هل يستفيد الإعلام المصري من التجربة الألمانية؟
١٣ مارس ٢٠١٢بعد توجيه كلمات الشكر والثناء المعتادة إلى الجهات الألمانية المختلفة التي قامت على استضافتهم، فاجأ البروفيسور سليمان صالح الحضور في الجلسة الختامية لورشة العمل "الحرية والمسؤولية" التي نظمتها أكادمية دي دابليو لمدة أسبوع، حين دعا الحضور إلى عدم اعتبار نظام الإعلام الألماني نموذجا لمصر وبعدم تقليده. صالح تكلم بصفته وكيل لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بالبرلمان المصري، التي تدرس حاليا مشاريع قوانين إعلامية، بالإضافة إلى أنه ينتمي إلى حزب الحرية والعدالة المنبثق من حركة الإخوان المسلمين والذي حاز على غالبية الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر.
بصوت خافت وهادئ وبثقة جلية في النفس افتخر صالح "بثورة 25 يناير"، واصفا إياها ب"العظيمة التي تعد درسا في الثورات للعالم بأسره"، مضيفا أن "المصريين سينشئون نظاما إعلاميا فريدا في العالم، من شأنه أن يجسد نموذجا للدول الأخرى"، وإن أقر بجواز الاعتماد في ذلك على الخبرات الأجنبية التي تناسب واقع الحال في مصر.
"انتقاء الخبرات المناسبة للواقع المصري"
النقطة الأخيرة على الأقل حظيت بإجماع جميع المشاركين ال12 في ورشة العمل التي نظمتها أكاديمية دي دابليو بتمويل من مؤسسة فريدريش ناومن القريبة من الحزب الليبرالي الألماني. ذلك أن الاطلاع على طبيعة الإعلام الألماني ودوره والاستفادة من تجاربه الجيدة والسيئة كانا هدف سائر المشاركين من وراء حضورهم الورشة.
الصحفية المشهورة عبير سعدي مثلا، التي تشغل أيضا منصب وكيل نقابة الصحفيين، اُعجبت كثيرا بالتنظيم الذاتي الذي تتميز به الساحة الإعلامية في ألمانيا، والذي تمكّن الصحفيون الألمان من خلاله على مر العقود من الحيلولة دون سن قانون فيدرالي للصحافة في ألمانيا. واعتبرت سعدي أن توقيت الدورة مناسب جدا، خاصة في ظل ما وصفته ب"الهجمة الشديدة التي تتعرض لها وسائل الإعلام في مصر، وفي ظل محاولات إعادة تفعيل الكثير من القوانين الإعلامية، التي تزيد من القيود على وسائل الإعلام". وأكدت قائلة: "لذا فالتنظيم الذاتي ليس خيارا بالنسبة لنا بل هو ضرورة ولا بديل له".
أما إبراهيم منصور رئيس تحرير صحيفة التحرير، التي تعد من أهم الصحف المؤيدة للثورة في مصر، فهو يرى المقدار الكافي من أوجه الشبه بين الساحتين الإعلاميتين الألمانية والمصرية بما يسمح بتطبيق النموذج الألماني في مصر، سواء فيما يتعلق بطبيعة وسائل الإعلام من إعلام خاص وآخر عمومي، أو حتى التشابه في التجربة مع الأنظمة المستبدة. ويوضح قائلا: "بإمكاننا أن نستفيد كثيرا من الخبرات والتجارب الألمانية، خاصة وأن ألمانيا عرفت في شطرها الشرقي سابقا إعلاما سيطرت عليه الحكومة تماما"، مشيرا إلى أن الدستور المصري لعام 1954 تضمن "مادة مشابهة للمادة الخامسة في الدستور الألماني التي تكفل حرية الإعلام". ولكنه يقول في الوقت نفسه "نعيش حاليا صراعا مع السلطة الحاكمة، أي العسكر والجماعات الإسلامية، حول من سيكتب الدستور الجديد".
الاستشارات والدورات التدريبية في طليعة الطلبات
وحرص عدد من أعضاء الوفد على تعديد وتنويع المصادر التي يودون الاعتماد عليها أثناء إعادة بناء الساحة الإعلامية في مصر، فمنهم من زار الهند بدعوة من نيودلهي مثلا، بينما سيحل آخرون ضيوفا على فرنسا وبريطانيا لمعاينة أداء إعلامهما عن كثب. أما فيما يتعلق بأفق التعاون مع ألمانيا، فقد أعربت عبير سعدي عن أملها في أن يقوم خبراء ألمان بزيارة مؤتمرات الإعلاميين المصريين في الفترة القادمة للحديث أمام أكبر عدد ممكن من أعضاء نقابة الصحفيين ومندوبي مؤسسات المجتمع المدني. إضافة إلى الاستفادة من دورات تدريب للصحفيين في عدة مجالات من أجل تطوير القدرات المهنية خاصة في الوسائط المتعددة والإعلام الجديد.
بشير عمرون
مراجعة: شمس العياري