هل اللحوم المزروعة في المختبر "نباتية"؟
٢٠ فبراير ٢٠٢٣يتوجه البعض للاعتماد على التغذية النباتية لأسباب متعددة منها الاهتمام بالصحة أو خلال مواسم الأعياد الدينية أو لقناعتهم بالضرر البيئي الذي تسببه وسائل تربية الحيوانات أو ببساطة لعدم تقبل البعض مذاق اللحوم نفسها.
وقد يرغب بعض الأشخاص الذين يعتمدون على النظام الغذائي النباتي في تناول اللحوم بين فترة وأخرى. فما هو الحل لتلك المعضلة؟
كانت هنالك إجابة بأن اللحوم المزروعة في المختبر أو ما يطلق عليها "اللحوم المستنبتة معملياً" والتي أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أنها آمنة وقابلة للأكل. إلا أن هذا الأمر أثار حفيظة عدد من المنظمات التي تعارض انتشار عمليات تربية وذبح الحيوانات.
تقول إيلا مارشال، نائبة مدير العلامات التجارية لجمعية النباتيين، أقدم جمعية نباتية في العالم إنه "لا يمكننا دعم اللحوم المزروعة في المختبر بشكل رسمي، لأن الحيوانات لا تزال تستخدم في إنتاجها [...] لن نتمكن من تسجيل مثل هذه المنتجات التي تحمل العلامة التجارية النباتية"، وذلك في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى موقع "وايرد" التقني المتخصص.
ومع توفر اللحوم المزروعة في المختبر بشكل رخيص ومستدام من البروتين الذي لا يتطلب معاناة الحيوانات، فإن النباتيين سيواجهون أزمة هوية ومعركة شرسة مع أنصار اللحوم المستنبتة معملياً.
ويقول الموقع الأمريكي المتخصص في التنقية إن هذا الأمر سينتج عنه صراع بين النباتيين الذين حددوا فلسفتهم من خلال تجنب تناول المنتجات الحيوانية، وأولئك الذين يؤمنون بإعادة هيكلة أكثر جذرية لعلاقات الإنسان مع عالم الحيوان. ويخشى البعض أنه في النهاية يمكن لحجج هؤلاء ضد اللحوم المستزرعة معملياً أن تعرقل عملية التقدم في التقليل من الاعتماد على لحوم الحيوانات الحية.
كيف يتم استزارع اللحوم معملياً؟
تتضمن زراعة اللحوم أخذ الخلايا الجذعية من الحيوان وتنميتها داخل مفاعلات حيوية. وعملية أخذ تلك الخلايا أقل إيلامًا من العديد من الإجراءات التي قد يتحملها الحيوان خلال حياته في المزرعة وحتى ذبحه.
في هذه المفاعلات الحيوية، تنخدع الخلايا بالاعتقاد بأنها لا تزال داخل جسم الحيوان، حيث يتم الاحتفاظ بها في بيئة مكونة من العناصر الغذائية مثل الأحماض الأمينية والفيتامينات والكربوهيدرات والبروتينات لتنمو وتتطور إلى عضلات بأشكال مختلفة. وبعدما يصل اللحم إلى الحجم المطلوب، يتم حصاد المنتج ومعالجته بأي شكل يرغب المصنعون في بيعه.
ومنذ أن تم تناول أول برجر بقيمة 375 ألف دولار في عام 2013، انخفضت تكاليف التصنيع. وعلى الرغم من أنها لا تزال عملية باهظة الثمن مقارنة باللحوم المستزرعة تقليديًا، إلا أن انخفاض التكلفة يحدث بشكل متسارع ومستمر. في نهاية المطاف، يمكن أن تصبح اللحوم المزروعة في المختبر بأسعار معقولة، بل ربما أكثر من أسعار لحوم حيوانات المزارع التقليدية.
ويشير الموقع إلى أنه على النباتيين الترحيب بهذه التقنية الجديدة من حيث قدرتها على الحد من كل شيء من معاناة الحيوانات إلى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (رغم كمية الطاقة الكبيرة التي ينطوي عليها إنتاجها) ما يجعل هذه التكنولوجيا أداة مفيدة في مكافحة تغير المناخ على الأقل.
ويتردد بعض النباتيين في اعتبار اللحوم المزروعة في المختبر نباتية، معتقدين أنها تنتهك التعريف التقليدي للنزعة النباتية Veganism (وفقًا للمجتمع النباتي) كفلسفة "تسعى إلى استبعاد - قدر الإمكان وبشكل عملي - جميع أشكال استغلال وقسوة على الحيوانات "و" بالتبعية، تعزز تطوير واستخدام بدائل خالية من الحيوانات لصالح الحيوانات والبشر والبيئة"، فيما يرى البعض أن حصاد عدة خلايا جذعية من عدد محدود من الحيوانات لتنميتها في المختبرات يقلل للغاية من عدد الحيوانات التي تذبح بهدف الحصول على لحمها.
يقول غراي إل. فرانكيون الفيلسوف والأستاذ بجامعة روتجرز ومؤلف كتاب "2020 لماذا يهم الأمر النباتيين: القيمة الأخلاقية للحيوانات" إن "اللحوم المزروعة في المختبر هي وسيلة للتحايل تهدف إلى جعل الناس يشعرون بالرضا عن أكل الحيوانات، ولن تؤدي إلا إلى زيادة اللحوم التقليدية وليس استبدالها بأي حال من الأحوال. وأن ما يجب علينا فعله هو الترويج للنباتية ".
لكن على جانب آخر، قد تحل اللحوم المزروعة في المختبر بعض المشكلات النباتية، إلا أنها قد تعاقب الآخرين من خلال عدم التغاضي عن ميول آكلة اللحوم تمامًا.
ويرى البعض أن مثل هذا النقاش الفلسفي قد يؤدي إلى تأخير انتشار تناول اللحوم المنتجة معملياً وخلال ذلك تستمر معاناة الحيوانات من التربية وإلى الذبح إلى جانب الآثار البيئية والاقتصادية الناتجة عن ذلك وهو أيضاً ما قد يسبب ابتعاد آكلي اللحوم أنفسهم عن الاعتماد في وقت قريب على هذا النوع من اللحم والابتعاد عن تناول لحوم الحيوانات الحية.
يقول إد وينترز، الكتاب والمؤلف والناشط في مجال التغذية النباتية إن "الطريقة الوحيدة لإطعام 8 مليارات شخص الآن، و 10 مليارات شخص في العقود المقبلة، هي من خلال ثورة علمية لنظامنا الغذائي. نحن في الواقع بحاجة لأن تكون أنظمتنا الغذائية عكس ما يحدث حالياً إذا أردنا أن تكون لدينا أي فرصة لإطعام الجميع بالفعل".
عماد حسن