هل تعود جماعة الإخوان المسلمين إلى العمل السري؟
٢٧ سبتمبر ٢٠١٣سقطت حكومة الرئيس الإسلامي محمد مرسي، وأضحى قادة حركة الإخوان المسلمين بين سجين وطريد. هذا الأسبوع، وجه حكم قضائي لأحدى محاكم القاهرة ضربة قوية لأقدم تنظيم إسلامي في مصر.
القاضي محمد السيد رئيس محكمة القاهرة للأمور المستعجلة أعلن في نص الحكم: "حظر أنشطة تنظيم الإخوان المسلمين في جمهورية مصر العربية وجماعة الإخوان المسلمين المنبثقة عنه وجمعية الإخوان المسلمين وأي مؤسسة متفرعة منها أو تابعة إليها أو منشأة بأموالها أو تتلقى منها دعماً أو أي نوع من أنواع الدعم وكذا الجمعيات التي تتلقى التبرعات ويكون من بين أعضائها أحد أعضاء الجماعة الجمعية أو التنظيم".
وجاء في تعليل الحكم أنّ الجماعة تهدد "الأمن القومي"، فيما قررت المحكمة "التحفّظ على أموالها العقارية والسائلة والمنقولة سواء أكانت مملوكة أو مؤجرة لها". ويمكن للإسلاميين الطعن في الحكم.
ومنذ سقوط مرسي في الثالث من يوليو/ حزيران الماضي اعتقلت قوات الأمن المصرية أكثر من 2000 من أنصاره، ومن ضمنهم جميع قيادات التنظيم تقريباً. الكثير من أعضائها يعيشون اليوم متوارين ، ولا يجرؤن على مغادرة منازلهم. أحدهم جراح يعيش في حي من أحياء الطبقة المتوسطة ، وهو ينشط في التنظيم منذ سنوات، لكنه لا يرغب في الكشف عن هويته، ويقول حول الحكومة المصرية الحالية : "يريدون إرجاع البلد إلى خمسين أو ستين عاماً إلى الوراء، حين كانت جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً محظوراً، ولا يُسمح لها بالنشاط العلني. لقد عدنا إلى تلك الأيام".
"مسرحية كبيرة"
بعد صراع دام مع الجيش على السلطة قرر الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر حظر تنظيم الإخوان المسلمين عام 1954، واستمر الحظر خلال حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث قضى كثير من قيادات الجماعة سنين طويلة في السجن، لكن "الديكتاتور" الذي أُطيح به قبل عامين ونصف العام، كان قد منح في الحقيقة الإخوان المسلمين مزيدا من الحريات. فقد سُمح لأنصار الجماعة بإلقاء الخطب في المساجد ولسياسيها بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية كمرشحين مستقلين. وبعد ثورة يناير 2011 أقامت جماعة الإخوان المسلمين ذراعاً سياسياً لها: حزب الحرية والعدالة.
أمام أحد المساجد في جنوب القاهرة، وهو مكان محبب لاجتماع الإسلاميين، تدور نقاشات ساخنة حول قرار المحكمة. طالب بلحية طويلة ورداء أبيض يعرّف نفسه بأنه من المتعاطفين مع جماعة الإخوان المسلمين، ينال من رجل مصر القوي وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ويقول: "كل هذا مسرحية كبيرة، نظمتها المخابرات. السيسي يستهين بعقولنا. أين حرية الإنسان وكرامته في كل ما يفعله السيسي؟".
احتجاجات مستمرة
الخوف الكبير الذي يسود مصر اليوم هو أن أجزاء من التنظيم يمكن أن تتحول إلى جماعات متطرفة ناشطة سرياً. في الأسابيع الماضية شُنت العديد من الهجمات الدامية ضد قوات الأمن، وقد أودت بحياة أكثر من 100 منهم. في مطلع أيلول/ سبتمبر الجاري شنت مجموعة "جهادية " ناشطة في شبه جزيرة سيناء هجوماً بعبوة ناسفة على وزير الداخلية محمد إبراهيم.
أما الجراح عضو الجماعة في القاهرة، فهو مقتنع تماما أن هذه الاحتجاجات ستزداد حجماً بعد حظر جماعة الإخوان المسلمين، ويضيف بنبرة واثقة: "نحن نفكر في أساليب جديدة لممارسة الضغط على الانقلابيين وإجبارهم على الحديث إلينا. الثورة ستزداد زخماً. أعداء قادة الانقلاب يزدادون عدداً من يوم إلى آخر".
أضرار اقتصادية؟
و يرى بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أن قرار المحكمة سيلحق أضراراً بالاقتصادي المصري المتردي أساساً، ما يؤدي إلى في النهاية إلى قلب المزاج العام ضد حكام مصر الجدد. في السابق كانت المنظمات الخيرية للإخوان المسلمين الناشطة في عموم البلاد تعتبر شبكة اجتماعية لدعم الطبقات الأكثر فقراً، من خلال توزيع الأطعمة والتوسط للحصول على عمل وأدوية مجانية. وخلال عقود من الزمن سدت جماعة الإخوان المسلمين العديد من الثغرات الناجمة عن فساد الدولة. لكن منذ تنحية مرسي اضطرت الجماعة إلى إيقاف العديد من أنشطتها في مساعدة المحتاجين.
لكن جميع المصريين لا يتأسفون على ذلك، فنقاد الجماعة طالما اتهموها بالقيام بذلك لشراء أصوات الفقراء فقط. مصطفى خالد، وهو من الملتزمين دينياً لكنه غير منتم إلى تنظيم الإخوان المسلمين، يقول: "لم يفدني محمد مرسي في شيء، تحدث عن أشياء جيدة، لكنه لم يفعل شيئاً. أنا رجل فقير، ولدي خمسة أطفال. الإخوان لم يقدموا لي شيئاً".
بالنسبة للإخوان المسلمين فإن الحكم الذي صدر الاثنين (23 أيلول/ سبتمبر 2013) ليس سوى بداية ماراثون قضائي طويل، ففي تشرين الأول/ أكتوبر ستجرى محاكمة عدد من قيادات الجماعة، ومن بينهم الرئيس المعزول محمد مرسي. وفي كانون الأول/ ديسمبر المقبل ستقرر محكمة الإسكندرية، ما إذا كان ممكناً تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية.