هل يُقلم نتانياهو أجنحة صقور حكومته الجديدة؟
٣٠ ديسمبر ٢٠٢٢بصفتهما من كبار الشركاء في الائتلاف الذي أعاد بنيامين نتانياهو لرئاسة الحكومة الإسرائيلية، سيكون لإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ثقلهما في مراكز صنع القرار في السلطة، وهو مشهد يثير قلق اليسار العلماني الذي هيمن في وقت من الأوقات على المشهد السياسي، فضلا عن دول صديقة في الغرب.
ولجأ نتانياهو للقوميين المتشددين بعدما قاطعته أحزاب تنتمي لتيار الوسط بسبب محاكمته التي طال أمدها في تهم فساد. ويحتاج نتانياهو لدعمهم ليبقى في السلطة بينما يدفع ببراءته أمام القضاء. لكنه ينفي أن يعني ذلك الانصياع لمطالبهم.
"يمينية ليبرالية"؟
قال نتانياهو لتلفزيون العربية في 15 كانون الأول/ديسمبر: "سأدير دفة تلك الحكومة. الأحزاب الأخرى هي التي تنضم إليّ ولست أنا من ينضم إليهم" متعهدا بالتزام سياسة "يمينية ليبرالية". وإضافة إلى ذلك قال "كثيرون منهم تغيروا وأصبحت آراؤهم أكثر اعتدالا، يرجع ذلك بالأساس إلى أن تولي السلطة تأتي معه المسؤولية".
وربما شكل صعود أفيغدور ليبرمان في 2006 سابقة مماثلة، فقد كان شخصية مثيرة للجدل وأثار تعيينه نائبا لرئيس الوزراء وقتها نفس ردود الفعل تقريبا التي يثيرها صعود بن غفير وتضمنت تحذيرات من ليبراليين من نشوب حرب أهلية، ووصل الأمر ببرنامج ساخر هو الأبرز وقتها في التلفزيون الإسرائيلي لوصف ليبرمان بأنه "نازي". لكن ليبرمان أثبت أنه قادر على التكيف سياسيا. وشارك في العديد من الائتلافات الحاكمة التي ضم أحدها حزبا إسلاميا، وانتهى به المطاف في المعارضة التي وصم منها حلفاء نتانياهو الجدد بأنهم "متعصبون ومتطرفون".
واستطاع ليبرمان في الوقت نفسه أن يشاغب سياسيا وهو في صفوف اليمين. وعندما شغل منصب وزير الخارجية في حكومة سابقة برئاسة نتانياهو، روج علنا لتبني نهج أكثر تشددا مع الفلسطينيين عن رئيس الوزراء. وفي ولاية لاحقة، استقال ليبرمان من منصب وزير الدفاع في حكومة لنتانياهو احتجاجا على هدنة مع غزة اعتبرها بالغة التساهل.
واحتفظ حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو وينتمي للمحافظين بحقيبتي الدفاع والخارجية. لكن ربما تتسبب الطريقة التي يتم بها لنظر إلى أفعال بن غفير وسموتريتش في إثارة مواقف قابلة للاشتعال بالنسبة إليه. على سبيل المثال، إذا قرر أحدهما زيارة حرم المسجد الأقصى أو ربما الصلاة فيه.
وخلال السنوات الخمسة عشرة السابقة التي كان فيها نتانياهو على رأس الحكومة استفاد أيما استفادة من وجود الصقور في حكومته أو قلم أجنحتهم عندما اقتضت الضرورة. لكن وقتها كانت لديه أحزاب من اليسار.
وقال يوحانان بليسنر رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية "لأن كل الأحزاب المشاركة في الحكومة الجديدة أكثر يمينية من نتانياهو، سيكون من الصعب عليه أن يكرر هذا الدور هذه المرة... هل يريد ذلك؟".
ضبط الإيقاع
فيما يتعلق بدعوات بن غفير وسموتريتش بشأن عمليات ضم في الضفة الغربية، فموقف نتانياهو المعروف هو التأييد، بينما يتجنب في الوقت نفسه التحرك على الأرض فعليا بما قد يجازف بتصعيد المواجهات مع واشنطن أو شركاء عرب.
