هل تحرك أوروبا مفاوضات السلام المجمدة في المنطقة؟
١٦ مارس ٢٠١٠خلف إرجاء المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل لجولته التي كانت مقررة هذا الأسبوع إلى المنطقة، عدة تساؤلات بشأن "الدور الفعال" المنتظر من واشنطن لتحريك عملية السلام المجمدة بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ أكثر من عام. وتشهد العلاقات بين الحليفين التقليدين انتكاسة وصفها المراقبون "بالخطيرة" بسبب سياسة الاستيطان، التي تنتهجها حكومة بنيامين نتنياهو في القدس.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي تقوم فيه الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاترين اشتون بزيارة إلى المنطقة، أكدت خلالها أن المستوطنات الإسرائيلية "غير شرعية وتشكل عقبة في طريق السلام". وأكدت المسؤولة الأوروبية أن "تحقيق السلام يأخذ أولوية قصوى بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي وأن تسوية الصراع العربي الإسرائيلي أمر بالغ الأهمية لأنه يسهم في تسوية الصراعات الأخرى في المنطقة".
لكن يبقى السؤال إلى أي مدى يمكن للتحرك الدبلوماسي الأوروبي أن يخرج عملية السلام من النفق المظلم الذي دخلت فيه؟ وهل يملك الاتحاد أوراق ضغط يمكن توظيفها في هذا الصدد؟
واشنطن تتطلع للدور الأوروبي
تعتبر الزيارة التي تقوم بها الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاترين اشتون إلى الشرق الأوسط الأولى لها إلى المنطقة منذ استلامها لهذا المنصب الرفيع نهاية العام المنصرم. وتأتي هذه الزيارة في ظروف حرجة تمر بها عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين على خلفية قرار الحكومة الإسرائيلية في 9 آذار/ مارس ببناء 1600 وحدة سكنية بمستوطنة في القدس الشرقية، الأمر الذي قوض إمكانية انطلاق مفاوضات غير مباشرة بين الجانبين. كما تسبب توقيت إعلان القرار من جانب آخر في أزمة دبلوماسية بين واشنطن وتل أبيب.
وفي هذه الأجواء المشحونة تتنقل اشتون بين القاهرة ودمشق وبيروت والأراضي الفلسطينية سعياً منها إلى إبراز الدور الأوروبي. وأكدت عزم الاتحاد على العمل على دفع عملية السلام وأن جهودها منصبة "على استعمال نفوذ الاتحاد الأوروبي لدفع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني لاستئناف المفاوضات".
وفي هذا الإطار قال المحلل السياسي الألماني فيليب هولتمان في مقابلة مع دويتشه فيله "إن واشنطن بحاجة ماسة إلى الدور الأوروبي في هذه الظروف". وأعتبر الخبير الألماني أن "فشل" الإدارة الأمريكية في الوفاء بتعهداتها إزاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي جعل الدور الأوروبي رافعة لإنقاذ تعثر إدارة أوباما في هذا الملف".
وكانت تقارير إعلامية أشارت إلى أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يعمل مع الأطراف الفاعلة في الاتحاد على طرح اقتراح أوروبي لإطلاق عملية السلام يشمل كافة المسارات، وأنه سيقوم بعرض هذه المبادرة على الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
أوراق ضغط أوروبية
وفي هذه الأثناء لوح الاتحاد الأوروبي بممارسة ضغوطه على أطراف الصراع في الشرق الأوسط للدفع باتجاه استئناف عملية السلام. وفي هذا الإطار قالت كاترين اشتون إن جهودها "منصبة حالياً على كيفية استعمال نفوذ الاتحاد السياسي والاقتصادي". وبهذا الشأن يقول المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري في حديث لدويتشه فيله "من الناحية النظرية يمكن للاتحاد الأوروبي أن يلعب دوراً كبيراً في الضغط على أطراف النزاع انطلاقاً من العلاقات الاقتصادية التي تجمعه بهم"، فالاتحاد الأوروبي يعتبر الشريك التجاري الأساسي لإسرائيل، والممول الرئيسي للمشاريع التنموية في الأراضي الفلسطينية.
وانطلاقاً من هذه المعطيات يرى المحلل السياسي الألماني فيليب هولتمان هو الآخر أن "ورقة الضغط الاقتصادية مهمة جداً في التأثير على مواقف الأطراف المختلفة". لكنه يضيف في الوقت نفسه بالقول "إن الاتحاد الأوروبي ككتلة سياسية موحدة لا يمتلك أجندة سياسية مشتركة ودقيقة تجاه عملية السلام والجهود المبذولة لحل الصراع في المنطقة".
من جانبه يرى المحلل الفلسطيني هاني المصري أنه "يجب على الاتحاد الأوروبي أن يلعب دوراً مستقلاً في ملف الشرق الأوسط بعيداً عن التبعية للولايات المتحدة الأمريكية"، خاصة وأن أوروبا تعد طرفاً أساسياً في اللجنة الرباعية التي ستلتقي في موسكو في التاسع عشر من الشهر الحالي. ويضيف المصري قائلاً: "إن الآمال باتت معلقة الآن على اجتماع موسكو بعد أن غيبت واشنطن دور الرباعية في الفترة الماضية".
الكاتب: يوسف بوفيجلين
مراجعة: عماد م. غانم