هاشتاغ #أحبي جسدك – الجمال لا يقتصر على الرشيقات فقط
٦ ديسمبر ٢٠١٦"في الماضي عندما كنت في المدرسة، كنت رشيقة القوام. ولكنني أعرف ذلك الشعور عندما يتعرض الفرد للتهكم من آخرين بسبب مظهره الخارجي"، كما تقول سيلفانا دينكر، التي تعاني منذ سن السابعة عشرة من اضطراب في نظام الأكل. "أحيانا أتغلب عليها، وأحيانا تغلبني"، تقول الشابة ذات 31 عاما والشعر البني الناعم الطويل. وتضيف قائلة ذات القامة الطويلة وكلها ثقة في النفس: "في العام الماضي وخلال ستة أشهر فقط زدا وزني بمقدار 40 كيلوغراما".
سيلفانا تعرف جيدا ذلك الشعور بعدم الرضا عن جسدها إلى درجة كرهه أحيانا. ولكنها أصبحت في الأثناء ترى الأمر من منظور آخر، حيث تقول: "أنا راضية عن نفسي، بغض النظر إن كنت أزن عشرة كيلوغرامات أكثر أو أقل. الميزان ليس مقياسا ليحدد من أنا كإنسان."
بدينة وعارضة أزياء مطلوبة جدا في عواصم الموضة
وهاهي سيلفانا دينكر تعد اليوم عارضة أزياء مطلوبة في مجال مقاسات البدينات. وإلى جانب عملها كعارضة أزياء، تعمل سيلفانا كمصورة، إذ أنها أطلقت حملة دعائية تحت اسم #بودي لاف (#Bodylove) – أحبي جسدك - تشارك فيها ثمان نساء نصف عاريات. هدفها من وراء هذه الحملة، التي أطلقتها على مواقع التواصل الاجتماعي، هي محاربة التمييز بسبب المظهر وألاّ يخجل أحد بعد اليوم بسبب جسده.
الأكيد أن المشاركة في هذه الحملة تتطلب الكثير من الشجاعة. وبإمكان الجميع، نساء ورجالا، المشاركة فيها مهما كان شكله الخارجي نحيلا أم نحيلا جدا أم بدينا، طالما أن المُشاركة مستعدة للمشي واستعراض جسدها في وسط المدينة مرتدية ملابس داخلية سوداء اللون وحذاء، لا أكثر.
وما بدأ كحملة صغيرة في مدينة زيغن بولاية شمال الراين فيستفاليا الألمانية تحول في الأثناء إلى نجاح عالمي. فبعد حملات مماثلة في مدينتي هامبورغ وبرلين، هاهي مجلات ذات انتشار عالمي على غرار مجلة بيبل (People) وكوسموبوليتن (Cosmopolitan) تنشر تقارير مطولة حول الحملة.
حملة #بودي لاف انتشرت على موقع إنستاغرام للتواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم. وسرعان ما نشرت تقارير في الصين واليابان والفيليبين وكوسفو وكندا وأمريكا الجنوبية حولها. حتى مجلة الموضة الفرنسية المرموقة "إيل" (Elle) لم تتوان عن نشر تقارير حول حملة #بودي لاف. وهاهي سيلفانا تتنقل من مدينة إلى أخرى، فتارة يحط بها الرحال في باريس وتارة أخرى في برشلونة أو في نيويورك، وفي جعبتها رسالة واضحة: كل إنسان جميل، حتى ولو لم يتطابق مظهره مع معايير الجمال المتداولة. ولكن هل تغير مثل هذه الحملات على غرار حملة #بودي لاف مما تمليه علينا صناعة الموضة والإشهار منذ عقود طويلة من معايير جمالية؟
"معايير الجمال صنعتها صناعة الموضة والإشهار"
تغيير الأفكار المسبقة أمر يتطلب وقتا طويلا، على ما ترى الخبيرة في علوم التواصل والاتصال كريستينا هولتس-باشا. "توجهات السوق تتبع المعايير الجمالية التي أتت بها العقود الأخيرة والتي تتبعها البنات الصغيرات أيضا." وتوضح قائلة: "الحملات السابقة التي تهدف إلى الكفاح ضد الصور النمطية (التي تتعلق بالمظهر الخارجي للمرأة) لم يكن لها تأثير طويل المدى".
