هل ستخرج "حماس" بحصة الأسد في الانتخابات التشريعية الفلسطينية؟
٢٥ يناير ٢٠٠٦لا تنبع أهمية توجه مليون ونصف ناخب فلسطيني اليوم الأربعاء إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات المجلس التشريعي فقط من كونها أول انتخابات تجري في إطار التعددية السياسية (حركة حماس وكذلك الجبهتان الشعبية والديمقراطية لم تشارك في انتخابات 1996)، بل أيضا من تقديمها فرصة جديدة للفلسطينيين تسمح لهم بترتيب بيتهم الداخلي وتجديد شرعيته السياسية وكذلك إضفاء الحيوية والجدية على نظامهم السياسي، إضافة إلى أنها تضع حركة "فتح" أمام تحدٍ حقيقي يُحتّم عليها الحفاظ على وزنها السياسي دون الاستعانة بكاريزما الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ناهيك عن أن هذه الانتخابات تقدم للشعب الفلسطيني فرصة ذهبية لإثبات جدارته في القدرة على إدارة أحواله بنفسه.
أزمة "فتح"
في وقت بدأت فيه شعبية حركة "فتح"، كبرى الفصائل الفلسطينية تتراجع لحساب حركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، يتوقع المراقبون أن تخرج الحركة الإسلامية بحصة الأسد في هذه الانتخابات. وفي حين يقول مراقبون إن الانقسامات التي شهدتها "فتح" في الفترة الأخيرة وكان أبرزها تقدم الحركة بقائمتين انتخابيتين وتراجعها عن ذلك لاحقا خوفا من تقدم "حماس" عليها كان أحد أهم الأسباب في انحسار شعبيتها في صفوف الناخبين الفلسطينيين، يعزو آخرون أسباب أزمة الحركة إلى تركيبتها البنيوية واحتوائها على شخصيات من كافة المشارب السياسية غير المتجانسة من الناحية الأيدلوجية. وعن توقعات المواطنين بتقدم حركة على أخرى، أجرى موقعنا مقابلات شملت طلاب وأساتذة في جامعة النجاح الوطنية، أكبر الجامعات في الأراضي الفلسطينية. إلى ذلك، يقول سعد الجبالي، دكتور العلوم السياسية في الجامعة الفلسطينية إنه "يرجح فوز حركة "فتح" في الانتخابات." ولكنه اشترط في الوقت ذاته التزام أعضاء وأقطاب الحركة بالتصويت لقائمة "الوطن"، لائحة "فتح" في الانتخابات وكذلك على السياسة الإسرائيلية التي قد تتبع خلال الانتخابات. أما الطالب عدي عبد الرحمن (20 عاما) فإنه توقع عدم حصول الحركتين على أغلبية في المجلس التشريعي، الأمر الذي سيضطرها إلى اللجوء إلى الأحزاب الصغيرة لتشكيل حكومة ائتلافية. من جانبها، قالت أمال أبو شنب (21 عاما) إن حركة "فتح" لها شعبية كبيرة في أوساط الشعب الفلسطيني، ولكن انشقاقاتها "سوف تعمل على تراجعها وهذا ما أثبتته الانتخابات البلدية الأخيرة،" على حد قول الطالبة.
... وكيف استفادت منها "حماس"
وبالمقابل، يُرجع المراقبون أسباب المد الشعبي الذي حصلت عليه "حماس" بين الناخبين الفلسطينيين إلى توجيهها رسائل واضحة ضد الفساد في أجهزة السلطة الفلسطينية وتحميل الحكومة الفلسطينية المسؤولية عن التسيب الأمني وانتشار الجريمة. ولا يخفي المراقبون كذلك الدور الرئيسي الذي لعبته الحركة الإسلامية في انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة. وفي خطوة لتوسيع قاعدتها الشعبية، نهجت "حماس" نهجا أقل تشددا وأظهرت التزاما أكبر بالهدنة مع الحكومة الإسرائيلية، علاوة على أن برنامجها الانتخابي لم يتطرق إلى مبدأ معروف للحركة ومُثبت في ميثاقها وهو القضاء على إسرائيل، وإنما اكتفى بالإشارة إلى المقاومة الشعبية كحق يضمنه القانون الدولي لجميع الشعوب. وعن مدى صحة مشاركة الحركة الإسلامية في الانتخابات، قالت الطالبة أبو شنب إنها تعتبر مشاركتها في الانتخابات "قرارا حكيما،" عازية ذلك إلى أن الحركة تقف في طليعة الأحزاب المقاومة للاحتلال، الأمر الذي يؤهلها لتقلد مناصب قيادية في الحكومة الفلسطينية، على حد تعبيرها. أما الأستاذ الجامعي الجبالي فقد أعتبر أيضا مشاركة "حماس" ضرورية، عازيا ذلك إلى إيجابيات التعددية السياسية. من جانبه، اعتبر الطالب ثائر ثابت (21 عاما) مشاركة الحركة حقا من حقوقها، قائلا "السلطة الوطنية الفلسطينية هي فتح وفتح هي السلطة." وأشار إلى أن هذه المقولة تجسدت في الدعاية "الفتحاوية" الانتخابية، مناشدا المسؤولين الفلسطينيين بالحرص على أن يمثل المجلس التشريعي الفلسطيني كافة شرائح الشعب الفلسطيني بجميع أطيافه.
مشاركة المقدسيين وفلسطينيي الشتات
وعن مشاركة سكان القدس الشرقية وفلسطينيي الشتات في الانتخابات، قال الجبالي إن مشاركة المقدسيين فيها "لها مكانة خاصة،" مؤكدا على ضرورة الحفاظ على القدس وعدم التنازل عنها. أما الطالب عدي عبد الرحمن، فإنه يرى مشاركة أهالي القدس فيها أمرا طبيعيا لأنهم جزء من الشعب الفلسطيني وعدم مشاركتهم "عني التخلي عن القدس وحقوق أهلها." على حد قوله. من جانبها اعتبرت الطالبة أبو شنب مشاركة المقدسيين في الانتخابات هو "إثبات لهويتهم الفلسطينية،" رغم أنهم يحملون الهوية الإسرائيلية. أما بخصوص انخراط فلسطينيي الشتات في الانتخابات، فقد قالت أبو شنب إن عدم مشاركتهم "لا يعني إهمالهم." من جانبه قال الطالب عبد الرحمن إن عدم مشاركة فلسطينيي الشتات "قد يكون بمثابة ضياع لحق العودة."
ناصر جبارة