لكن سموتريتش تمكن بالفعل من أن يوسع مكانا لنفسه داخل مجلس الوزراء في موقع يشرف من خلاله على المستوطنات التي تعتبرها أغلب القوى العالمية غير قانونية بسبب بنائها على أراض يريدها الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها.
وقال أموتز أسا-إل الزميل الباحث في معهد شالوم هارتمان "يمكن أن يكون له تأثير في مضاعفة وجود إسرائيل في الضفة الغربية وترسيخه" مشيرا إلى وتيرة سموتريتش السريعة في تشييد البنية التحتية عندما كان وزيرا سابقا للنقل.
لكن على النقيض فهذه هي أول مرة لبن غفير في منصب حكومي. ويتوقع أسا-إل أنه كوزير للأمن القومي ومسؤولا عن الشرطة سيركز على المسائل المتعلقة بالقانون والنظام ذات الأهمية للكثير من الإسرائيليين بما في ذلك العرب الذين يعانون من مستوى الجريمة، وأثار بن غفير من قبل حفيظتهم.
وقال أسا-إل "بعد أن يضفي شرعية على موقعه في الدوائر الإسرائيلية الأوسع، سيخطو صوب المسائل التي لا يتفق الجميع عليها، خاصة الضفة الغربية". لكنه ربما سيضطر للانتظار لأن حقيبة بن غفير لا تمنحه صلاحيات وسلطات كبرى في الضفة الغربية التي تخضع بشكل عام لسيطرة الجيش.
من يفوز في النهاية؟
هناك من يقول إن بن غفير (46 عاما) وسموتريتش (42 عاما) يمكنهما تحمل تأجيل بعض النقاط في أجندتيهما في هذه الجولة مع نتانياهو (73 عاما).
وقال دانييل شابيرو وهو سفير أمريكي سابق لدى إسرائيل وحاليا زميل شرفي في المجلس الأطلسي "لكن هذا يعتمد على ضبط النفس من أشخاص لديهم وجهات نظر أيديولوجية بالغة الاختلاف عما شهدناه في أي حكومة إسرائيلية من قبل".
كان بن غفير ينتمي ذات يوم إلى (كاهانا حي) وهي جماعة يهودية متشددة مدرجة على القائمة السوداء في إسرائيل والولايات المتحدة بسبب توجهاتها شديدة العداء للعرب. وينبع دفاع سموتريتش عن المطالب اليهودية بالسيادة على الضفة الغربية من الإيمان العقائدي بنبوءات الكتاب المقدس.
ويقول شابيرو إن الأجيال السابقة من المنتمين لليمين المتطرف في الحكومة "أظهروا اهتماما وقدرة على الدخول في حوار حقيقي مع الولايات المتحدة ولاعبين دوليين آخرين وبدا أنهم يدركون حدود السعي وراء تحقيق بعض أكثر مواقفهم الأيديولوجية تشددا". وتابع قائلا "سنرى إن كان هذا النهج سيميز أيضا أداء أعضاء الائتلاف الحاكم الجديد".
وقال آلان ديرشوفيتز وهو رجل قانون أمريكي يهودي بارز قدم المشورة من قبل للعديد من الزعماء الأمريكيين والإسرائيليين: إن بن غفير وسموتريتش تنصلا من العنصرية ورهاب المثليين في اجتماعات معه هذا الشهر. وأضاف لرويترز "كلمة ‘التوازن‘ ترددت كثيرا" في تطميناتهما خلال المحادثات. وتابع ديرشوفيتز "بالطبع كانا بطريقة أو بأخرى يحاولان أن يتركا لدي انطباعا إيجابيا... دعونا نرى ما الذي سيحدث عندما لا أكون هنا ويدفعهم الآخرون ليكونا أكثر تطرفا. هذا هو الاختبار الحاسم".
خ.س/ع.ج (رويترز)