هل العالم مستعد لاستقبال اللاجئين المناخيين؟
٩ نوفمبر ٢٠١٧قبل أيام من انطلاق "مؤتمر المناخ العالمي" في مدينة بون الألمانية حذر تقرير من أن الفشل في وضع حد للتغير المناخي سيؤدي إلى إجبار عشرات الملايين من البشر إلى الفرار من أوطانهم. وخلص التقرير، الذي أعدته "مؤسسة العدالة البيئية" EJF والمستند على مقابلات مع خبراء عسكريين بارزين في الولايات المتحدة، إلى أن التغير المناخي سيتسبب بموجة لجوء أكبر من مثيلتها السورية.
وقد وجهت المؤسسة نداء إلى المؤتمرين في بون بوضع إطار لضمان تأمين الحماية اللازمة للاجئين المناخيين. "في عالمنا المتغير بسرعة هائلة، لا بد من وضع التغير المناخي والأخطار المحتملة منه كالتسبب بصراعات عنيفة وموجات هجرة جماعية على رأس سلم الأولويات"، يقول المدير التنفيذي لـ"مؤسسة العدالة البيئية" ستيف ترينت.
تهديدات جمّة
وقد ركز التقرير على مناطق الشرق الأوسط وأفريقيا، بما فيها أسوء موجة جفاف ضربت سوريا منذ 900 سنة. وقد أدت تلك الموجة لخسارة الفلاحين مصادر رزقهم وسبل عيشهم. وأبرز التقرير أن حوالي مليون سوريا أجبروا على ترك أراضيهم والرحيل عنها بسبب الجفاف، وذلك قبل أن تنطلق رصاصة واحدة من الحرب.
وذكر التقرير أن ما حدث في سوريا سيحدث في دول وأماكن أخرى. وقد أظهرت الأعاصير التي ضربت الولايات المتحدة هذا العام أن الدول الغنية ليست بمنأى عن التأثيرات السلبية للتغير المناخي.
كما أشار التقرير إلى قول الخبراء العسكريين أن عدد اللاجئين من التغيرات المناخية سيؤدي إلى توترات سياسية واجتماعية واقتصادية. "تشكل المسألة تهديداً وجودياً لحضارتنا على المدى البعيد. أما على المدى القريب فتحمل معها كل أشكال المخاطر. تتطلب المسألة الاستجابة السريعة والوافية لذلك التحدي"، يورد التقرير رأي العميد في الجيش الأميركي ستيفان تشيني. وأضاف التقرير نقلاً عن أحد الخبراء أن "أوروبا تعتقد أنها تعاني من مشكلة كبيرة من الهجرة اليوم. غير أنها عليها الانتظار عشرين سنة لترى موجة الهجرة الضخمة من أفريقيا وخصوصاً من المنطقة المحاذية للصحراء الكبرى في أفريقيا".
وفي نفس السياق، كشف تقرير لمنظمة "أوكسفام" الخيرية صدر هذا الأسبوع بعض تفاصيل موجات النزوح على إثر التغيرات المناخية. وأورد التقرير أنه بين عامي 2008 و2016 نزح حوالي 21.8 مليون إنسان بسبب الكوارث المناخية المفاجئة. وعلى سبيل المثال فقد أدى "إعصار وينستون" في فيجي إلى تهجير أكثر من 55 ألف إنسان عام 2016. على إثر الإعصار خسرت فيجي، والتي ترأس هذا العام "مؤتمر المناخ العالمي" في مدينة بون الألمانية، ما يقارب من خُمس ناتجها المحلي الإجمالي.
تأمين ضد آثار التغير المناخي
اتُخذت بعض التدابير للتصدي لمخاطر التغير المناخي بما يحول دون حدوث موجات لجوء كبرى. ففي قمة للمناخ، عقدت في أقصى جنوب ألمانيا في 2015، أطلقت مجموعة الدول الصناعية السبع مبادرة لتأمين ما يقارب من 400 مليون إنسان في الدول النامية ضد مخاطر التغير المناخي. وتقوم "الجمعية الألمانية للتعاون الدولي" GIZ بتنفيذ خطة التأمين والتي أطلق عليها اسم InsuResilience.
وتهدف خطة التأمين لمساعدة المتضررين لإعادة بناء حيواتهم وثرواتهم بعد التعرض لكوارث مناخية، وذلك لكي لا يتحول المتضررين إلى لاجئين مناخيين. ويشمل التأمين تقديم مساعدات عاجلة وعمليات إعادة بناء.
الفرص في "مؤتمر المناخ العالمي" في بون
تصدرت الحكومة الألمانية قائمة الدول الداعية والداعمة لمثل تلك البرامج. ففي العام الماضي استثمرت وزارة التنمية الألمانية حوالي 2.8 مليار يورو في حماية المناخ العالمي والتكيف مع تغيراته. وذكر متحدث باسم الوزارة لـDW أن ألمانيا ستدفع باتجاه شراكة عالمية في التأمين ضد آثار التغير المناخي. "سيؤثر التغير المناخي على حركة الطيران أيضاً وتزيد الطلب عليها؛ إذ أن الجفاف والأعاصير والفيضانات ستؤدي إلى بحث الناس عن أماكن أخرى للعيش فيها"، يقول وزير "التنمية والتعاون الاقتصادي" الألماني غيرد مولر.
وعلى الرغم من أن "مؤتمر المناخ العالمي" في بون الألمانية، لا يُعقد في فيجي نفسها، إلا أن هذا البلد عاقد العزم على ترك بصمته على المؤتمر عن طريق الدفع باتجاه تعزيز خطة التأمين ضد مخاطر التغير المناخي. وقد تقنع الشهادات والدراسات الجديدة المقدمة من الخبراء الوفود المشاركة على أن الوقت قد حان لوضع الأمر على رأس قمة أولويات الحكومات.