كذلك ستيفي شميدل، وهي المديرة التنفيذية للمنظمة الاحتجاجية "بنكستينكس" (Pinkstinks) والتي تكافح ضد التفرقة الجنسية وضد استخدام المرأة بشكل جنسي إيحائي في الإشهار، ترى أن مثل هذه الحملات قصيرة المدى ودون مفعول يذكر، "طالما أن لدينا صناعة موضة لا تشارك في مثل هذا الحملات". وتضيف قائلة: "عندما لا يرى الفرد نفسه في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الإعلانات الخارجية، عندها يشعر بأنه غير مرئي". وتوضح شميدل: "عندما ترى المرأة الشابة هذا الجمال المقنن الذي لا يمكن أن تصل إليه، فإن ذلك لا يؤثر عليها فقط وإنما على المجتمع بأسره." وبالتالي فقد يؤدي ذلك إلى الإصابة باضطرابات نفسية على غرار الإصابة بالاكتئاب أواضطرابات الأكل.
بيد أن مواقع التواصل الاجتماعي من شأنها أن تلعبا دورا سلبيا في هذا الإطار، ذلك أن الأجيال الناشئة والصاعدة كثيرا ما تستخدمها في البحث عن الذات وصقلها، على ما ترى شميدل. فمثلا فيسبوك وتويتر وإنستاغرام أو سنابشاط تقدم الفرصة لمستخدميها بعرض نفسه واستعراض جسده بشكل علني. وبالتالي أن يعرض شخص جسدا به عيوب في مواقع التواصل الاجتماعي فإن ذلك يحمل في طياته أيضا خطرا كبيرا، على ما ترى هولتس-باشا. فإلى جانب ردود الفعل الإيجابية والتهليل والترحيب من قبل نساء في وضعيات مماثلة، هناك أيضا جانب آخر وهو أن يسخرن نساء أخريات من اللواتي تشجعن وكشفن عن عيوب أجسادهن، على ما تقول هولتس-باشا. وترفض الأخيرة فكرة أن نظرة الرجل للمرأة هي التي تتسبب في معاناتها بسبب قلة جمالها، مؤكدة أن النساء يمكن أن يكن أكثر قسوة من الرجال إزاء بنات جلدتهن.
"لكل وجه جميل جانب قبيح أيضا"
ولكن بالرغم من ذلك هناك إتجاه جديد في إطار هذه الظاهرة وهو أن هذا الهوس بالجمال في مواقع التواصل الاجتماعي لم يعد يأخذ على محمل الجدية من قبل الجميع. ومستخدمات عديدات لتوتير وإنستاغرام في شتى أنحاء العالم أصبحن يتحدثن عن صورة متمايزة للمرأة وكيف ترى نفسها. فمثلا وتحت هاشتاغ #نساء جميلات وجوه بشعة (#PrettyGirlsUglyFaces) تبرهن نساء شابات على شجاعتهن في إظهار وجوه غير جميلة، حيث ينشرن صورة تظهر جمالهن وفي الوقت ذاته صورة أخرى وهن يظهرن وجها غير جميل وكأنهن يردن القول لكل منا وجه قبيح أيضا.
بيد أن توصيف النساء بالجميلات وإدراكهن كذلك هو وليد التاريخ وهو أمر مهم جدا بالنسبة للنساء، كما تقول الباحثة في علوم الجندر باولا-إيرينا فيلا. وتوضح بأن المرأة كانت لفترة طويلة مجرد اكسسوار وكان يتحتم عليها أن تكون جميلة، لأن الزواج كان بالنسبة لها أهم شيء على الإطلاق حتى تبرر وجودها.
"النظر إلى النساء على أنهن كائنات جميلات وجذابات لا يزال إلى يومنا هذا هدفا أكثر أهمية للنساء من الرجال." ولكن النظر ايضا إلى الرجال وإلى أجسادهم أصبح أمرا يزداد أهمية يوما بعد يوم. واضطرابات الأكل أصبحت ايضا مشاكل صحية تطال 20 بالمائة من الذكور، على ما تقول شميدل. "في الجيل الناشئ الذي ينشأ على صور جديدة، فإن الضغوط من أجل التحلي بالجمال والجاذبية أمور واقعية."
لكن سيلفنا تقول إنها لا تأبه بالتعليقات السلبية. طبعا هي تدرك أنه لا يمكنها تغيير العالم. "ولكنني دفعت البعض إلى التفكير. فإذا ما توقفوا عن توجيه الثلب والسباب لآخرين (فقط بسبب مظهرهم الخارجي) عندها سأكون حققت الكثير من الأمور." وتضيف قائلة: "إذا ما أصبح الأشخاص، الذين شاركوا في حملة #بودي لوف وعددهم 250، أكثر ثقة في النفس، فإن ذلك أمر يسعدني للغاية. ففي نيويورك مثلا قالت لي امرأة: لقد غيرتِ حياتي. وهذا إطراء لا يحصل عليه الفرد كثيرا في الحياة."
وفي الماضي كانت سيلفانا نحيفة جدا ثم أصبحت بدينة جدا. ولكن ماذا عن شعورها الآن؟ "سعيدة جدا!"، على حد قولها.
سابرينا بابست/ش.ع