هل "تتأخون" الداخلية المصرية؟
٢٣ فبراير ٢٠١٣"الأخونة" مصطلح يتداول مؤخرا في مصر ويقصد به تعيين أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحاكم في مناصب الدولة الحساسة. ويوجه اتهام "الأخونة" لوزارة الداخلية التي اشتهرت في عهد الرئيس مبارك بأنها قبضته الحديدية على الدولة. ورغم تأكيد الشرطة أن ما حدث في العهد السابق لن يتكرر أبداً، إلا أن أداء الشرطة مؤخراً جعل الكثيرين يشكون فيما بدأت جماعة الإخوان تؤثر على وزارة لداخلية. وهذا التساؤل عززته وقفات احتجاجية لبعض أفراد جهاز الشرطة ضد ما أسموه ب"أخونة الداخلية".
"الداخلية تدفع ثمن تخبطات النظام الحالي"
أحد قيادات الداخلية الذي رفض الكشف عن هويته، وفضل تعريفه فقط ب "أ.م" قال إنه "ليس صحيحا أن الداخلية تتأخون"، وأوضح أن: "ما يحدث هو أننا ندفع فاتورة تخبطات النظام الحالي وقراراته الخاطئة". ويرى "أ.م" أن الحل البوليسي لكل المشكلات الاقتصادية أو الاجتماعية لا يزال هو المسيطر على فكر السلطة الحاكمة رغم تغيرها بعد الثورة. ويقول في هذا الصدد لDWعربية: "لا يزال الحل لكل المشكلات هو نزول الشرطة". وبرهن "أ.م" على كلامه بحصار الشرطة لأطباء الامتياز حين تظاهروا ضد وزارتهم قائلاً: "ما علاقة الشرطة بالموقف ولماذا لا يحل المشكلة صاحبها؟".
وعن تعيين الوزير اللواء محمد إبراهيم والحديث عن انحيازه للإخوان وبدئه في "أخونة الداخلية"، يقول "أ.م": "الوزير ليس إخوانياً وقرار إقالة وتعيين وزير هو قرار سياسي خالص". ونفى "أ.م" مرة أخرى أنه يوجد ما يسمى ب"أخونة الداخلية" سواءالمقصود بها "أخونة" الأفراد أو "أخونة الأداء" من خلال الدفاع عن مصالح الجماعة وتنفيذ أوامرها. ويقول "أ.م" لDWعربية: "الشرطة تستخدم العنف فقط عند الاعتداء على المنشآت، والدليل هو أن الشرطة لا تقترب من المسيرات والمظاهرات ضد الإخوان والرئيس والتي تصل إلى أسوار القصور الرئاسية".
واتهمت الشرطة من قبل المعارضين بالسلبية ومحاباة الإخوان في أكثر من موقف أبرزها أحداث قصر الاتحادية الأولى، حينما هاجم الإسلاميون المعتصمين أمام القصر واعتدوا عليهم. ويرد "أ.م": "حينها وفي اشتباكات أخرى تم القبض على شباب ورجال من الجهتين الإخوان والمعارضين، لكن النيابة هي التي كانت تخلي سبيلهم، فما يسعنا أن نفعل حيال ذلك؟". وأضاف: "كماحدثاعتداءعلىالشرطةوقتعرضالمعتدينمنالإخوانعلىالنيابةفيأحداثالاتحادية". وبرهن "أ.م" على عدم انحياز الشرطة للتيار الإسلامي بقيامها بالقبض على الحرس الخاص بخيرت الشاطر، نائب المرشد العام للإخوان وكذلك القبض على عضو من "حازمون"التابعة لحازم صلاح أبو إسماعيل لحيازتهم أسلحة. ويفسر "أ.م" لDWعربية: "تنتهي مهمتنا عند ضبطهم وتسليمهم للنيابة بعد ذلك ليست مسؤوليتنا إذا ما أخلى سبيلهم من سرايا النيابة".
"قضية الضباط الملتحين دليل على رفض تسييس الشرطة"
وتطرق الحديث مع "أ.م" إلى قضية الضباط والأفراد الملتحين وإذا ما كانوا هم أنصار التيار الإسلامي داخل الوزارة. ويقول في هذا السياق: "مشكلة الضباط الملتحين أكبر دليل على رفض الشرطة لأي انتماءات سياسية، وتم وقف هؤلاء عن العمل". ورغم صدور حكم قضائي بأحقيتهم في العودة إلى عملهم "لم تنفذ الداخلية ذلك، وتعرقله باتخاذ الإجراءات القضائية".
