ارتياح أوروبي كبير بعد هزيمة اليمين المتطرف في النمسا
٤ ديسمبر ٢٠١٦اخفق اليمين المتطرف النمساوي اليوم الأحد(الرابع من كانون الأول/ديسمبر 2016) في رهانه على ترجمة الاندفاعة الشعبوية في أوروبا عبر إيصال مرشحه إلى الرئاسة، إذ أظهرت التوقعات تصدر المرشح المدافع عن البيئة الكسندر فان دير بيلين الانتخابات الرئاسية متقدما على نوربرت هوفر.
وقال هوفر في بيان "أنا حزين للغاية لعدم فوزي. أهنئ الكسندر فان دير بيلين بفوزه وأدعو جميع النمساويين إلى البقاء متضامنين والعمل سوية".
من جانبه، صرح فان دير بيلين للتلفزيون النمساوي العام "منذ البداية، خضت المعركة ودافعت عن نمسا التي تشكل جزءا من أوروبا"، مؤكدا انه سيدافع عن "قيم المساواة والحرية والتضامن".
وأظهرت التوقعات الأولى أن فان دير بيلين (72 عاما) العميد السابق لكلية الاقتصاد في فيينا والقيادي السابق في حزب الخضر حصد 53,3 % من الأصوات مقابل 46,7 % لهوفر (45 عاما) نائب رئيس البرلمان والقيادي في حزب الحرية منذ 25 عاما.
وتعكس هذه النتيجة تقدما واضحا للمرشح المدافع عن البيئة، إذ لم يحصل سوى على 50,3 % من الأصوات في الدورة السابقة في 22 أيار/مايو والتي ألغيت بسبب أخطاء في العملية الانتخابية بعد طعن لحزب الحرية. وأعلن الحزب اليميني المتطرف الأحد انه لن يشكك في نتائج هذه الدورة.
وتشكل هذه النتيجة هزيمة للمعسكر الشعبوي الذي تعززت أسهمه مع تأييد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في حزيران/يونيو وفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية قبل نحو شهر.
وقال لوثر لوكل مدير حملة فان دير بيلين "نحن جميعا مرتاحون جدا وممتنون جدا". واحتفل أنصار المرشح الليبرالي بإعلان فوزه في قصر هوفبورغ في فيينا.
في المقابل، اقر الأمين العام لحزب الحرية هربرت كيكل بهزيمة حزبه، علما بان النتيجة الرسمية لن تعلن قبل الاثنين.
ردود الفعل الأوروبية جاءت مرحبة
واعتبر وزير الخارجية الايطالي باولو جنتيلوني أن فوز فان دير بيلين "هو حقا خبر جيد لأوروبا"، فيما تحدث رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز عن "رسالة واضحة مؤيدة لأوروبا". وكتب شولتز تغريدة عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إن "فوز فان دير بيلين يشكل هزيمة ثقيلة للقومية ومناهضة أوروبا والشعبوية الرجعية". وأضاف شولتز أن مرشح حزب الخضر فاز في الانتخابات "برسالة مؤيدة لأوروبا بشكل واضح".
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في بيان إن "الشعب النمساوي اختار أوروبا والانفتاح" فيما اعتبر وزير الخارجية الألماني فرانك ـ فالتر شتاينماير أن نتيجة الانتخابات تشكل "فال خير لأوروبا".
رغم أن منصب رئيس الدولة في النمسا فخري، فإن فوز هوفر كان سيعتبر إشارة مشجعة بالنسبة إلى حلفائه على المستوى الأوروبي مثل الجبهة الوطنية في فرنسا وحزب الحرية بقيادة غيرت فيلدرز في هولندا، البلدين اللذين سيشهدان انتخابات في 2017.
وكتبت زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن عبر تويتر "أهنئ حزب الحرية الذي خاض المعركة بشجاعة. النصر سيتحقق في الانتخابات التشريعية المقبلة". بدوره، علق فيلدرز أن "حزب الحرية كافح بشجاعة".
وكان فان دير بيلين المؤيد لأوروبا أكد أن الانتخابات الرئاسية ستحدد "الاتجاه الذي تريد النمسا سلوكه" وما إذا كانت البلاد لا تزال ترغب في أن تكون "عضوا وفيا في الاتحاد الأوروبي أو لا".
ورغم انه لم يدع علنا خلال حملته إلى خروج النمسا من الاتحاد الأوروبي، أكد هوفر مجددا الأحد انه يريد تسهيل التقارب مع الولايات المتحدة بقيادة ترامب وروسيا بقيادة فلاديمير بوتين. كذلك، تجنب هوفر التعبير عن آراء معادية للأجانب استخدمها باستمرار حزبه الذي أسسه نازي سابق العام 1956، وركز في خطابه على الضمان الاجتماعي والقوة الشرائية والدفاع عن الوظائف.
من جهته، شدد فان دير بيلين على القيم الإنسانية للجمهورية النمساوية وعلى أهمية العلاقات مع الشركاء في الاتحاد الأوروبي، علما بان أكثر من أربعين % من إجمالي الناتج الداخلي للنمسا مرتبط بصادراتها.
وكان الائتلاف الكبير بين الاشتراكيين الديمقراطيين والمحافظين والذي يتولى الحكم في النمسا منذ 2007 هزم من الدورة الأولى في 24 نيسان/ابريل. وأعلن العديد من قادة الحزبين وفي مقدمهم المستشار الاشتراكي الديمقراطي كريستيان كيرن دعمهم لفان دير بيلين الذي خاض معركته بوصفه "مستقلا".
ورغم أن المؤشرات الاقتصادية في النمسا لا تزال ايجابية مقارنة بغالبية جيرانها الأوروبيين، فان فئة من سكانها لا تخفي قلقها من أزمة اللاجئين وتأثيرات توسع الاتحاد الأوروبي نحو بلدان الشرق.
ح.ع.ح(أ.ف.ب/د.ب.أ)