Ägyptisches Bildungsprojekt gegen Analphabetismus wird ausgezeichnet
٨ سبتمبر ٢٠١٠تذهب "زينب"، البالغة من العمر 32 عاما، إلى ناد للكبار، كان يعرف سابقا باسم فصل محو الأمية بإحدى مدارس التعليم الثانوي في منطقة البدرشين، لتتلقى دروسا في القراءة والكتابة. وتؤكد زينب، في حوار مع دويتشه فيله، أنها حرمت من التعليم نظرا للفقر الذي تعانيه أسرتها المكونة من عشر أخوات.
وما زاد من مأساة زينب أنها طلقت من زوجها منذ عام فقررت الالتحاق بمشروع "قرية بلا أمية" الذي تنظمه الهيئة العامة المصرية لمحو الأمية وتعليم الكبار. وتكشف زينب لدويتشه فيله أن فترة التعليم تستغرق 6 أشهر تستطيع بعدها أن تساعد ابنها الصغير التلميذ بالصف الثاني الإبتدائي في دروسه ولا تشعر أمامه بالخجل من جهلها.
وهناك الكثيرات، مثل زينب، اللواتي يذهبن لنوادي الكبار بعدما قامت الهيئة بإطلاق هذا الاسم على مدارس محو الأمية لرفع الحرج الاجتماعي عن هؤلاء الأميين؛ وكذلك في محاولة لجذب الناس ومحاربة الموروثات الثقافية بهدف تحقيق نتائج إيجابية، خاصة في ظل عدم تحقيق المشروع القومي المصري لمحو الأمية أهدافه بصورة كاملة في السنوات القليلة الماضية.
وعن ذلك يقول الدكتور رأفت رضوان مدير الهيئة، في حوار مع دويتشه فيله، أن مؤسسته قررت تغيير المصطلح القديم لأنه كان يشكل حرجا للمستفيدين منه في ظل الثقافة التقليدية السائدة في الريف المصري حيث يكرر الجميع المثل الشعبي الذي يقول "بعد ما شاب ودوه الكتاب". ويضيف رضوان أن التغيير صاحبه أيضا توسيع للمهام، فبخلاف تعلم القراءة والكتابة، هناك محو أمية حول مهارات العمل والوعي بالأمراض الجديدة والتعامل مع التكنولوجيا الحديثة.
محو الأمية قضية لا تندرج ضمن أولويات المجتمع
وبالرغم من حصول مصر هذا العام على جائزة كونفوشيوس للتجارب الرائدة في محو الأمية من اليونسكو، إلا أن رضوان يقر بأن المشروع تراجع بالفعل في السنوات القليلة الماضية بعدما كان يحقق نتائج رائعة في البداية. وأسباب التراجع كثيرة، برأيه، منها أن الحالة العامة للمجتمع المصري الآن لا تسمح بطرح محو الأمية كقضية ذات أولوية خاصة نظرا لوجود قضايا أهم كالفقر والرعاية الصحية وغيرها.
ويعرب رضوان عن اعتقاده بأن هناك إحساسا عاما بفقدان قيمة التعليم في ظل تراجع دوره وبطالة المتعلمين، مشيرا إلى أن قضية محو الأمية تحتل المركز الـ17 في الاهتمامات لدى المواطنين، وذلك حسب استطلاع أجرته الهيئة في بعض القرى المصرية.
وتحاول الهيئة محاربة هذه الأمور عبر تقديم حوافز للمدرسين والمتعلمين على السواء. كما استعانت بعدد من رجال الأعمال ليساهموا في تمويل هذه النوادي كي تنتشر في كل أنحاء البلاد؛ كذلك قامت بإبرام اتفاقيات مع بعض منظمات المجتمع المدني تسمح بإشراكها في هذه المهمة، لأن هذه المنظمات قريبة أكثر من المواطن ويثق فيها أكثر مما يثق بالحكومة، حسب قوله.
الارتداد إلى الأمية
ومن العوائق الأخرى، التي تقف في طريق نجاح المشروع، حسب رضوان "الارتداد إلى الأمية". إذ أن هناك 35 % يرتدون إلى الأمية مرة أخرى نظرا لعدم ممارستهم القراءة والكتابة". ويؤكد المسؤول المصري أن هناك قرى في صعيد مصر لا تدخلها أي مواد مكتوبة أو مقروءة ما يصعب من مهمة هيئته.
ويرى رضوان أن حل مشكلة الأمية في مصر يتطلب سنوات طويلة، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية التي جعلت الحكومة تعيد النظر في المال المخصص لدعم محو الأمية لحساب قضايا أخرى أكثر إلحاحا. إلا أنه يشدد، في الوقت نفسه، على أن النتائج التي تم تحقيقها العام الماضي جيدة؛ إذ استفاد 700 ألف شخص من التعليم في نوادي الكبار، وهو رقم يزيد عن العام الذي سبقه بحوالي 50 ألف.
ويؤكد أن إقبال النساء على النوادي أكبر من الرجال وذلك لأن "الأمية في مصر أنثوية ريفية"؛ فعدد الأميين حاليا في مصر يقدر بحوالي 15 مليون منهم 10 ملايين من النساء والباقي رجال. وهذا الأمر أدركه أيضا المجلس القومي للأمومة والطفولة إذ أطلق مبادرة باسم "المدارس الصديقة للفتيات" منذ عام 2003 بالتعاون مع الإتحاد الأوروبي. وتهدف المبادرة إلى تخصيص فصول للإناث فقط بالمدارس العامة بالمحافظات والقرى النائية.
تشتت الجهود وسيطرة البيروقراطية
من جانبه ينتقد الدكتور محمود عطية، الخبير في مجال التعليم، مشروع محو الأمية، الذي بدأ في مصر منذ 1976. فهذا المشروع لم يحقق "أهدافه على أرض الواقع". ويشير عطية إلى التقرير الأخير الذي ناقشته لجنة التعليم في البرلمان. فقد كشف التقرير أن عدد من تم محو أميتهم منذ ذلك التاريخ بلغ 4.5 مليون مصري فقط، وهو ما يدعو إلى الإحباط، خصوصا أن "الأمية هي أحد الأسباب الرئيسية في تأخر ترتيب مصر في تقارير التنمية البشرية".
ويؤكد عطية أن المشروع تتغير أسماؤه الشكلية فقط دون تغيرات حقيقية في الجوهر. وأن أهم أسباب فشله تباين الهيئات العاملة فيه وسيطرة البيروقراطية والفساد عليه لدرجة أنه كانت هناك حالات لبيع شهادات محو الأمية دون دخول الامتحانات. وحسب عطية فإن "سيطرة التدين الشكلي الشعائري على المجتمع المصري سبب من أسباب عزوف البعض عن فصول محو الأمية"، على الرغم من أن الدين الإسلامي في جوهره يدعو إلى القراءة والتفكر".
وينتقد عطية أيضا دعوة بعض مسؤولي التعليم في مصر هيئة الإفتاء بالأزهر إلى إصدار فتوى تقضي بجواز إرسال الزكاة لمشروع محو الأمية؛ فالأمر "لا يتعلق بالمال بصورة أساسية، بل بعدم وجود خطط واضحة لأنه (المشروع) ينفذ بشكل عشوائي مثله مثل قضايا أخرى كثيرة في مصر".
نيللي عزت ـ القاهرة
مراجعة: أحمد حسو