وتناول الحديث مع القيادي "أ.م" مظاهرات أفراد الشرطة التي ُنظمت بسبب ما أسموه "رفض أخونة الداخلية". وفسر "أ.م" ذلك بقوله إن: "أفراد الشرطة لهم مطالب فئوية وكي يعطونها غطاءا شرعيا يكسب تعاطفاً وتأييداً شعبيا سموها ب"أخونة الداخلية". وبرهن "أ.م" على كلامه قائلاً لDW عربية: "أفراد الداخلية أعدادهم أضعاف عدد الضباط، ولكي "تتأخون" الداخلية يجب أن "يتأخون" هؤلاء أولاً".
وفي نهاية حديثه المطول لDWعربية تطرق "أ.م" لقضيتين إضافيتين.أولاهما التعامل العنيف مع "البلاك بلوك" وغيرهم من الشباب الذين قد يكونوا يئسوا من التظاهر السلمي أو لا يجدونه مجديا مع النظام السياسي القائم ويرون أن الشرطة تأخذ جانب السلطة حين تقف في وجههم. ويقول "أ.م" في هذا الموضوع: "يأس الشباب من القيادة السياسية لا يعنينا وليس مبرراً للعنف ومن يستخدم العنف ليس إلا مشاغباً". ويضيف: "على الشرطة القيام بعملها وهو حفظ الأمن العام".
أما القضية الثانية التي تطرق لها فهي الحديث عن دخول شباب جماعة الإخوان إلى كلية الشرطة. وفي هذا الصدد قال "أ.م" لDWعربية: "طبيعي حدوث ذلك، فهو حقهم كمواطنين". لكن قيادي الداخلية شدد على أن التحاق شباب الإخوان بكلية الشرطة لا يعني تغييراً في القواعد، ويجب عليهم الالتزام بالسياسة العامة للوزارة بعيداً عن الجماعة وتوجهاتها".
واختتم "أ.م" حديثه لDWعربية قائلاً: "يجب مساندة الشرطة، فالحالة النفسية لأسر وعائلات ضباط وأفراد الشرطة سيئة للغاية ولا يعلم أحد منا ما إذا كان سيعود إلى بيته في نهاية كل يوم".
"النظام يرسل الداخلية في مواجهة الشعب"
ولم يختلف رأي أحد أفراد الداخلية المشار له في تحقيقنا بمختصر "ع.ص" الذي اعتبر أن "تخبطات النظام "الإخواني" هي السبب في كل المشكلات بين الداخلية والمواطنين. ويقول "ع.ص" لDWعربية: "النظام يرسل الداخلية في مواجهة الشعب للتغطية على قراراته الخاطئة ومحاولته "أخونة الدولة".
لكن "ع.ص" نفى في الوقت ذاته وصول حالة "الأخونة" إلى وزارة الداخلية. ويقول "ع.ص" في هذا النطاق: "حقيقة تلك المظاهرات لأفراد الشرطة ما هي إلا مطالب فئوية، فهم يعلمون أن الوقت الآن غير مستقر وإذا لم نطلب الآن لن نستطيع أن نطلب أبداً". وبرهن "ع.ص" أيضاً على عدم أخونة الداخلية بقضية الضباط والأفراد الملتحين. وقال عنها: "هؤلاء ينتمون لتيارات إسلامية، لكنهم حينما التحقوا بالشرطة كانوا يعلمون بقوانين العمل لذا ليس من حقهم الآن الاعتراض". ويضيف في حديثه لDWعربية: "هم اعتقدوا أن التغيير في البلد ووجود رئيس ملتحي ينتمي للتيار الإسلامي يعني أن يظهروا توجهاتهم دون اكتراث بقوانين المؤسسة التابعين لها". وفي نهاية حديثه تمنى "ع.ص" نهاية ما أسماه ب"الكابوس" الذي تعيشه مصر متمنياً أن تكف السلطة عن وضع الشرطة والشعب في مواجهة بعضهما البعض حتى يعود الأمن للشارع المصري.