هل يعيش إسلامييو تونس "انقساما داخليا"؟
٩ أبريل ٢٠١٤أجرت حركة النهضة الإسلامية في الأيام الماضية استفتاء داخليا أفضى إلى تأجيل مؤتمرها المقرر في تموز/ يوليو المقبل إلى ما بعد فترة الانتخابات البرلمانية والرئاسية والمقرر عقدها نهاية العام الجاري بسبب مخاوف من أن يؤثر انعقاده على استعداداتها لها. وتزامن تأجيل المؤتمر مع تنامي حالة عدم رضا بعض إطاراتها وقواعدها على أداء القيادة الحالية بسبب خياراتها السياسية وتقاربها مع حزب نداء تونس، بقيادة رئيس الحكومة الأسبق الباجي قايد السبسي، ورفضها لمسألة العزل السياسي لمنتسبي حزب التجمع المنحل، حزب الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي.
وقد دفعت حالة عدم الرضا هذه ببعض أعضاء حزب حركة النهضة الإسلامي إلى الاستقالة منه وتأسيس حزب جديد، على غرار القيادي رياض الشعيبي الذي أسس رفقة عدد من أعضاء حزب حركة النهضة المستقلين "حزب البناء الوطني".
حالة عدم رضا أم خلافات سياسية؟
ويعلل مؤسسو الحزب الجديد استقالتهم من حزب حركة النهضة بأدائه السلبي، سواء عندما كان في الحكومة أو على الساحة السياسية بصفة عامة. كما يعيبون عليه "غياب الديمقراطية الحقيقية" في صفوفه، وفق ما صرح بذلك النائب بالمجلس التأسيسي المستقيل من الحركة خليد بلحاج لصحيفة الشروق التونسية. ويبدو أن التنازلات السياسية التي قدمتها حركة النهضة مثل خروجها من الحكم وتقاربها من حزب نداء تونس الذي يضم عددا من رموز نظام بن علي، قد عجلت باستقالة عدد من قياداتها.
وقد شكل إعلان حمادي الجبالي، الأمين العام للحركة ورئيس الحكومة السابق، استقالته من الأمانة العامة رجة كبيرة في صفوف الحركة وصاحبها جدل كبير في المشهد السياسي التونسي. ولم يوضح الجبالي أسباب استقالته، مكتفيا بالقول في بيان بأنها "ذاتية وموضوعية ولا أرى ضرورة أو فائدة في الخوض فيها خارج أطر الحركة ".
ويعزو القيادي في حركة النهضة لطفي زيتون – في حوار مع صحيفة المغرب التونسية – أن ما يعيشه الحزب حاليا إلى "عملية تدافع تاريخي بين المدارس الفكرية والسياسية"، رافضا الحديث عن حدوث أي انقسامات.
من جهته، استبعد خالد الحداد، الصحفي والباحث في علوم الإعلام في تصريح لـ DW عربية، "أن يشهد حزب حركة النهضة انقسامات حادة بمعنى اهتزاز صلابته التنظيمية والهيكليّة التي صمدت لعقود طويلة وفي أوضاع أكثر صعوبة (خلال حكم الرئيس المخلوع بن علي) عندما كان أعضاؤها وأنصارها يعيشون الملاحقة والتضييق والسجون والمنافي".
خلافات حقيقية
بيد أن بعض المتابعين للمشهد السياسي التونسي يرون أن حركة النهضة تشهد خلافات حقيقية. ففي سياق متصل، يقول منذر بالضيافي، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية والذي أصدر مؤخرا كتابا حول "تجربة النهضة في الحكم"، إن ما تشهده حركة النهضة من استقالات، إنما "يعبر عن وجود خلافات حقيقية داخلها". ويفسر بالضيافي ذلك في حديث لـDW عربية "بغياب النقد الذاتي للحركة نفسها" وكيفية تعاملها مع بعض الملفات وخاصة منها الأمني.
ويعتبر بالضيافي أنه مثلما "اختارت النهضة تأجيل كل المسائل العالقة إلى ما بعد الانتخابات" التشريعية والرئاسية المزمع تنظيمها نهاية العام الجاري، قد "اختارت أيضا الهروب من استحقاقات التقييم والنقد، مع ظهور أصوات تنتقد رئيس الحزب راشد الغنوشي وتحمله مسؤولية التفريط في الخط السياسي للحركة والتصالح مع رموز النظام السابق".
ويرى آخرون أنه مهما تكن طبيعة الخلافات داخل حركة النهضة، فإنها تدخل ضمن إعادة تشكل المشهد السياسي التونسي الذي يستعد لانتخابات طال انتظارها .