"هناك ميل غربي للتعامل مع الشرق من موقع المعلم"
١٣ فبراير ٢٠٠٦دعا الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان الصحافة الغربية إلى الحذر وتحمل مسؤولية أكبر على صعيد التعامل مع الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد. وجاءت دعوة انان في الوقت الذي قامت فيه عدة صحف غربية بإعادة نشرها بحجة الدفاع عن حرية الصحافة. عدد من المحليين والخبراء يرى أنها لم تقم بذلك من اجل التأكيد على هذه الحرية ، وإنما من أجل تغليف الصراع على المصالح السياسية بصراع حضارات بين الإسلام والغرب. الخلافات بين الشرق والغرب كانت موضوع ندوة أقيمت في بون تحت عنوان: " الصور العدائية تجاه الشرق والغرب".
الغرب لا يتفهم خصوصية الشرق
يذهب الدكتور هاشم الأيوبي عميد معهد الفنون الجميلة في جامعة بيروت اللبنانية إلى حد اعتبار الرسوم بمثابة تحضير نفسي للحرب على الإسلام. "إن تصوير النبي كإرهابي في هذه الرسوم يعني أن كل المسلمين إرهابيون"، ويضيف: "هكذا بدأ التحضير للحرب ضد اليهود في أوروبا وعليه فإننا خائفون كذلك". وتظهر ردود الأفعال الغاضبة في العالم الإسلامي التعبير عن الغضب والخوف، وخاصة لدى الفئات الفقيرة التي رأت في الرسوم هجوما عليها. فيؤدي ذلك إلى توليد شعور بأن العالم الغربي يريد الاعتداء على أهم ما تبقي لديها لتفخر به وهو معتقدها. وتكمن المشكلة في أن الغرب يتصرف إزاء ذلك كالأعمى ودون تفهم لخصوصية الشرق. وعليه يوجه ارنولد هوتنغر مراسل جريدة نويه تسوريشه تسايتونغ ما يشبه التحذير إلى الغرب مطالباً إياه فيه بالتأمل فيما يفعل: "على الغرب أن يعي حقيقة أن الرسوم الكاريكاتورية موجهة ضد أقلية إسلامية أصبحت جزءا من سكانه، وأن الإساءة لمعتقداتها أمر غير أخلاقي. أما تبرير ذلك بحرية الصحافة فهو دعاية واستفزاز".
استغلال ردود الفعل سياسيا
وقد تم استغلال هذا الاستفزاز من قبل العديد من الحكومات في العالمين العربي والإسلامي. ومما أرادته من خلال ذلك إبعاد أنظار الرأي العام عن فشلها في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في بلدانها. ففي بلدان مثل إيران وسوريا لا يمكن القيام بمظاهرات دون موافقة الدولة. وهكذا ظهر في وقت لاحق أن الصراع ليس صراع حضارات وإنما من أجل مصالح سياسية واقتصادية. وهذا ما يؤكد عليه هوتنغر الذي يرى أن ما حصل تعبير عن حالة كارثية تسود في إسرائيل/ فلسطين والعراق.
حرية الصحافة ليست بحاجة إلى توضيح
يشكل النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي والوضع في العراق محور مشاكل الشرق الأوسط. وعلى ضوء ذلك هناك شعور في العالم الإسلامي بأن الغرب يتعامل معه من موقع المعلم. والوضع الذي نعيشه الآن تعبير عن ذلك. يريد الغرب توضيح معنى حرية الصحافة للشرق. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هناك حاجة لذلك؟. إن أي صحفي يعاني من عدم توفر هذه الحرية ولو بعض الشيء يفهم ذلك كما يقول أكثم سليمان مراسل قناة الجزيرة في برلين. ويضيف سليمان: "هناك ميل غربي للتعامل مع الناس في الشرق الأوسط من موقع المعلم".
الحوار على أساس الاحترام
المشاركون في المنتدى أكدوا على ضرورة الاحترام المتبادل بين الشرق والغرب والحوار على أساس التنوع الثقافي. ويبدو الحوار أكثر أهمية من أي وقت مضى ليس فقط على ضوء ما حدث من ردود أفعال على الرسوم الكاريكاتورية، وإنما على ضوء أحداث أخرى في مقدمتها فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة. الأيوبي يرى أن التنوع الثقافي لا ينبغي أن يكون سببا لعدم التواصل، "لدينا عقليتنا وثقافتنا وقيمنا كما لدى الغرب قيمه وثقافته. غير أن ذلك لا يعني أننا أعداء". ويضيف: "سئلت مرة ما هو إحساسك كعربي ومسلم يعيش في الغرب. كان جوابي عندما أكون في الغرب أدافع عن الشرق وعندما أكون في الشرق أدافع عن الغرب".
ماريام بوناكدار