هل تفتح إصلاحات المغرب الباب أمام ملكيات دستورية عربية؟
١٣ مارس ٢٠١١يجزم الناشط والحقوقي المغربي عبد الحميد أمين أن خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس، الذي أعلن فيه عن حزمة إصلاحات دستورية عميقة تشمل مبدأ فصل السلطات وتقوية مكانة البرلمان وتعزيز سلطات الوزير الأول والجهوية المتقدمة عطفا على الاعتراف باللغة الأمازيغية، تشكل خطوة استباقية لمظاهرات العشرين من شهر مارس/آذار الجاري، التي أعلن عنها شباب عشرين فبراير. فبعد النجاح الكبير الذي حققته التظاهرات في الشهر الماضي كان لا بد من تدخل المؤسسة الملكية لتهدئة الأوضاع، والكلام لأمين.
ويقول عبد الحميد أمين، وهو نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في المغرب، في حوار مع دويتشه فيله، إنّ "هذه الإصلاحات ورغم إيجابيتها، لن تغير الطبيعة الاستبدادية للنظام القائم في بلدنا؛ لأنها لن تغير نظام الحكم الفردي القائم في المغرب". ويضيف أمين أن خطاب الملك كان موجها في الأساس إلى النخب السياسية والثقافية في المغرب وتمكن بالفعل من إقناعها بجدوى هذه الإصلاحات إلى حد أننا "رأينا أن النخبة السياسية وقادة الأحزاب السياسية يغردون للخطاب الملكي ويعتبرونه ثورة جديدة في تاريخ المغرب".
مرونة مغربية وتعنت سعودي
أما الشعب المغربي، وخصوصا شباب العشرين من فبراير، فلم يقتنع، حسب أمين، بهذه الإصلاحات لأنّ مطالبه لم تكن تقتصر على إجراء تعديلات دستورية، بل تركز على إعداد "دستور جديد يؤسس لنظام ديمقراطي وهذا ما لم يأت خطاب الملك على ذكره". ويعرب أمين عن اعتقاده بأن هناك توجها لدى الحركة الاحتجاجية لإسقاط المادة 19 من الدستور، التي تتناول صلاحيات الملك وتؤكد على دور إمارة المؤمنين وتجمع ما بين السلطة الدينية والسلطة السياسية؛ كما " يطرح الخطاب حلولا لمطالب الشباب المتعلقة بتشغيل المعطلين والحق في العمل والسكن والتعليم وغيرها من الحقوق الأساسية".
وما لم يقتنع به الناشط والحقوقي المغربي عبد الحميد أمين يرى فيه الباحث والمعارض السعودي حمزة الحسن "مرونة سياسية يتحلى بها النظام الملكي المغربي؛ فبمجرد خروج الشباب المغربي إلى الشارع تقدم الملك بإصلاحات تستجيب إلى حد ما لمطالب الجمهور". ويضيف الحسن، في حوار مع دويتشه فيله، أن سقف مطالب التغيير في السعودية أقل بكثير من الممالك العربية الأخرى كالمغرب والبحرين وحتى الأردن. فالمطالب التي يطرحها السعوديون هي من الأوليات كوضع دستور للبلاد وإقرار مبدأ الانتخاب لمجلس الشورى ومنح المرأة حقوقها.
إما الإصلاح أو الرحيل
إلا أن المعارض السعودي المقيم في لندن يحذر العائلة المالكة في السعودية من أن مطالب التغيير لن تبقى عند هذا الحد وأن تعنتها وعدم استجابتها لهذه المطالب سيدفع بالشاب السعودي إلى رفع سقف مطالبه. ويشدد الحسن على أنه ليس أمام العائلات المالكة العربية، وخصوصا في السعودية، سوى أن تنفتح على مطالب شعوبها وتخفض من قبضتها على الحكم. أما نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، فيقول إن الملكيات العربية، وخصوصا الملكية في البحرين، أمام خيارين: إما إصلاح نفسها أو الرحيل.
ويضيف نبيل رجب، في حوار مع دويتشه فيله، بأن الحركة الاحتجاجية في البحرين دخلت طورا جديدا ولم تعد ترضى بمطالب الجمعيات السياسية التي تدعو إلى إصلاح النظام بسبب تعنت الأسرة الحاكمة في التعامل مع طموحات الشعب البحريني. فقد رفع الشباب البحريني سقف مطالبه إذ أخذوا "يطالبون برحيل النظام برمته خصوصا بعد استخدام العنف وقتل الكثير من المعتصمين والمتظاهرين في ساحة اللؤلؤة بالمنامة".
لا ملكيات دستورية في العالم العربي
ويرفض الناشط البحريني ما يشاع بأن الأزمة البحرينية ذات بعد طائفي لأن "العائلة المالكة تمثل أقلية سنية تحكم أغلبية شيعية". فالخلاف في البحرين "ليس بين الشيعة وبين السنة بل بين نظام تسلطي استبدادي وبين شعب يتوق إلى الحرية والديمقراطية". وبالرغم من مطالبة الشباب برحيل النظام فإني "أعتقد بأن الحل مازال بيد الملك البحريني فلو قدم تنازلات فيما يخص الدستور والحكومة المنتخبة فإنه سيجد صدى وقبولا عند قوى المجتمع المدني البحريني"، والكلام لنبيل رجب.
وحين يُسأل الناشط المغربي عبد الحميد أمين فيما إذا كانت إصلاحات الملك محمد السادس ستؤدي إلى تأسيس ملكية دستورية في المغرب، يقول إن الدستور الحالي "ينص على أن النظام المغربي ملكية دستورية ديمقراطية؛ فمن حيث الألفاظ نحن مغبوطون، لكن في الواقع نعيش في نظام شبه إقطاعي، وما نريده هو نظام ديمقراطي بعد نجاح ثورتي تونس ومصر". أما الباحث والمعارض السعودي حمزة الحسن فستبعد نشوء ملكيات دستورية في العالم العربي في عام ألفين وأحد عشر. فـ"الأنظمة الملكية العربية، وخصوصا النظام السعودي، أقرب إلى السقوط منها إلى التحول إلى ملكيات دستورية".
أحمد حسو
مراجعة: يوسف بوفيجلين