خلال فترة توليه منصب مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية في عهد الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون واصلت الولايات المتحدة شن هجمات على حركة فيت كونغ المناوئة أثناء حرب فيتنام. وفي السنوات التالية لقي 100 ألف فيتنامي آخرون وأكثر من 25 ألف جندي أمريكي حتفهم. كما تعرضت كمبوديا المجاورة والمحايدة للقصف من قبل الطائرات الأمريكية في انتهاك للقانون الدولي. من خلال محادثات سرية مع الفيتنامي الشمالي لي دوك ثو توصل كيسنجر أخيرًا إلى إنهاء حرب فيتنام، ومنحا الاثنان لذلك جائزة نوبل للسلام في عام 1973؛ غير أن لي دوك ثو رفض استلامها. وفيما يخص العلاقة مع الصين، اعتبر كيسنجر مهندس الانفراج في العلاقات بين واشنطن وبكين. وقد مهد لذلك خلال رحلات سرية إلى الصين. وعندما اندلعت حرب يوم الغفران بهجوم مصر وسوريا على إسرائيل في عام 1973، أكد كيسنجر من جديد قدراته كوسيط لوقف الحرب. خلال فترة كيسنجر، قام الجيش التشيلي بانقلاب ضد الرئيس سلفادور أليندي في عام 1973، وهو ما دعمته وكالة المخابرات المركزية بعلم من كيسنجر. كما تعرض وزير الخارجية الأمريكي لانتقادات كثيرة بسبب موقفه من غزو إندونيسيا لتيمور الشرقية المنافي للقانون الدولي. على الرغم من أنه لم يشغل منصبًا حكوميا منذ عام 1977، كان هنري كيسنجر أحد أهم مستشاري الرئيسين الأمريكيين رونالد ريغان وجورج بوش الابن. كما كانت لكيسنجر، الأستاذ السابق بجامعة هارفارد، علاقات شخصية مع غالبية رجال الدولة المهمين في النصف الثاني من القرن العشرين، وصديقًا مقربًا للمستشار الألماني الأسبق هيلموت شميت. في عام 2007 نجح صانع الأفلام الوثائقية شتيفان لامبي في إجراء مقابلة مع هنري كيسنجر للحديث عن حياته السياسية ومحطاته المهمة. نتج عنها مقابلة فريدة من نوعها حول السلطة والأخلاق. في هذا الفيلم الذي يظهر بحثا معمقا لمادته، تحدث عدد كبير من شهود العصر رفيعي المستوى، من بينهم جورج بوش الابن وألكسندر هيغ وجيمس شليسنجر وهيلموت شميت ونورمان ميلر وكارل بيرنستين. كما استخدم الفيلم مشاهد خاصة ملتقطة بكاميرا سوبر 8 وتسجيلات تنصت سرية للمكتب البيضاوي. وبذلك يقدم الفيلم لمحة استثنائية عن البيت الأبيض في السبعينيات. أسرار الولايات المتحدة كقوة عظمى، وأعمال قصف جوي، وعمليات لجهاز الاستخبارات الأمريكية، ورحلات سرية إلى حكومات معادية، وعمليات تنصت على موظفين، تَظهر وقد سلط عليها ضوء جديد، بتعليق من شخصية كانت في مركز السلطة: هنري كيسنجر.