هل ولى زمن الاعتصامات في مصر؟
٩ مايو ٢٠١٢رغم قمع المتظاهرين وسقوط قتلى وجرحى، أظهر الاعتصام الأخير أمام وزارة الدفاع المصرية تجاوبا أقل للشارع مقارنة مع اعتصامات سابقة. برنامج شباب توك ناقش هذا الموضوع وفي صلبه السؤال عما إذا كان زمن الاعتصامات في مصر قد ولى؟
عرفت حلقة مساء أمس من برنامج شباب توك مشاركة عدد من الناشطين والسياسيين الشباب حول تراجع وتيرة التظاهر في مصر وانخفاض نسبة المتعاطفين معها، فمن ألمانيا شارك كريستوفر لاور النائب في ولاية برلين، وهو عضو في حزب القراصنة الألماني، الذي حقق نتائج جيدة مقارنة رغم الخبرة السياسية المحدودة لأعضائه. ومن مصر كانت ميريت بكير ضيفة على البرنامج، وهي ناشطة سياسية مصرية ضد تغيير إستراتيجية التظاهر، التي تعتبرها أداة الضغط الوحيدة في يد الثوار. ميريت هي أيضا أخت لأحد شهداء الثورة وهو زياد بكير، الذي لقي حتفه أثناء دفاعه عن المتحف المصري. ومن مصر كذلك شارك في النقاش النائب البرلماني زياد العليمي، أحد الأصوات القليلة التي تمثل شباب الثورة داخل البرلمان المصري.
ميريت بكير الناشطة السياسية المصرية كان لها تحفظ أولي على نسب الاعتصام الأخير لشباب الثورة قالت:" هؤلاء الذين شاركوا هم أنصار أحد مرشحي الرئاسة الذين خرجوا من سباق الانتخابات، وأقصد حازم صلاح أبو إسماعيل، وقد احتشد أنصاره من أجله وليس من أجل أهداف الثورة". وردت ميريتعلى سؤال عن نفي صفة شباب الثورة عن هؤلاء المعتصمين بالقول:"تظاهرهم كان من أجل شخص معين، ولكن شباب الثورة نزلوا إلى الشارع لمساندتهم من أجل حماية حق التظاهر كحق مشروع للجميع".
أسباب تراجع التعاطف مع المظاهرات
أرجعت ميريت بكير سبب انخفاض التعاطف مع الاعتصام الأخير إلى كونه يختلف عن باقي الاعتصامات، إضافة إلى التعود على أحداث كهذه مع توالي الأحداث الدموية أيضا. وتقول: "للأسف المجلس العسكري استطاع خلق نوع من البلادة للشعب المصري، الذي لم يعد يتحرك. لكنني أعتقد أن هناك حالة غليان لدى الشعب المصري سوف تظهر في الوقت اللازم".
غير أن النائب البرلماني زياد العليمي يرى أن أحد الأسباب هو استمرار وجود نظام الرئيس المخلوع مبارك، وقال:"الذي قتل زياد بكير في 28 يناير/ كانون الثاني هو نفسه الذي قتل عاطف قبل أربعة أيام". النائب أكد أنه ما كان لينتخب حازم صلاح أبو اسماعيل، لكنه اعتبر أن استبعاده من سباق الرئاسة بني على قاعدة عنصرية، وهو الأمر الذي يتشاطره النائب مع شباب الثورة. ويختلف زياد العليمي مع ميريت بكير حيث اعتبر أن جزءا كبيرا من الشباب الذي نزل لدعم أبو اسماعيل ينتمي إلى شباب الثورة.
"المجلس العسكري يعيق الحياة السياسية"
بعد توالي الأحداث الدموية والاعتصامات كأحداث ماسبيرو وأحداث بورسعيد والاشتباكات أمام وزارة الداخلية، تبين أن الأمور تتكرر، حيث تُواجه الاحتجاجات بعنف من طرف السلطة، وهو ما دفع مقدم البرنامج إلى طرح السؤال عن بديل محتمل أو تغيير في إستراتيجية الاحتجاج. في إطار إجابته يرى زياد العليمي أن النظام الذي وصفه بالمستبد ينبغي أن يسقط بوسائل ديمقراطية بينها التظاهر، ويضيف:" النظام فاسد ويتعامل مع الناس وكأنه من الطبيعي أن يُقتل من يعبر عن رأيه. وهو أمر غير مقبول". كريستوفر لاور من حزب القراصنة الألماني يرى أن العملية الديموقراطية متعثرة في مصر نتيجة العنف المتواصل، وفي مقارنة سريعة بين العمل الحزبي في مصر وألمانيا، يرى لاور أن إحدى نقط قوة حزبه تتمثل في نسبة الشباب العالية التي تمارس العمل السياسي.
من جهتها أكدت ميريت بكير أن لا بديل اليوم في مصر عن رحيل المجلس العسكري الذي تراه عائقا أمام تطور الحياة السياسية، وخاصة الانتخابات الرئاسية، التي تشكك أصلا في احتمال نزاهتها. ويرى كريستوفر لاور من حزب القراصنة الألماني أنه يواجه مشاكل مشابهة بالرغم من النظام الديموقراطي داخل ولاية برلين، ويضيف في هذا السياق:"نحن كحزب معارض لا نصل إلى المعلومات بسهولة، وتغلق في وجهنا الأبواب إلى حد ما".
"المراهنة على الدين سيقسم البلد"
وتعليقا على موضوع "لماذا تراجع التعاطف مع المظاهرات في مصر؟" شارك قراء موقع DWعربية في النقاش، حيث يرى القارئ سفيان حمدي أن "الشباب العربي ككل يفتقد إلى ثقافة الاعتصام التي تختلف من بلاد إلى أخرى حسب الوضع السياسي والظروف المعيشية". كما تكررت كلمة " إحباط" في تعليقات القراء الذين اعتبروها السبب في تراجع وتيرة الاعتصامات. ويرى محمد دي علي أن "الناس كفرت بالثورة بسبب الانفلات الأمني المتعمد الذي تنهجه وزارة الداخلية كي يتحسّر الناس على أيام مبارك". وكتب عصام أحمد يقول:" اختلاف القوى السياسية الكبير وعدم الوعي بهموم الناس، أدى إلى عدم الثقة في نتائج أي شيء". أما القارئ أحمد سعد فاعتبر أن هناك حملة ممنهجة لتكريه الناس في الثورة بالتزامن مع " الأزمات التي يعيشها الشعب من انهيار أمني وحرائق و أزمة بنزين وارتفاع في الأسعار". ويرى أحمد النجم أن هناك انقسام طائفي وكتب يقول:"لأنهم منقسمون على بعضهم البعض، ولا يعرفون أين خطوتهم الأولى، يتجه البعض إلى الإسلام والبعض الآخر إلى المسيحية". وهذا يؤدي برأيه إلى تقسيم البلد طائفيا .. بدلا من توحيد الكلمة بين المسلمين والمسيحيين والنهوض بمصر".
ريم نجمي
مراجعة: ابراهيم محمد