبر العاملات على العمل وفقا لهذا النظام".
(و.ب/آ.ف.ب/د.ب.آ)
مراجعة: سمر كرم